ويقول فولتير " يؤكد كثير من علماء الفنون العسكرية أن أحلام الشهوة الجنسية ترتاد الفتيان الأقوياء الجسم عادة، ولذلك كان الأمر الذي يقضي بإبعادهم عن الجيش طيلة يوم كامل يتسم بالحمق وعدم الحكمة، وكان يمثل خطورة جدية، لأن المعارك الحاسمة كانت تقع في ساعات النهار. لقد كان من شأن مثل ذلك القرار أن يبث روح الجبن في صفوف الجيش. وأخيرًا ألم يكن من الأيسر لو اغتسل الرجل داخل المعسكر حتى تتوفر المياه من أن يخرج خارجه ليبحث عن الماء وقد يجده أو لا يجده"(1).
ج: 1- جاء في سفر التثنية " إن كان فيك رجل غير طاهر من عارض الليل يخرج إلى خارج المحلة لا يدخل إلى داخل المحلة. ونحو إقبال المساء يغتسل بماء وعند غروب الشمس يدخل إلى داخل المحلة" (تث 23: 10، 11) والمقصود بعارض الليل أي الاحتلام، فالمحلة ينبغي أن تكون مكانًا مقدَّسًا، وهذا الشعب ينبغي أن يكون شعبًا مقدَّسًا لا يشوبه دنس ولا نجاسة، ولذلك كان الرجل غير الطاهر يترك هذا المكان المقدَّس، ويقضي يومه خارج المحلة ليدرك أهمية القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب، وإن تساءل أحد وما ذنب المحتلم..؟ الحقيقة أن أحلام الشهوة الجنسية ترتاد الرجل المشغول والمنهمك في الأمور الجنسية، فما لا يستطيع أن يحققه في يقظته يحققه في نومه، أما الرجل الذي يحفظ أفكاره مقدَّسة فمهما كان قوي البنية فإن أحلامه بلا شك هي مقدَّسة، وحتى لو راوده حلمًا جنسيًا فإنه يستيقظ على الفور، لأن ما يرفضه في يقظته يرفضه في نومه أيضًا.
2- يصف فولتير هذا القرار بأنه قرار أحمق ينقصه الحكمة ويؤثر على صفوف الجيش، والحقيقة أن القرار في منتهى الحكمة، لأن قوة الجيش في طاعته للوصايا الإلهيَّة، لأن الحرب هي للرب، وهو الذي يهب النصرة لشعبه المطيع لوصاياه، الذي يحرص على قدَّاسة أفراده. ومن الملاحظ أن الرجل غير الطاهر هو الذي يحكم على نفسه، فليس هناك تفتيشًا يفرز غير الطاهر من الطاهر، إنما كل إنسان يحكم على نفسه، واثقًا أن مثل هذا القرار في صالحه، وفي صالح الجماعة المقدَّسة.
3- يقول القمص تادرس يعقوب " لما كان القدوس يود أن يكون شعبه مقدَّسًاَ في الداخل والخارج، فإن رأى إنسان حلمًا أثاره لا شعوريًا فإن هذا لا يُحسب خطية، لكن يليق به أن يغتسل حتى يكون جسده نقيًا، وأيضًا يغسل ثيابه كما جاء في (لا 15: 16).. ليس من حق الجندي وهو في وسط المعسكر إن احتلم أن يعطي نفسه عذرًا... فإن المعركة تدفعه بالعكس لا إلى تجاهل الشريعة بل إلى التدقيق في تنفيذها. لينسحب في ذلك اليوم من المعركة ويتمم شريعة التطهير هذه لكي يقف الله في صف الجيش كله. بحسب الحسابات البشرية هؤلاء المحتلمون إذ ينسحبون يسببون خللًا في الجيش فتقل قوة الجيش وقدرته، لكن بحسب الحسابات الإلهيَّة فإن انسحابهم تأكيد للاهتمام بقدسية الشعب والجيش فيكون القدوس نفسه هو القائد وهو واهب النصرة"(2).
_____
(1) أورده ليوتاكسل في كتابه التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 203.
(2) تفسير سفر التثنية ص 452.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/880.html
تقصير الرابط:
tak.la/fg7593h