لقد وصل الأمر بالنقد الكتابي إلى إنكار شخصية يسوع المسيح التاريخية (يسوع التاريخ) فقال بعضهم إنه لم يكن في التاريخ شخص باسم يسوع مثل " روبرتسون " Robertson سنة 1900م، و" جنسن " Jensen سنة 1906م، و" سميث " W. B. Smith سنة 1906م، و" دريوز " A. Drews سنة 1909م، بينما أقرَّ آخرون بأنه كان هناك شخص في التاريخ باسم يسوع (يسوع التاريخ) ولكنه لم يكن قط بالصورة التي رسمها له المسيحيون الأوائل (مسيح الإيمان)، فقد أخذوا يضخموا في شخصيته حتى جعلوه ابن الله صانع المعجزات قاهر الموت، والحقيقة (من وجهة نظرهم) أن هناك بون شاسع بين يسوع التاريخ ومسيح الإيمان، وأصبح موضوع تاريخية يسوع من المواضيع الشائكة بعد أن قالوا أن إستخراج سيرة يسوع من الأناجيل أمر بعيد المنال، لأن الأناجيل لم تخبرنا إلاَّ قليلًا عن حياته قبل أن يبدأ خدمته في سن الثلاثين من عمره، وأن المعلومات التي ذكرتها الأناجيل عن حياة يسوع لم تأتِ مرتبة ترتيبًا، لأن كتَّاب الأناجيل اهتموا بالأكثر بالكرازة أكثر من اهتمامهم بتسجيل تاريخية يسوع، ونادت بعض المدارس الألمانية بالآتي:
أ - أن قصص الأناجيل عبارة عن عناصر متناثرة سطحية.
ب- لا تعتبر الأناجيل مستندات تاريخية، لأنها لم تُؤلَف من أجل هذا الغرض، إنما كُتبت لتشرح من هو يسوع بالنسبة للإيمان..؟ إنها تحدثت بالأكثر عن يسوع الإيمان لتُثبّت وتقوي إيمان المسيحيين.
ج- من الصعب التميّيز بين ما هو تاريخي، وما هو غير تاريخي في حياة يسوع التي وردت بالأناجيل.
وفي سنة 1923م دار نقاش حاد بين " هارنك " أستاذ تاريخ العقائد المشهور بألمانيا، و" كارل بارت " فكان هارنك يرى " أن البحث العلمي والتاريخ والنقد التاريخي هي الأدوات التي بها وعن طريقها يجب الوصول إلى تكوين عقيدة منطقية وصحيحة عن المسيح، يمكن أن يقبلها الإنسان العصري، والتي بها يجب شرح الكتاب المقدَّس الغامض، والتميّيز بين يسوع الأحلام (مسيح الإيمان) ويسوع الحقيقة (يسوع التاريخ). أما كارل بارت فقد رفض رفضًا باتًا فكرة هارنك، لأنه كان يؤمن أن العلم الأكيد والصحيح لا يأتي إلاَّ عن طريق الإيمان الذي يعطيه الله نفسه (للإنسان) لأننا لا نعرف المسيح حسب الجسد كما يقول الرسول {إذًا نحن من الآن لا نعرف أحدًا حسب الجسد. وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد} (2كو 5: 16) وهنا نلاحظ أن كارل بارت يضع على رأس القائمة الوحي الإلهي وليس البحث العلمي والنقدي للتاريخ للوصول إلى معرفة المسيح" (Joan Robinson pp. 44 - 46) (1).
وإن كانت بدعة الفصل بين يسوع التاريخ ومسيح الإيمان قد نبعت من مدرسة نقد الشكل، فدعنا يا صديقي في هذا الفصل نتعرف على مدرسة نقد الشكل وكيفية ظهورها، وطبيعة أهدافها، وكيف فصلت بين شخصية يسوع التاريخية (يسوع التاريخ) وبين ما دوَّنته الأناجيل عن شخصية (مسيح الإيمان)، ومن هم النقاد الذين أيدوا فكرة هذا الفصل وحججهم المختلفة. كما نتعرف في هذا الفصل أيضًا على جماعة " سيمنار يسوع " وأفكارها الهدامة، ثم نتطرق للأدلة على أن يسوع التاريخ هو هو مسيح الإيمان بشهادة المؤرخين الوثنيين والمؤرخين اليهود الذين عاصروه أو كانوا قريبين منه زمنيًا، وكذلك شهادة أسفار العهد الجديد والمسيحيين الأوائل، وأخيرًا نستعرض آراء عشرات النُقَّاد المحافظين الذين رفضوا هذا الفكر:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/index2e.html
تقصير الرابط:
tak.la/36fyjwt