ج: 1- قال البعض أن هذه الوصية جاءت لتمنع بني إٍسرائيل من ممارسة الطقس الكنعاني حيث كانوا يطبخون الجدي بالحليب، فيقول " أدمون جاكوب".. " في ثلاثة مواضع يمنع العهد القديم طبخ الجدي بحليب أمه {لا تطبخ الجدي بلبن أمه} (خر 23: 19، 34، 26) {لا تطبخ جديًا بلبن أمه} (تث 14: 21) وبهذا الأمر يعاكس العهد القديم طقسًا كنعانيًا، لأننا نقرأ في النص 52: 4 {أطبخ الجدي بالحليب} دون أن يعطي أي تعليل مجرد كونه طقسًا كنعانيًا يصبح مشوَّهًا وخطرًا... فالطقس الكنعاني بخلاعاته واندفاعاته الجنسية وإثاراته للغرائز كان تجربة دائمة للإسرائيليين"(1).
2- جاء في كتاب السنن القويم " لا تطبخ جديًا بلبن أمه قال بعضهم أن الله نهاهم عن خرافة كانت عند الأمم كانوا يأتونها في آخر الحصاد. وهي أنهم كانوا يطبخون الجدي بلبن أمه ويرشون الحقول والبساتين باللبن الذي طُبخ به بغية الخصب في السنة الآتية. والصحيح وهو الذي يُفهم من الكتاب المقدَّس أنه نهى عن ذلك لما فيه من شدة القساوة بدليل أنه منع عنه مع المنعم عن الأطعمة النجسة فهو ما يُطبخ للأكل لا للسحر الخرافي (أنظر تث 19: 21)"(2).
3- يرى " جيمس فريزر " أن هذه الوصية جاءت لتحريم بعض العادات القبلية التي تمنع طبخ الجدي باللبن، فيقول " وقد ذكر هذا الكاتب (المجهول في القرون الوسطى).. {أنه كان من عادة الوثنيين القدماء، عندما كانوا يجمعون المحصول أن يطهوا الجدي في لبن أمه، ثم يرشون اللبن على الأشجار والحدائق وبساتين الفاكهة، بوصفه طقوسًا سحرية، معتقدين بذلك أن هذه الأشجار تمنحهم مزيدًا من الثمار في العام التالي}.."(3).
كما أورد فريزر النقيض وهو أن بعض العادات القبلية تُحرّم غَلْي اللبن، لأن غَلْي اللبن يؤدي إلى جفاف ضروع القطيع، ولو سال اللبن في النار، فمن المحتمل أن تموت البقرة أو على الأقل تصاب بمرض، لأن هناك مشاركة عاطفية بين البقرة ووليدها ولبنها، كما أورد فريزر بعض العادات القبلية أيضًا التي تُحرّم أكل اللحم وشرب اللبن في آن واحد، فلابد أن تكون معدة الإنسان خالية من أحدهما حتى يتناول ثانيهما، ويقول فريزر أن بعض الأولاد الأشقياء الذين يبحثون عن لذاتهم أكثر من ثروتهم الحيوانية يغامرون بأكل اللحم وشرب اللبن في آن واحد، ثم يقول " وبناء على ذلك فربما كانت الوصية العبرية (لا تطبخ الجدي بلبن أمه) موجهة إلى مثل هؤلاء الأوغاد الذين كان يلعنهم الرأي الجماعي لأنهم يوجهون ضربة خطيرة لمصدر غذائهم الرئيسي. ولعل هذا يفسر لنا كيف أن غَلْي اللبن من وجهة نظر هذه الشعوب البدائية الرعوية يعد جريمة أبشع من جريمة السرقة أو القتل، لأنه بينما تصيب السرقة أو القتل بعض الأفراد بأذى، فأن غَلْي اللبن شأنه شأن تسمم الآبار"(4).
كما يقول جيمس فريزر أن الفصل بين اللحم واللبن مازال مستخدمًا لدى الإسرائيليين، فاليهودي لا يأكل اللحم ويشرب اللبن في آن واحد، بل أنه يجعل لكل نوع ومشتقاته أوعية خاصة به، وسكاكين خاصة بها(5).
4- لا أدري ما هو العيب في هذه الوصية، لو كانت تنهي شعب الله عن محاكاة الشعوب الوثنية في طقوسها وعاداتها وخرافاتها..؟! يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس " كان من أنواع الأطعمة اللحم المطبوخ في اللبن. ويحذرهم هنا من طبخ الجدي أو الحيوان الصغير في لبن أمه، وقد كان هذا في الغالب لغايتين الأولى إنسانية مراعاة لمكانة الأمومة لأنه من الأعمال القاسية ذبح الصغير وطبخه بلبن أمه وقد أمرهم من قبل ذلك بعدم ذبح الحيوان الصغير وطبخه بلبن أمه، وقد أمرهم من قبل ذلك بعدم ذبح الحيوان الصغير وأمه في يوم واحد (تث 19: 1) والغاية الثانية روحية لكي لا يشتركوا في خرافات بعض الشعوب الوثنية ربما كان من بينها المصريون. وكان بين الخرافات طبخ الصغير في لبن أمه ورش المرق في أنحاء الحقول زعمًا منهم أن هذا يزيد من خصوبة الأرض ويكثر المحاصيل"(6).
_____
(1) ترجمة جورج كوس - رأس شمرا والعهد القديم ص 91.
(2) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 1 ص 430.
(3) الفولكلور جـ 3 ص 46.
(4) المرجع السابق جـ 3 ص 56.
(5) راجع الفولكلور جـ 3 ص 62 - 64.
(6) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الخروج ص 260.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/711.html
تقصير الرابط:
tak.la/b7yxpjw