يقول الدكتور أحمد حجازي السقا " أمر الله اليهود بدعوة جميع الأمم إلى الله في قوله " مثلكم يكون مثل الغريب أمام الرب شريعة واحدة وحكم واحد" (عد 15: 15-16) فجاء الكاتب وبيَّن أن الغريب هو النازل وسط ديارهم، وليس الغريب البعيد عنهم في الأرض، في قوله " شريعة واحدة وحكم واحد يكون لكم. وللغريب النازل عندكم" (عد 15: 16) فقوله "النازل عندكم" أزادها الكاتب للبس الحق بالباطل، ليُقصر الشريعة على اليهود وحدهم، ولمن هو بينهم يخدمهم في ديارهم"(1).
ج: 1- يتكلم هذا الإصحاح الخامس عشر عن شريعة التقدمة والسكيب، وكان من المفترض أن يصحب تقديم الذبائح تقدمات من الدقيق والزيت والخمر، ولكن ربما بسبب حياة الشعب وتقشفهم في الصحراء لم يتمكنوا من تقديم هذه التقدمات، والتمس الله لهم العذر، كما أوصاهم بالالتزام عندما يمتلكون أرض كنعان، فقال لهم " متى جئتم إلى أرض سكنكم التي أنا أعطيكم. وعملتم وقودًا للرب محرقة أو ذبيحة وفاء... يُقرَّب الذي قرَّب قربانه للرب تقدمة من دقيق عشرًا ملتوتًا بربع الهين من الزيت. وخمرًا للسكيب ربع الهين تعمل على المحرقة أو الذبيحة للخروف الواحد.." (عد 15: 1 - 12) ثم أوضح الله ضرورة تساوي التقدمات سواء كان مُقدّم الذبيحة من شعب الله أم غريب، فقال " كل وطني يعمل هذه هكذا... وإذا نزل عندكم غريب أو كان أحد في وسطكم في أجيالكم وعمل وقود رائحة سرور للرب فكما تفعلون كذلك يفعل... أيتها الجماعة لكم وللغريب النازل عندكم فريضة واحدة... مثلكم يكون الغريب... شريعة واحدة وحكم واحد يكون لكم وللغريب النازل عندكم" (عد 15: 13 - 16).
فهذه التقدمات تخص في الأصل شعب الله، ومع هذا فإن الله لم يمنع الغريب من هذه التقدمات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد يكون الغريب نازلًا وسط شعب الله، وقد يكون ساكنا بعيدًا، والفرصة متاحة للغريب النازل وسط شعب الله لتقديم تقدماته المصاحبة لذبائح المحرقة والنذور وغيرهما... لماذا..؟ لأن هذه الذبائح والتقدمات مرتبطة بخيمة الاجتماع. بينما الغريب الساكن بعيدًا عن شعب الله وخيمة الاجتماع لا يستطيع أن يقدم تقدماته وذبائحه. إذًا عبارة " النازل عندكم " تتمشى مع روح النص وتفسيره، وليست مزيدة عليه.
2- ما هو المقصود بعبارة الناقد " أزادها الكاتب للبس الحق بالباطل "..؟ ألا يؤمن الناقد بشهادة القرآن أن كاتب التوراة هو موسى النبي بوحي إلهي..؟! فلماذا يتكلم وكأن هناك جزءًا منزلًا حرفيًا من الله وجاء موسى وأزاد عليه من عندياته عبارة "النازل عندكم" (لحاجة في نَفْس يعقوب). إن الناقد يحتاج أن يتعرَّف على المفهوم الصحيح للوحي، وهذا ما تم مناقشته بالتفصيل من قبل(2).
_____
(1) نقد التوراة ص 192.
(2) راجع مدارس النقد جـ 1 س46 إلى س49، جـ 2 س85 إلى س93.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/795.html
تقصير الرابط:
tak.la/zqq39ag