ج: 1- عندما كان الشعب كله في الصحراء كان كل إنسان يلتزم بتقديم البكر من الناس والبهائم، فبكر الإنسان وبكر البهيمة النجسة يُفدى (عد 18: 15، 16) " لكن بكر البقر أو بكر الضأن أو بكر المعز لا تقبل فداءه. إنه قدس. بل ترش دمه على المذبح وتوقد شحمه وقودًا رائحة سرور للرب. ولحمه يكون لك" (عد 18: 17، 18) فهذا التشريع كان يسري في البرية، لكن عندما يمتلك الشعب أرض كنعان المترامية الأطراف، سيكون من الصعب على الإنسان أن يأخذ معه مثل هذه الحيوانات إلى حيث خيمة الاجتماع، ولذلك أعطاهم الله الحل البديل، فقال عن عشور المحاصيل وأبكار البقر والغنم " إذا طال عليك الطريق حتى لا تقدر أن تحمله. إذا كان بعيدًا عليك المكان الذي يختاره الرب إلهك ليجعل اسمه فيه إذ يباركك الرب إلهك. فبعه بفضة وصرَّ الفضة في يدك واذهب إلى المكان الذي يختاره الرب إلهك. وإنفق الفضة في كل ما تشتهي نفسك... وكل هناك أمام الرب إلهك" (تث 14: 24 - 26) إذًا سمحت الشريعة للإنسان الذي يسكن بعيدًا عن بيت الرب بأن يبيع العشور والبكور ويشتري بثمنها بديل يُقدم بنفس طريقة تقديم البكر من الحيوانات الطاهرة.
2- خصص الله الأبكار للكهنة، وخصص العشور للاويين وقد أوصاهم الله أن يخرجوا عشر هذه العشور ويقدمونها للكهنة، وكان هناك نوعان من البكور:
النوع الأول: وهو البكر الأول للحيوان الطاهر، وهذا قال عنه الرب لهارون " أبكار كل ما في أرضهم التي يقدمونها للرب لك تكون. كل طاهر في بيتك يأكلها" (عد 18: 13) فهو من حق الكاهن.
النوع الثاني: وهو ليس بكرًا لأول مرة، بل هو التالي في العمر، وهذا ملك لصاحبه، فقط يُذبح بجوار خيمة الاجتماع ويأكل منه صاحبه مع ضيوفه(3).
3- هل أبكار الحيوانات تقدم للكاهن أم أنها تخص مقدمها الذي يأكل منها مع ذويه؟ ذكر سفر العدد أنها تقدم للكاهن " ولحمه يكون لك كصدر الترديد والساق اليمنى يكون لك" (عد 18: 18) ولم يذكر السفر أن الذبيحة يأخذها الكاهن بالكامل، بل ذكر ما يخص الكاهن، ومن الطبيعي أن بقية الذبيحة يأكلها من قدمها مع ذويه، وبالمثل عندما ذكر سفر التثنية عن أبكار البقر والغنم " أمام الرب إلهك تأكلها في المكان الذي يختاره الرب إلهك أنت وابنك وابنتك وعبدك وآمتك واللاوي" (تث 12: 18) لم يصرح بأن مقدم الذبيحة يأكل كل الذبيحة، لأنه مفهوم ضمنًا وطبقًا لما جاء في سفر العدد أن الكاهن له نصيب في الذبيحة مثل صدر الترديد والساق اليمنى، ويقول القمص تادرس يعقوب " لم ُيُذكر في سفر التثنية أن الشعب يأكلون كل الذبيحة، ولا في سفر العدد أن الكاهن يأكلها بالكامل. لكن سفر العدد حدد نصيب الكاهن، وأما بقية الذبيحة فيتسلمها مقدمها ويتصرف فيها كما جاء في سفر التثنية"(1).
4- قال سفر التثنية " لا يحل لك أن تأكل في أبوابك عُشر حنطتك وخمرك وزيتك ولا أبكار بقرك وغنمك... بل أمام الرب تأكلها في المكان الذي يختاره الرب إلهك أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك واللاوي.." (تث 12: 17، 18) كان يقصد بعُشر الحنطة والخمر والزيت هو العُشر الثاني، فالعُشر الأول يُقدم للرب، والعُشر الثاني هو عُشر التسعة أعشار الباقية كان يأكلها صاحبها مع اللاويين والفقراء والأرامل والأيتام والغرباء، ولو كانت المسافة طويلة بين محل الإقامة وبيت الرب، يمكن أن يبيع الإنسان هذه العُشور الثانية، وعندما يصل إلى حيث خيمة الاجتماع يشتري بثمنها كل ما تشتهي نفسه، وأيضًا المقصود بأبكار البقر والأغنام التي تُقدم ذبائح سلامة ويأكلها صاحبها مع اللاوي والفقير هي الأبكار الثانية أسوة بالعُشر الثاني من الحنطة والخمر والزيت. وقال البعض أن المقصود من هذه الأبكار التي يأكلها أصحابها وليس الكاهن هي الأبكار التي بها عيوب بسيطة، فالتي بها عيوب واضحة مثل العمي والعرج كان يأكلها أصحابها في محل إقامتهم، أما التي تحمل عيوبًا طفيفة فتُذبح في المكان المقدَّس ويأكلها أصحابها في ذلك المكان المقدَّس(2).
_____
(1) تفسير سفر التثنية ص 34.
(2) راجع الأرشيدياكون نجيب جرجس - تفسير الكتاب المقدَّس - سفر التثنية ص 178، 205.
(3) راجع شبهات وهمية حول الكتاب المقدَّس ص 92.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/803.html
تقصير الرابط:
tak.la/v7rvkd7