ج: 1- صحب حوباب بني إسرائيل في بداية الرحلة لكيما يودع أخته صفورة وزوجها موسى وأولادها قبل أن يعود إلى أرضه، وطلب منه موسى أن يصحبهم في ترحالهم إلى أرض كنعان، فقال حوباب لا أذهب بل إلى أرضي وإلى عشيرتي أمضي، فأعاد موسى الطلب منه، ورغم أن سفر العدد لم يوضح إذا كان حوباب لبى الدعوة أم رفضها إلاَّ أن سفر القضاة أشار إلى نسله مما يؤكد أنه رافق شعب الله " وبنو القيني حمى موسى صعدوا من مدينة النخل مع بني يهوذا إلى برية يهوذا التي في جنوبي عراء وذهبوا وسكنوا مع الشعب" (قض 1: 16) وبغض النظر عن حوباب فقد بدأ تابوت العهد يسبق الشعب بعدة أيام " مسيرة ثلاثة أيام ليلتمس لهم منزلًا" (عد 10: 33) فقد حمل الكهنة التابوت في هدوء البرية وصمتها الذي يعبر عن الحضرة الإلهية، وقام بالدور الذي التمسه موسى النبي من حوباب على أكمل وجه.
2- يقول نورمين جيسلر " أكد سفر الخروج أن الله بقوة خارقة قاد بني إسرائيل في البرية بواسطة عمود السحاب والنار نهارًا وليلًا " وكان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق وليلًا في عمود نار ليضئ لهم" (خر 13: 21) فلماذا سأل موسى حوباب أن يرافقهم " فقال لا تتركنا لأنه ربما أنك تعرف منازلنا في البرية تكون لنا كعيون" (عد 10: 31) فلماذا يريده مرشدًا بشريًّا بينما ترافقهم العناية الإلهيَّة..؟ نلاحظ في هذا الموضوع عدة أمور، وأحد هذه الأمور أن موسى رأى أنه لا يوجد تعارض بين منفعة وجود حوباب معهم، وقيادة السحابة لهم، وبعد ثلاثة آيات لاحقه فقط نجد قيادة السحابة لهم " وكانت سحابة الرب عليهم نهارًا في ارتحالهم من المحلة" (عد 10: 34) وفوق هذا فإن هناك فرق كبير بين الطريق العام الذي يسلكونه حسب قيادة عمود السحاب، وبين الترتيبات الخاصة بأماكن النزول للاستراحة والتي تستخدم فيها الحكمة البشرية، والإنسان ذو الخبرة بهذا الطريق في البرية له شأن كبير في العثور على الأماكن المميزة للكلأ والمأوى وكل مؤونة يحتاجون إليها، فهذه الحكمة لازمة، وهي التي قصد موسى أن يستمدها من حوباب كشخص له خبرة بالطرق، لأن الله لا يعمل لنا ما نستطيع أن نعمله نحن لأنفسنا"(1)(2)
3- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " لم يشأ حوباب أن يترك أرضه وعشيرته ويذهب مع موسى وشعبه... عاد موسى فطلب إليه أن يصاحبهم ولا يتركهم، وقال له بما أنك تعرف منازلنا أي الأماكن التي قد ننزل فيها في ارتحالاتنا (تكون لنا كعيون) أي تكون لنا بمثابة العين التي تبصر، فترشدنا في الطريق وتعرفنا عن طبيعة الجهات التي نحل فيها. وقد كان حوباب رجلًا رئيسًا وعظيمًا وله إلمام كامل بالبرية التي سكنها هو وعشيرته حقبة طويلة من الزمن. رغم أن موسى وشعبه كانوا يسترشدون بعمود السحاب والنار ويتبعونه، فإنه في ذلك طلب معاونة حوباب لكي يرشده بخبرته عن طبيعة الأماكن المختلفة، وعما بها من مراعٍ وعيون ماء وواحات ومرتفعات ومنخفضات. وما يحيط بهم من شعوب وهكذا. إن اتكالنا على نعمة الله وعمله معنا ومعاونته لنا لا يمنع من أن نستفيد بذوي الخبرة والمواهب من الناس"(3).
4- يقول ف. ب. ماير " أثناء إقامة بني إسرائيل في سيناء يُرجَح جدًا أن وفودًا من القبائل المجاورة زارتهم... كان من بين هذه الوفود حوباب هذا الذي كان رئيسًا لقبيلة تتصل بموسى بصلة نسب قريبة... وطبيعي أنه كان يعرف تلك المنطقة معرفة جيدة، كان يعرف كل شبر فيها، كان يعرف مكان كل ينبوع فيها، وكل مراعيها، ويعرف أسهل طرقها وأقصرها وأكثرها أمنًا. لهذا توسل إليه موسى أن يذهب معهم لكي ينتفعوا باختباراته {لا تتركنا لأنه بما أنك تعرف منازلنا في البرية تكون لنا كعيون} (عد 10: 33) واضح أن هذا الطلب كان أمرًا طبيعيًا... إن الذي دعا موسى لكي يطلب بتلهف من حوباب أن يرافقه هو أنه لم يكن قد سلك ذلك الطريق من قبل... إننا نجهل ما ينتظرنا من الانحناء التالي من الطريق، أو في نهاية الممر، ولا ندري أي أعداء يكمنون لنا في الطريق، أو الطوارئ التي قد تطرأ، أو العراقيل التي تعرقل تقدمنا... قد نكون سائرين لنقع في وسط صفوف العدو، أو قد نكون سائرين لنتباعد في واد جميل غني في خضرته، أو سائرين في اتجاه كمين لا مهرب منه ولا منقذ ويتحتم علينا الرجوع، وكيف السبيل إلى فحص المكان في الوقت المناسب، أو الاستعداد لملاقاة العدو؟ أليس جميلًا أن يكون برفقتنا حوباب الذي يعرف المكان"(4).
_____
(1) When Critics Ask P 100.
(2) ترجمة خاصة بتصرف قام بها الأستاذ الباحث رمزي زكي وأيضًا أحد الأحباء الإكليريكيين بالإسكندرية.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر العدد ص 159، 160.
(4) حياة موسى ص 166 ـ 167.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/780.html
تقصير الرابط:
tak.la/kwv83pm