St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

865- كيف يأمر الله بقتل النبي المرتد والحالم (تث 13: 1-5) أو الإنسان العادي المرتد (تث 13: 6-11) دون استتابة؟ وكيف يأمر الله بتحريم المدينة المرتدة وحرقها بالنار (تث 13: 12-18)؟ وأين حرية العقيدة؟

 

ويقول علاء أبو بكر تعليقًا على (تث 13: 12 - 16) " فلماذا تُحرق كل أمتعتهم وقد عوقبوا بالقتل؟ ولماذا تُحرق المدينة ولا تُبنى إلى الأبد؟ ألاَّ يعرف هذا الإله أن هذا الدخان مُدمر للبيئة ولصحة الإنسان؟ ألاَّ يعرف أن هذا يؤثر في طبقة الأوزون؟ وألاَ يعد هذا تخريبًا للبيئة وتدميرًا لصحة الإنسان والحيوان"(1). وكما يقول علاء أبو بكر " هل الرب رجل حرب أم مجرم حرب أم رجل محبة وسلام"(2).

ويقول أحمد ديدات " قتل المرتد ولو كان من أقرب ذوي القربى... (تث 13: 6 - 11) هكذا دون استتابة أو تحرٍ تأمر التوراة بقتل المرتد ويعيبون على الإسلام قتل المرتد في حين أن القرآن الكريم قد أورد ذكر المرتد بموضوعين لم يأمر الله بقتله في أي منهما بل اختص الله نفسه بعقاب المرتد مما يوحي بأن عقابه يوم القيامة أفظع من القتل وأشد. وإذا كان ثمة أحاديث نبوية توحي وتأمر بقتل المرتد حفاظًا على معنويات ومقومات الجماعة الإسلامية، فإن هذه مسألة فقهية تجتهد الشريعة الإسلامية عن طريق الاستتابة وتقدير ملابسات الحالة من وقوع ضرر أو عدم وقوعه وحدوث حرابة أو خيانة أو عدم حدوث ذلك لتخفيف ما يمكن تخفيفه من عقاب، ما لم يكن الارتداد مؤكدًا مصحوبًا بحرابة جماعة المسلمين مما يصل بمقترفه حد ما يسمونه الخيانة العظمى"(3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- جاء في سفر التثنية " إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلمًا وأعطاك آيةً أو أعجوبةً. ولو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها قائلًا لنذهب وراء آلهة أخرى لم تعرفها وتعبدها. فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم... ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يُقتل لأنه تكلم بالزيغ" (تث 13: 1 - 5).

فأولًا: عمل النبي هو أن يجتذب الشعب لله، فإذا فعل عكس وظيفته وأزاغ الشعب عن طريق الحياة، فلا يستحق هذا النبي أن يحيا، ومن العدل أن يُقتل وتنتهي حياته حتى لا يضل الشعب وراءه ويحرمه من الملكوت، وليكن عبرة للأجيال، ولاسيما أن الشعب كان في مرحلة الطفولة ومن السهل التأثير عليه، ولهذا قتل إيليا النبي أنبياء البعل الذين أضلوا الشعب وراء عبادة الأصنام (1 مل 18: 40).

ثانيًا: لا يمكن أن نحكم بمعايير القرن الواحد والعشرين على أحداث جرت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد وما بعده، ولنذكر مثلًا أنه عندما تأثر آسا الملك بنبوءة عوديد النبي تحرك قلبه ونزع الرجاسات عن أرض يهوذا، واجتمع مع الشعب في أورشليم " ودخلوا في عهد أن يطلبوا الرب إله آبائهم بكل قلوبهم وكل أنفسهم. حتى أن كل من لا يطلب الرب إله إسرائيل يُقتل من الصغير إلى الكبير من الرجال والنساء" (2 أي 15: 12، 13) فها هم البشر يقطعون عهدًا على أنفسهم بمفاهيم ذلك العصر وذلك باستئصال ليس الشر فقط، بل أيضًا الشرير الذي يتمسك بشره وعناده ويغوي غيره.

ثالثًا: من الممكن أن يستغل الشيطان أي إنسان حتى لو كان نبيًا يضعف أمامه، فيجرفه عن الإيمان المستقيم، بل ويصنع بواسطته عجائب خارقة لكيما يضل الشعب، فهكذا فعل الشيطان مع سيمون الساحر الذي فتن أهل السامرة من الصغير للكبير، حتى أنهم دعوه قوة الله العظيمة (أع 8: 9، 10) فالتوراة تعلمنا أنه لا ينبغي قط أن ننخدع بالآيات والعجائب والخوارق، وما أجمل قول السيد المسيح لتوما الرسول " طوبى للذين آمنوا ولم يروا" (يو 20: 29) فليكن إذًا جل اهتمامنا هو التمسك بالإيمان المستقيم الذي يربطنا بالله ويصل بنا للملكوت.

 

St-Takla.org Image: A torch of fire - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899. صورة في موقع الأنبا تكلا: مشعل نار - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

St-Takla.org Image: A torch of fire - from the book: Picture puzzles, or, How to read the Bible by symbols, by Beard, Frank, 1899.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مشعل نار - من كتاب ألغاز مصورة: كيف تقرأ الكتاب المقدس من خلال الرموز، فرانك بيرد، 1899 م.

2- ما ينطبق على النبي ينطبق على الإنسان العادي، مادام متمسكًا بضلاله وإضلاله للآخرين، فالإنسان الذي يصر على غواية غيره ويجتذبه لعبادة الأصنام، فهو يمثل مصدر خطر عظيم، مثله مثل الساحر الذي أعطى الله فيه حكمًا قائلًا " لا تدع ساحرة تعيش" (خر 22: 18) حتى لو كان هذا الإنسان هو " أخوك ابن أمك أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك" (تث 13: 6) كما أكدت الوصية على ضرورة فحص الأمر جيدًا قبل إصدار الحكم " إذا وُجد في وسطك... رجل أو امرأة يفعل شرًا في عيني الرب إلهك بتجاوز عهده. ويذهب ويعبد آلهة أخرى... وأُخبرت وسمعت وفحصت جيدًا وإذا الأمر صحيح أكيد عُمِل ذلك الرجس في إسرائيل. فأخرج ذلك الرجل أو تلك المرأة... وارجمه بالحجارة حتى يموت" (تث 17: 2 - 5).

 

3- ما ينطبق على النبي والحالم والإنسان العادي ينطبق أيضًا على أي مدينة، فضلال عدد كبير لا يبرر الموقف، وهذه الوصية هي التي حرَّكت بني إسرائيل الذين ملكوا في غرب الأردن لمحاربة أخوتهم الذين استوطنوا شرق الأردن، عندما ظنوا أنهم أقاموا مذبحًا عظيمًا غير مذبح الرب لإصعاد المحرقات والذبائح عليه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولكن عندما تحققوا الخبز فهموا الحقيقة أن سبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى قد أقاموا هذا المذبح شبه مذبح الرب كشاهد على نسبتهم لهذه الأمة (يش 22) فجاء الحكم الإلهي بأن المدينة التي تضل وتعبد الأصنام تُحرق لكيما تكون عبرة لبقية المدن. وهذه الوصية تُظهر بشاعة خطية إضلال الآخرين. ولعل هذه الوصية تذكرنا بما حدث فيما بعد لأهل جبعة الذي بلغ بهم الشر والشذوذ ما بلغ، فاجتمع عليهم كل بني إسرائيل وقالوا لسبط بنيامين " سلّموا القوم بني بليعال الذين في جبعة لكي نقتلهم وننزع الشر من إسرائيل" (قض 20: 13) ورفض البنيامنيون، فصارت حرب عظيمة قُتل فيها عشرات الألوف من بني إسرائيل ومن سبط بنيامين، وضُربت جيعة بحد السيف وأُحرقت بالنار (قض 20: 37 - 48).

وتقول الأخت الإكليركية مريم جرجس سليمان عزيز(5) " مادامت التهمة قد ثبتت على المدينة، فكان على جنود الشعب أن يحاربوها ويضربونها بالسيف ويحرموا أهلها حسب الشريعة ويحرقونها بالنار، بل يهدمون المدينة بكل ما فيها لتصير كومة عالية من التراب والأنقاض ولا يتقدم أحد لبنائها من جديد لتصر عبرة على مدى الأجيال، مثلها مثل المدن الوثنية كمدينة أريحا التي حرَّمها يشوع بأمر إلهي (يش 6) وكذلك مدينة عاي (يش 8)، ونلاحظ أن الرب كان يشدّد على شعبه بالقضاء على كل بادرة للوثنية، وإعدام المتمسكين بها سواء أشخاص أو جماعات، وذلك للأسباب الآتية(4):

أ - غيرة على مجده.

ب- لكي ينزع العثرة من بين شعبه.

جـ- حتى يكون هؤلاء الأشرار عبرة لغيرهم، فلا يحاولوا أن يضلوا الآخرين".

 

4- اهتم الله جدًا بوحدة إسرائيل كأمة واحدة، فالأرغفة الاثني عشر التي كانت توضع على المائدة الذهبية بخيمة الاجتماع في الحضرة الإلهية (لا 24: 5، 6) كانت رمزًا لهذه الوحدة، والاثني عشر حجرًا التي كانت في صدرة هرون (خر 28: 17 - 21) كانت رمزًا لوحدة الشعب، والاثني عشر حجرًا التي نصَّبها يشوع في وسط نهر الأردن (يش 4: 9) والاثني عشر حجرًا التي نصَّبها يشوع أيضًا في الجلجال (يش 4: 20) والاثني عشر حجرًا التي أقامها إيليا على جبل الكرمل (1 مل 18: 31) كانت كل هذه رموز لهذه الوحدة التي لا ينبغي أن ينفصم عراها، والذبائح التي أقيمت أيام حزقيا الملك كانت للتكفير عن كل إسرائيل بدون استثناء (2 أي 29: 24) ومن هنا ندرك خطورة استقلال مدينة وعبادتها لآلهة وثنية، من جهة تأثيرها على هذه الوحدة المقدَّسة، ولا سيما أن مدن إسرائيل كانت متصلة، يتأثر بعضها بالبعض تأثرًا كبيرًا.

 

5- يناقش القمص تادرس يعقوب هذه المشكلة فيقول:

أ - " الآن يوجه حديثه عن الذين يغوون أخوتهم نحو الوثنية. الله ليس عنده محاباة... فإذا بدت (الوصية) قاسية، فلنذكر أنه كان يجب تطهير الأرض من عبادة الأصنام، بإهلاك الوثنيين الكنعانيين، ويجب أن يلقىَ كل إسرائيلي نفس المصير إذا وقع في نفس الخطأ. لهذا بعد أن تحدث عن إبادة كل أثر للعبادة الوثنية وتهيئة الجو للعبادة لله الحي وحده، عالج موضوع الذين يدَّعون النبوءة كذبًا أو الذين يغوون الآخرين نحو العبادة الوثنية، سواء كان هؤلاء يدَّعون النبوءة وعمل المعجزات، أو كانوا من أقرب الأقرباء، أو يمثلون مدينة بأكملها"(6).

ب - " يظهر الله هنا كطبيب عجيب يعلم أن النبي الكاذب كخلية السرطان إن تُركت في الجسم دمرته، لهذا يلزم استئصاله من وسط شعبه... إذ كان وباء انتشار الوثنية خطيرًا لذلك طالبت الشريعة بقتل من يغوي على العبادة الوثنية، مهما كانت درجة قرابة الإنسان الذي يحاول الإغواء سرًا، أو مهما بلغت صداقته له... بنفس الروح (نفهم) " من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني" (مت 10: 37).."(7).

جـ- " يرى بعض الكتَّاب اليهود أنه إذا أُتهم إنسان أنه يغوي إلى العبادة الوثنية فإنه يُقدم للمحاكمة لدى محكمة صغرى، أما إذا اتُهِمَت مدينة بذلك فتُقدم أمام مجمع السنهدريم، فإذا تيقن المجمع من صدق الأمر أرسل اثنين متعلمين للنصح والإرشاد، فإن قبلت المدينة النصح، وقدمت توبة تُقبل، وتصير المدينة في سلام. وإن رفضت وأصرت على العبادة الوثنية يقيمون حربًا ضدها لإبادتها منعًا من تسرب أفكارها الوثنية إلى غيرها من مدن إسرائيل... إن وُجدت قلة قليلة مؤمنة فإنها تخرج من المدينة، كما من مكان خطر"(8).

 

6- ما قاله أحمد ديدات بشأن تبرئة الإسلام من قتل المرتد، وإن كان لا يوافقه على هذا جميع المسلمين الأصوليين، لكننا نقول أن لا شأن لنا بهذا الأمر، لأننا لا نبتغي قط الهجوم على عقائد الغير، إنما كل هدفنا هو إظهار الحق في كتابنا المقدَّس، وديننا السماوي، وفي هذا نتمم مشيئة الله لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا " بل قدّسوا الرب الإله في قلوبكم مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" (1 بط 3: 15).

ولا أستطيع يا صديقي أن أخفيك مشاعري إذ وأنا أسجل هذه السطور تُتابع أم النور تجلياتها فوق قباب عدة كنائس بالقاهرة أشهرها كنيستها بالوراق منذ 2 كيهك - ديسمبر 2009 م.، وكنيستها في مسرة مساء الثلاثاء 22/12/2009، فقد كان يوم الثلاثاء هذا يومًا لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية إذ ظهرت أسراب الحمام النوراني وبريق الأنوار السمائية في عدة كنائس، وعلى حد تعبير قداسة البابا شنودة الثالث في عظته الفريدة الأربعاء 24/12/2009م " طوال الليل كل شوية ييجي تليفون عن الظهور في مكان معين " وقد أرجع قداسة البابا هذه الظهورات إلى أن العذراء مريم تحن إلى مصر التي عاشت فيها عدة سنوات، فجاءت تحمل إليها رسالة السلام ودعى الشعب للفرح والتهليل بهذه الظهورات المجيدة، وأنا أرى بجوار هذه الرسالة السلامية فإن هذه الظهورات تعد شهادة سماوية تشهد لصحة إيماننا، وصدقت تلك الهتافات التي ترددت صداها على شاطئ النيل أمام كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالوراق " يا عدرة يا أم النصارى... إظهَري على المنارة".. لقد جاءت لتضمد جراحات الذين تأذوا من جراء التطرف الديني في المنيا وفرشوط وغيرها، أولئك الذين أُحرقت ممتلكاتهم، وضربوا من أجل لا شيء غير أنهم مسيحيين... أرى أن هذه الظهورات شهادة سماوية تشهد بصحة كتابنا المقدَّس ضد الأصوات التي إرتفعت تنادي بأنه كتاب مُحرَّف، ومن هذه الأصوات صوت الدكتور محمد عمارة الذي تُراجع كتبه وتصدر بمعرفة الأزهر، وأصدر في السابق ما يحل دماء وأموال أهل الكتاب لأنهم كفرة، وحديثًا نُشر كتابه الذي اعتبره بحثًا علميًا يُخطئ الكتاب المقدَّس، وتم توزيعه مجانًا مع مجلة الأزهري، بينما المستشار نجيب جبرائيل يجاهد عبر القنوات الفضائية لإثبات أن هذه الأمور تنطوي تحت عنوان الازدراء بالأديان الذي يجرمه الدستور والقانون المصري. أما الشعب المسيحي فيضع أمام عينيه كلمات سيده " في العالم سيكون لكم ضيق. ولكن ثقوا. أنا قد غلبت العالم" (يو 16: 33) "على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت 16: 18).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) البهريز جـ 1 س85، وراجع أيضًا س129.

(2) البهريز جـ 2 س 398، وراجع أيضًا البهريز جـ 3 س 509، جـ 4 س 290، س 347.

(3) ترجمة على الجوهري - عتاد الجهاد س 17.

(4) من أبحاث النقد الكتابي.

(5) إكليريكية طنطا.

(6) تفسير سفر التثنية ص 269.

(7) المرجع السابق ص 269 - 276.

(8) تفسير سفر التثنية ص 279.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/865.html

تقصير الرابط:
tak.la/ndhbt5t