ويقول ليوتاكسل " تقدم التوراة لمريض السيلان إرشادات تتعلق بمرحلة ما بعد شفاءه من مرضه، ولكنها عاجزة تمامًا عن تقديم أي إرشادات تتصل بمعالجة المرض نفسه"(1).
ج: 1- أراد الله أن يعلم الإنسان التدقيق في السلوك، فعلَّمه ذلك من خلال حياته اليومية، سواء عن طريق الأطعمة التي يتناولها أو التي يمتنع عنها، أو عن طريق اللمس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فقال له أن من يلمس نجسًا يتنجس " كل رجل يكون له سيل من لحمه فسيله نجس... ومن مسَّ لحم ذي السيل يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسًا إلى المساء" (لا 15: 2، 7) بل أن كل فراش يضطجع عليه، وكل متاع يجلس عليه الرجل الذي له سيل يكون نجسًا، وكل من يمس هذا الفراش أو ذاك المتاع فيجب أن يستحم بماء ويكون نجسًا إلى المساء (راجع لا 15: 3 - 6) بل أن الإنسان المريض لو بصق على إنسان طاهر فإنه ينجسه (راجع لا 15: 8) والإناء الخزف الذي يمسه ذو السيل يُكسر، والإناء الخشب يُغسل جيدًا (راجع لا 15: 12).
ومن الجانب الآخر علَّم الله الإنسان أن كل من يلمس شيئًا مقدَّسًا يتقدس، فمثلًا تقدمة الدقيق " كل من مسها يتقدَّس" (لا 6: 18) وذبيحة الخطية " كل من مسَّ لحمها يتقدَّس. وإذا انتثر من دمها على ثوب تغسل ما أنتثر عليه في مكان مقدَّس" (لا 6: 27) والأمر العجيب أن الذين ينتقدون مثل هذه الأمور يخضعون لسطوتها... ألا يؤمنون أن مجرد السلام على المرأة باليد ينقض الوضوء!!
2- لم يذكر الكتاب المقدَّس أن الرجال يحيضون وتأتيهم الدورة الشهرية، إنما تكلم عن مرض عُرف قديمًا ومازال موجودًا للآن وهو مرض السيلان، وأعراضه تختلف عن أعراض الدورة الشهرية، فمرض السيلان يصيب الرجال أو النساء بينما الدورة الشهرية أمر طبيعي للنساء فقط، ومرض السيلان يلازم المريض دائمًا حتى يشفى منه فيفارقه، أما الدورة الشهرية فإنها تتكرَّر كل شهر وحتى تصل المرأة نحو الخمسين من عمرها، فلماذا يخلط الناقد الأمور إلى هذه الدرجة إلاَّ إذا كان سيئ النية؟!
3- الكتاب المقدَّس ليس كتابًا طبيًا يُشخص الداء ويصف الدواء، ولهذا لم يذكر علاج مرض السيلان، ولكن الله منح الإنسان العقل المفكر المبتكر الذي سيكتشف فيما بعد علاج مثل هذه الأمراض. أما هدف الكتاب فكان تعليم الإنسان من خلال هذه الظواهر، فعلَّم الإنسان من خلال عدم لمس المريض بالبرص أو السيلان البعد عن كل شر وشبه شر.
4- نلاحظ في عرض هذا المرض الأسلوب الراقي الذي أستخدمه الكتاب المقدَّس إذ يقول " كل رجل يكون له سيل في لحمه " فلم يذكر حتى مجرد أسماء الأعضاء السرية، بل استعاض عنها بكلمة " لحمه"، وقال " من مسَّ لحم ذي السيل يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسًا إلى المساء" (لا 15: 17) وهو يقصد من مسَّ عضو التناسل، حتى لو كان طبيبًا بقصد تشخيص المرض فأنه يسري عليه نفس الحكم.
5- يقول القمص تادرس يعقوب " ما عنته الشريعة هو اهتمام الإنسان بنظافة الجسد، لأجل سلامة صحته وصحة من هم حوله، فكما رأينا في الله أنه أهتم بكل ما يمس أولاده في العهد القديم حتى من جهة أنواع الأطعمة وسلامة الثياب والمسكن، فبالأكثر صحة جسده... السيل الذي يصيب الرجل أو المرأة يحمل رمزًا للنفس التي بلا ضابط الساقطة تحت الشهوات الدنسة... لذا يحتاج الأمر إلى تلاقٍ مع القدوس الذي لمسته المرأة نازفة الدم... (ويُعلِق قدسه على عدم لمس المصاب أو ما يخصه فيقول:) هذا الإجراء وقائي ضد العدوى من الأمراض التناسلية، إذ كما نعلم أن بعض هذه الأمراض شديدة العدوى، يمكن أن تنتقل من خلال لمس المريض أو ثيابه أو الأدوات التي يستخدمها. أما بقاء الشخص نجسًا طوال اليوم... إنما يعني أن من يتلامس مع الخطية ويتدنس بالشر لن يتقدس طوال حياته مادام مرتبطًا بالدنس حتى يبدأ مع الرب يومًا جديدًا فيه يترك الماضي وينطلق نحو حياة أفضل"(2).
6- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " أن الله كان يضرب أحيانًا بعض اليهود بهذا المرض (السيلان) نتيجة بعض الخطايا، خصوصًا خطية النجاسة. ولقد دعا داود على يوآب ونسله بهذا المرض بسبب قتله القائد أبنير اغتيالا حيث قال {لا ينقطع من بيت يوآب ذو سيل وأبرص وعاكز على العكاز وساقط بالسيف} (2 صم 3: 29) والخطية كثيرًا ما تجلب على أصحابها الأمراض والأسقام كنتيجة طبيعية وكعقاب أو تأديب من الرب"(3).
7- يقول الدكتور حمدي صادق " يفرّق (الوحي) بين الإفراز الجنسي الذي يصحب الجماع وبين السيل غير المرتبط بأن نشاط جنسي. هذا السيل مرض ميكروبي يصيب الإنسان في عضوه التناسلي سواء للذكر أو الأنثى، وينتقل بالاتصال الجنسي، وهو إلى جانب أنه يسبب استهلاك دائم للمادة المنوية في الرجل والذي ينتج عنه استهلاك في صحة الإنسان، تتأثر الغدد التناسلية كالبروستاتا فتلتهب ويصحب ذلك نزول صديد مصحوبًا بألم مستمر ونزف دم، وهذا المرض يحمل في طياته عقاب جسدي لمزاولة الشهوات غير الشرعية"(4).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 188.
(2) تفسير سفر اللاويين ص 149، 150.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر اللاويين ص 164.
(4) تفسير سفر اللاويين ص 83.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/737.html
تقصير الرابط:
tak.la/p8jm9fg