1- البحث الأول: يتمثل في كتاب " حياة يسوع " الذي أصدره " دافيد شتراوس " سنة 1835م وأوضح فيه عدم جدوى المدخل العقلاني لفهم حياة السيد المسيح، واعتبر شتراوس أن معجزات المسيح التي وردت في الأناجيل هي أساطير، وأن البعض من هذه المعجزات المدوَّنة في الأناجيل تشبه قشرة يجب إزالتها حتى نصل إلى تعاليم يسوع.
ويرى " جابري هابرمس " أن المحاولات التي تشكك في يسوع التاريخ لم تجد قبولًا لدى الباحثين المدققين، فقال " هناك محاولات كثيرة شهيرة للشك وتكذيب يسوع الأناجيل (أي يسوع كما أظهرته الأناجيل) حتى أنه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت هذه المحاولات شائعة وسائدة، ولكنها تعرضت لرفض جماعي من قِبل الباحثين المدققين، خاصة الذين يذكرون المحاولات المماثلة التي ثبت عدم صحتها منذ وقت طويل"(1)(2).
2- البحث الثاني: ظهر سنة 1953م بتشجيع من " أرنست كارمان " بهدف التواصل بين يسوع التاريخ ومسيح الإيمان، ووُلِد أرنست كارمان سنة 1906م وهو لاهوتي تتلمذ على يد بولتمان في ألمانيا، وأصبح متخصصًا في العهد الجديد، وألَّف عدة كتب باللغة الألمانية(16) ويرى أرنست أن الجماعة المسيحية الأولى اهتمت بالتبشير أكثر من اهتمامها بمسيح التاريخ، حتى أنها نسبت العظات التي قالها الرسل عنه إليه شخصيًا، فقال " لم تكن الأهمية التاريخية، وإنما الرغبة في التبشير بالمسيح هي التي سيطرت عليهم... فلا يوجد سوى بعض كلمات قليلة من الموعظة على الجبل، ومن صراعه مع الفريسيين، وعدد من الأمثال وبعض المواد المبعثرة من مختلف الأنواع تُرجع بأي درجة الاحتمالية التي تؤيد أن يسوع المسيح هو نفسه يسوع التاريخي. ومن بين أعماله نحن لا نعرف غير أنه كان يمتلك شهرة بأنه صانع معجزات وأنه أشار بنفسه إلى قدرته على طرد الأرواح الشريرة وأنه صُلب في النهاية على يد بيلاطس البنطي، وقد حلَّت العظات التي قيلت عنه تقريبًا بشكل كلي وتام محل عظاته وتعاليمه هو. ويبدو هذا بأكثر وضوحًا في إنجيل يوحنا الذي ليس فيه أي قدر على الإطلاق من التاريخية"(3).
3- البحث الثالث: ويتمثل في مجموعتين:
أ - مجموعة المنظور الجديد: التي تضع يسوع في وضعه اليهودي الخاص بالقرن الأول.
ب- مجموعة سيمنار يسوع: وهي جمعية تأسَّست سنة 1985م تحت رعاية مؤسسة " سانت روز " بكاليفورنيا، وضمت بعض الباحثين في العهد الجديد من البروتستانت والكاثوليك الليبراليين بالإضافة إلى بعض اليهود الملحدين، ومعظمهم من أساتذة الجامعة الذكور، ومن خلال هذه الجمعية يلتقي نحو سبعين باحثًا مرتين سنويًا لإصدار بيانات عن مدى أصالة أقوال وأعمال السيد المسيح التي دوَّنتها الأناجيل، ونصف هؤلاء البحاث من خريجي كليات " هارفاد " أو " كلارمونت " أو " فندويلت " لللاهوت(4) وتحاول جماعة سيمنار يسوع أن تصل إلى الجماهير بأي طريقة لتعلن آراءها المضادة للإيمان القويم، ولذلك يلجأون إلى اللقاءات التليفزيونية والحوارات الصحفية والتسجيلات الصوتية. كما أنهم أنتجوا فيلمًا يدور حول آراؤهم، وهم يصرّحون بأنهم يخوضون في المقدسات بعدم احترام، فيقولون " أننا نمتحن ونتفحص ما يعتبره الملايين أعظم المقدسات ولذا فسنظل باستمرار نقترب من عدم احترام المقدَّسات"(5)(6) وتعتبر جماعة سيمنار يسوع جماعة غير مسيحية لأنها تنكر ألوهية السيد المسيح، ومعجزاته، وقيامته، وكثير من أقواله وتعاليمه، حتى أنه عندما تجتمع جمعية سيمنار يسوع يصوتون بالعلامات للوصول إلى أقوال يسوع التي نطق بها، فوضع العلامة الحمراء يعني أن هذا القول غالبًا يرجع في مصدره إلى يسوع، ووضع اللون الوردي (القرنفلي) يعني أنه من المحتمل أن يكون يسوع قد نطق بهذه الأقوال، ووضع اللون الرمادي يعني أنه من المحتمل أن مصدر هذه الأقوال هم أشخاص آخرون غير يسوع، ووضع اللون الأسود يعني أنه من المؤكد أن هذه الأقوال لم يتفوه بها يسوع، وتوصلوا إلى النتائج الآتية من وجهة نظرهم:
2 % وتمثل خمسة عشر مقولة يمكن اعتبارها أن يسوع تفوه بها.
82 % لم يتفوه بها يسوع.
16 % من الكلمات مشكوك في أصالتها.
وقد أوضح جيسلر النتائج التي توصلت إليها جماعة سيمنار يسوع وهي:
1- يسوع والمسيحية لم يعودا مناسبين الآن.
2- لا يوجد اتفاق بشأن شخصية يسوع، فقال البعض أنه فيلسوف آمن بالفضيلة، وقال البعض أنه حكيم، أو مصلح يهودي، أو مناصرًا للمساواة بين الجنسين، أو معلم ونبي يؤمن بالقيامة والدينونة.
3- أنكروا قيامة السيد المسيح، وقال " كروسان " أحد أعضاء جمعية سيمنار يسوع أن جثمان يسوع قد دُفن في قبر سطحي محفور والكلاب قد أكلت الجثة.
4- قالوا أن الأناجيل كُتبت في زمن متأخر، ولذلك لا يمكن الوثوق بها.
5- يمكن جمع الكلمات الأصلية التي تفوه بها يسوع شخصيًا من الوثيقة Q وإنجيل توما، وإنجيل مرقس السري، وإنجيل بطرس(7).
ويعلن " كرايج بلومبرج " رأيه في جماعة سيمنار يسوع فيقول " أن {سيمنار يسوع} وحلفاءه لا يعبرون عن أي إجماع للعلماء والباحثين فيما عدا بعض الراديكاليين الثانويين في هذا المجال. كما أن منهجيته متصدعة بشكل خطير، ونتائجها مشكوك فيها تمامًا(8)(9).
كما يقول جيلسران " الحق لا يقرّره تصويت الأغلبية"(10)(11) كما يقول أيضًا أن " معظم الأدلة التي يقدمونها... غير مؤكدة، وغالبًا غير موجودة إلاَّ في اقتباسات العلماء والباحثين الليبراليين من بعضهم البعض"(12)(13).
ويرى " جاري هابرماس " أن جماعة سيمنار يسوع يعلنون عن كراهيتهم للمعجزات، كما يعلنون عن إنكارهم للألوهة السيد المسيح وقيامته، فيقول " أنهم أمناء بدرجة كافية ليقرروا في البداية كراهيتهم وبغضهم لخوارق الطبيعة، ومن ضمنها الوهية وقيامة يسوع، وهم يرون أن العلم الحديث استطاع أن يجيب على كل التساؤلات بشأن هذه الأمور"(14)(15).
_____
(1) Habermas HJ , 98.
(2) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 492.
(3) Kasemann, ENT , 59 - 60.
(4) راجع جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 494.
(5) Geisler , BECA , 387.
(6) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 494.
(7) راجع جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 494.
(8) Blomberg , WDWSSJ , as cited inwilkins, JUF, 43.
(9) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 493.
(10) Geisler , BECA , 387.
(11) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 494.
(12) Geisler , BECA , 388.
(13) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 494.
(14) Habermas , HJ , 124.
(15) جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 495.
(16) راجع جوش مكدويل - برهان يتطلب قرارًا ص 609.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/114.html
تقصير الرابط:
tak.la/dft5x7z