يدور الباب الأول حول الإصحاح الأول من سفر التكوين، ويقول " ديفيد أتكنسون".. " يشكل الإصحاح الاستهلالي لكتابنا المقدَّس قصيدة من الجمال والجلال. تُعد بحق ترنيمة تسبيح وتمجيد لعظمة وجلال الله الخالق. ولا يعني قولنا هذا أنها كُتبت بالضرورة كترنيمة عبادة، بل بالأحرى أن عددًا لا يُحصى من المؤمنين على مر الأجيال، وجدوا أن هذا الإصحاح يُحفِز على التسبيح. ومن خلال تناغمات تراكيبه الرائعة، نجد قلوبنا، وقد تآلفت مع موسيقى السماء، وارتفعت أذهاننا لنتأمل في الله، باعتباره مصدر الوجود وحافظه. فهذا الإصحاح يدعونا إلى أن ننحني باتضاع، خضوعًا أمام كلمته الخالقة، ثم أنه يُعرّفنا موقعنا في المشهد الشامل لمقاصد الله، بالنسبة لخلقته كلها"(1).
ويقول "هيربرت وولف". "إن الإصحاحات الأولى من سفر التكوين تعتبر من أروع وأجمل ما كُتب في الكتاب المقدَّس، وإن الآيات الأربع والثلاثين التي تتعلق بخلق السموات والأرض حتى اليوم السادس تعطينا وصفًا رائعًا وصورة جمالية عن ذلك. إن كل كلمة دوَّنها موسى عن خلق الضوء في اليوم الأول إلى أن خلق الله الإنسان على صورته في اليوم السادس لها تأثيرها العميق على الإنسان. إن هذا العمل العظيم قد أتممه الله بجهد لا يُذكر وبطريقة طبيعية، حتى أن الله نفسه أعلن " أنه كان حسنًا جدًا " وعندما أتمَّم الله كل شيء استراح في اليوم السابع وجعله يوم راحة.
إن هذا الإصحاح يبين لنا إتمام الخليقة ببساطة بالغة وبجمال كامل، ولكن هل يمكن أن يُفسر هذا حرفيًا، وفي صورة مجازية؟ هل هو نص أدبي جميل، أو رسالة علمية، أو كليهما معًا جمال الأدب وتفهم العلم، وهل اليوم المذكور في الإصحاح هو ما نعتبره أربعة وعشرين ساعة أو حقبة زمنية طويلة؟ وهل تتمشى لغة الإصحاح مع تطوُّر الخليقة كما صُوّرت أم لا؟ كل هذه الأسئلة والموضوعات أثارت اهتمامًا كبيرًا، ومازالت إلى الآن تثير الكثير من الجدل حتى بين الكثير من المؤمنين.
وفي تناولنا للغة والتركيبات الأدبية سابقًا بينت أن لغة الإصحاحات من 1 إلى 11 تتوافق مع نفس لغة وتركيبات الإصحاحات من 12 إلى 50، إلاَّ أن الإصحاح الأول قد كُتب بنوع من النثر الرفيع والذي يقرب من لغة الشعر، وهذا يظهر أيضًا من وقت لآخر في باقي الإصحاحات وكما نراه مثلًا في المزمور 104، كذلك نجد نوعًا من القافية في الترجمة العربية وأيضًا في لغته العبرية، وهذا يمكن أن يشاهد في الآيات الأولى من الإصحاح والتي في مقاطعها الشعرية تتشابه مع الكثير من مزامير داود المدوَّنة في لغتها العبرية، وعلى كلٍ فإن اللغات سواء العبرية أو العربية أو الإنجليزية تختلف في تركيباتها إلاَّ أننا نجد أن الهدف الأساسي لكل منها هو إظهار القدرة الإلهية في عمل الخليقة، وأن الله نفسه كائن وموجود قبل هذه الخليقة وأنه أكثر علوًا وسموًا من كل مظاهر هذه الخليقة"(2)(3).
ومن خلال هذا الباب نناقش معًا يا صديقي الفصول الآتية:
1 | الفصل الأول: سفر التكوين وأصل الكون (الأسئلة من 143-163) |
2 | الفصل الثاني: أصل الكون وكيفية نشأته (الأسئلة من 164-198) |
_____
(1) سلسلة تفسير الكتاب المقدَّس يتحدث اليوم - سفر التكوين جـ 1 ص 19
(2) AN INTRODUCTION TO THE OLD TESTAMENT PENTATEUCH, P 82 - 83
(3) ترجمة خاصة للبحث بتصرف قام بها مشكورًا الأستاذ الفاضل بشرى جرجس خليل أستاذ اللغة الإنجليزية بأكليريكية طنطا
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/index3a.html
تقصير الرابط:
tak.la/g5qzr4x