يقول الخوري بولس الفغالي " ظل (الشعب) يعارض الله الذي أرسل حيات تحرق بعضتها (عد 21: 4 - 9) فقام موسى بعمل غريب: بناء على أمر الرب صنع حيَّة نحاسية علَّقها على سارية، فمن نظر إلى الحيَّة نجا من الموت. كيف تفهم هذا العمل؟ كيف نوفقه مع الوصايا العشر وتحريم الصور؟ فالحيَّة المعلَّقة على سارية ترمز إلى آلهة الشفاء عند الوثنيين (Aesculapius أسكولاميوس وفي كل صيدلياتنا) استعاد موسى هذه الرمز الوثني من أجل خدمة الله الذي هو السبب الحقيقي لكل شفاء. هو لم يصنع مثل هذا التمثال ليربح ود الإله الوثني، بل ليطيع الرب. إذًا، تعود المبادرة إلى الله، وحين يرفع بنو إسرائيل عيونهم إلى الحيَّة، فهم يرفعون في الوقت نفسه عيونهم إلى السماء"(1).
ج: 1- من قال أن اللاويين في أرض مصر عبدوا الإله المصري الحيَّة..؟ لا يوجد أي سند كتابي لهذا، كما أن المصريين عندما وضعوا تمثال الحيَّة على تيجان الفراعنة، فإن هذا كان رمزًا للحكمة وليس للشفاء، ولو افترضنا جدلًا أن اللاويين في مصر عبدوا الإله الحيَّة، فلماذا لم يستعيدوا عبادته عقب خروجهم من مصر..؟! ألم يكن من الأجدر بهرون واللاويين صنع تمثالًا للإله المصري (الحيَّة) وعبادته بدلًا من العجل الذهبي؟!
2- لم يكن الشعب العبراني قد اختلط حتى هذه اللحظة بالشعوب الوثنية، ولا يدرون ما هي عباداتهم، ولم يتأثروا بها، حتى يعبدوا إله الشفاء الوثني أسكولاميوس.
3- تم صنع الحيَّة النحاسية ليس من عنديات اللاويين، بل بناء على أمر إلهي واضح وصريح " فقال الرب لموسى اصنع لك حيَّة محرقة وضعها على راية فكل من لُدغ ونظر إليها يحيا" (عد 21: 8) ولو كانت فكرة الحيَّة النحاسية فكرة بشرية، فمما لا شك فيه أنها كانت ستعجز عن شفاء أي إنسان تلدغه الحيَّات المُحرِقة، ولكن لأنها صُنعت ورُفعت بأمر إلهي لذلك كانت وسيلة ناجحة وأكيدة للشفاء، بل وصارت وسيلة تَعلَّم الشعب بواسطتها الطاعة والإيمان والثقة بمواعيد الله التي تفوق العقول، إذ كيف يتسنى لحيَّة نحاسية صماء بلا حياة أن تشفي من سُم الحيَّات المُحرِقة؟!
4- كان رفع الحيَّة رمزًا لرفع السيد المسيح على الصليب، وكما أنه لم تكن هناك وسيلة للنجاة من الموت سوى الحيَّة النحاسية، هكذا الصليب فلا يمكن أن ننجو بدونه، وقد فسر السيد المسيح له المجد هذا الرمز قائلًا " وكما رفع موسى الحيَّة في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3: 14، 15).
5- عندما ضل الشعب بعد هذه الحادثة بمئات السنين، وبدأوا يعبدون الحيَّة النحاسية ودعوها نحُشتان، قام الملك الصالح حزقيا و" أزال المرتفعات وكسر التماثيل وقطع السواري وسحق حيَّة النحاس التي عملها موسى لأن بني إسرائيل كانوا في تلك الأيام يوقدون لها ودعوها نحُشتان" (2 مل 18: 4).
_____
(1) في رحاب الكتاب 1- العهد الأول ص 233.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/811.html
تقصير الرابط:
tak.la/dj83trh