علَّل " زينون كوسيدوفسكي " سقوط أسوار أريحا بوضع جذوع أشجار في أساساتها وإشعال النيران فيها، فيقول " فبفضل الوثائق المسمارية Cuneiform نعرف أن عملية زرع الألغام تحت أسوار القلاع، واحدة من أقدم الطرق التقنية التي عرفها البشر لحصار القلاع، إذ يقوم المقاتلون تحت جنح الظلام بالحفر حتى يصلوا إلى أساسات التحصينات، ويضعوا هناك جذوع الأشجار التي يشعلوها في لحظة ما، فتسقط الجدران في الحفر زارعة بذلك الفوضى في صفوف المُحاصَرين، وفاتحة طريقًا إلى المدينة في وجه المُهاجِمين. يمكن الافتراض أن مثل تقنية الحصار تلك استُخْدِمَت في أريحا. ولكي يبعد المُهاجِمون أنظار المُحاصَرين عن أعمال الحفر التي قام بها المقاتلون، استخدموا خطة ذكية اقتضت دورانهم حول السور بموكب عسكري ترافقه أصوات الأبواق وصيحات المقاتلين، ولا تتعارض آثار الحريق التي وجدت مع هذه النظرية، فسفر يشوع يذكر أن المدينة حُرقت بعد احتلالها بكل ما فيها"(1).
ج: 1- يعترف " كوسيدوفسكي " أن هذه الفكرة ما هي إلاَّ افتراض، فيقول " يمكن الافتراض أن مثل تقنية الحصار تلك استُخْدِمَت في أريحا " ونحن نقول له: أما نحن فنثق في كتابنا المقدَّس الصادق الأمين ونصدق كل ما قاله لنا عن أريحا وغيرها، فلماذا نُلقي بأنفسنا في دائرة الافتراضات والاحتمالات..؟! نحن لسنا في حاجة لهذه الافتراضات التي يفترضها إنسان ما، لكي نؤمن بوجود الله وتدخله في الأحداث، لأننا نؤمن ونثق ونصدق أن الله كائن معنا حاضر وسط شعبه منذ القديم وإلى أبد الآبدين... هو الذي شق البحر الأحمر بقوته، وهو الذي شق نهر الأردن في كبريائه وفيضانه، وهو أيضًا الذي أسقط أسوار أريحا المنيعة، وهو الذي أرسل ملاكه لسد أفواه الأسود فلم تلتهم دانيال البريء، وهو الذي أبطل قوة وسلطان النار على الثلاث فتية فلم تمس ملابسهم ولا شعورهم، وهو مازال يعمل معنا في كل وقت وفي كل حين.
2- قال " كوسيدوفسكي " أنه للتغطية على أعمال الحفر قام يشوع بخطة زكية، وهي طواف الموكب العسكري حول المدينة ترافقه الأبواق وصيحات المقاتلين، وهذا قول مجاف للحقيقة لأسباب عديدة:
أ - لم يكن الطواف حول المدينة خطة زكية من يشوع بن نون، إنما كان أمرًا إلهياَ ليشوع وشعبه.
ب- بينما يقول " كوسيدوفسكي " أن زرع الألغام كان يتم ليلًا فإن الموكب كان يطوف بالنهار في ضوء الشمس.
جـ- طاف الموكب ستة أيام، وفي اليوم السابع سبع مرات في صمت لم تصدر صيحة مقاتل واحد، إنما الهتاف جاء عقب سماع صوت القائد بعد انتهاء الدورة الأخيرة " أهتفوا لأن الرب قد أعطاكم المدينة" (يش 6: 16).
د - لو سقطت هذه الأسوار الضخمة بفعل الألغام التي صنعها الإنسان من جذوع الأشجار، فبلا شك أنها كانت ستطفئ هذه النيران، لأن الأسوار سقطت مكانها ولم تسقط للداخل، ولماذا يستشهد الناقد بسفر يشوع عن احتراق المدينة بينما هو لا يصدق رواية يشوع أن الأسوار سقطت بناء على الوعد الإلهي، وليس بتأثير الألغام الخشبية؟!
_____
(1) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 196.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/929.html
تقصير الرابط:
tak.la/yhxr562