يقول أحمد ديدات " وينفثئ غضب الله في لحظة " لأن للحظة غضبه" (مز 30: 5) ويناقضه " فحمى غضب الرب على إسرائيل وأتاههم في البرية أربعين سنة" (عد 32: 13)"(1).
ج: 1- اختبر داود مراحم الرب، فعندما أحصى الشعب أرسل الله إليه جاد النبي ليختار عقوبة من ثلاث عقوبات، وهي سبع سنين جوع، أو الهروب من وجه الأعداء ثلاثة شهور، أو وباء لمدة ثلاثة أيام "فقال داود لجاد قد ضاق بي الأمر جدًا. فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان" (2 صم 24: 14) واختار داود الوباء، وفي اليوم الأول مات سبعون ألف رجل، ثم بسط الملاك يده ليهلك أورشليم، فقال داود للرب "ها أنا أخطأت وأنا أذنبت وأما هؤلاء الخراف فماذا فعلوا. فلتكن يدك عليَّ وعلى بيت أبي" (2 صم 24: 17) فعفى الرب عن المدينة...
لقد كان داود يعلم جيدًا أن " الرب إله رحيم ورؤوف بطئ الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية" (خر 34: 6، 7) وهكذا ترنم داود النبي قائلًا "الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد ولا يحتد إلى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه" (مز 103: 9 - 11) وقال الله في سفر إشعياء فيما بعد " هلم يا شعبي أدخل مخادعك وأغلق أبوابك خلفك. أختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب" (أش 26: 20).. " لحيظة تركتكِ وبمراحم عظيمة سأجمعك. بفيضان الحب حجبت وجهي عنك لحظة وبإحسان أبدي أرحمك قال وليك الرب" (أش 54: 7، 8).
2- يتراءف الله على الإنسان التائب، ويسبغ رحمته عليه. أما الشعب العنيد القاسي فلا يمكن أن يتمتع برحمة الله المتسعة إنما يتلظى بنار غضبه، وهذا ما حدث مع بني إسرائيل الشعب القاسي القلب، الذين قابلوا إحسانات الله الكثيرة وعجائبه المدهشة بالجحود، والتذمر، بل وأساءوا الظن بالله، قائلين " لماذا أتى بنا الرب إلى هذه الأرض؟ لنسقط بالسيف؟ تصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة؟ أليس خير لنا أن نرجع إلى مصر. فقال بعضهم لبعض نقيم رئيسًا ونرجع إلى مصر" (عد 14: 3، 4).. " فحمى غضب الرب على إسرائيل وأتاههم في البرية أربعين سنة" (عد 32: 13). لقد تمرد هذا الشعب على الله، وقال الكتاب " التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم" (1 صم 15: 23) فمن يقبل أن تمر خطية العناد والتذمر هذه بلا عقوبة؟!
3- ماذا يريد أحمد ديدات..؟ هل يريد إلهًا بلا مشاعر ولا تمييز، لا يتأثر بطاعة الإنسان أو عصيانه..؟! هل يريد إلهًا صمدًا (إسطمبة واحدة) لا يتغيَّر بتغيُّر المواقف..؟! هلي يريد إلهًا بطيء الغضب يعامل الجميع معاملة واحدة سواء كان الإنسان تائبًا أو عنيدًا يصر على خطيته..؟! وإن كان الناقد يرفض أن تكون معاملة الأب واحدة بلا تمييز مع الابن المطيع والابن الجاحد، فكيف يرتضي هذا على الله؟! وهل لو ساوى الأب بين الابن المطيع الناجح والابن العنيف الفاشل، وتباسط مع هذا وذاك، وقصَّر في تأديب ابنه العفيف... هل يكون بهذا أبًا عاقلًا حكيمًا عادلًا..؟! أليس من الواجب أن الأب يُقوّم الابن العنيد..؟! بل أليس من واجبه أن يكافئ ويشجع ابنه متى اجتهد وأصاب، أما إذا تقاعس وأصرَّ على موقفه فإن من واجبه أيضًا أن ينذره ويعاقبه؟! فلماذا يستكثر الناقد هذا على الله؟
_____
(1) ترجمة على الجوهري - عتاد الجهاد ص 25، 26.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/830.html
تقصير الرابط:
tak.la/pt5c3f2