ج: 1- أحداث الخروج في التوراة والقرآن ليست متطابقة، ولكنها متشابهة إلى حد بعيد، حتى أن الدكتور موريس بوكاي (الذي طالما هاجم الكتاب المقدَّس) يقول " أن دراسة روايتيّ الخروج في القرآن والتوراة مشوقة بشكل خاص، فاختلافًا عما رأينا بالنسبة للطوفان، تتطابق الروايتان هنا فيما يختص بالعناصر الجوهرية، وهناك بالتأكيد بعض الاختلافات، ولكن لرواية التوراة قيمة تاريخية عظيمة"(1).
2- من ضمن الخلافات في الرواية بين سفر الخروج والقرآن، هو مصير فرعون، ففي التوراة واضح أن فرعون غرق في اليم، وبينما أيد القرآن هذه الرواية في أكثر من موضع " فاستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون. فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين" (سورة القصص 39، 40) " فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصَّلات فاستكبروا وكانوا قومًا مجرمين... فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذَّبوا بآياتنا" (سورة الأعراف 133-136).
بينما في موضع آخر صرَّح بأن فرعون نجى من الموت " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلآَّ الذي آمنتْ به بنو إسرائيل وإنا من المسلمين. ألئن قد عصيت قبل وكنت من المفسدين. فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وأن كثير من الناس عن آياتنا لغافلون" (سورة يونس 90-92).
وحاول "بوكاي" حل هذه الإشكالية فقال أن المقصود بننجيك ببدنك هو نجاة جثة فرعون، والدليل على هذا أن جميع موميات الفراعنة الذين يُظن أنهم فراعنة الخروج وُجدت مدفونة في مدينة طيبة (الأقصر حاليًا) وتم اكتشافها في القرن التاسع عشر " وأيًّا كان هذا الفرعون فهو الآن في قاعة الموميات الملكية في المتحف المصري بالقاهرة ويستطيع الزوار أن يروه"(2) وهذا الرأي غير منطقي... لماذا؟ لأن الخطاب موجه لفرعون وليس جثته " فاليوم ننجيك ببدنك " ولا يستطيع أحد أن يشتم رائحة الجثة ويدعي أنها تفوح من هذا الخطاب، وماذا يستفيد فرعون من نجاة جثته أو غرقها أو أنها تصير طعامًا لأسماك البحر؟! ولهذا يرى الأستاذ سليم حسن أن فرعون نجى من الموت غرقًا كي يخلص بجلده فيقول " أما موضوع غرق فرعون فهو أمر قد فُهم خطأ على حسب ما جاء في الكتب السماوية والواقع أنه لا يمكن للإنسان أن يتصوَّر غرق الفرعون وعربته ومن معه في ماء ضحضاح لا يزيد عمقه على قدمين أو ثلاث، بل المعقول أن خيل الفرعون وعرباته قد ساخت في الأوحال وسقط بعض ركابها مغشيًا عليه، وهذا يفسر ما جاء في سفر الخروج 14 - 25 " وخلع دواليب المراكب فساقوها بمشقة " ومما سبق نعلم أن خرافة غرق فرعون في البحر الأحمر وموته لا أساس لها من الصحة... وهذا فضلًا عن أن ما جاء في القرآن الكريم لا يُشعِر بأن الفرعون الذي عاصر موسى قد غرق ومات، بل على العكس نجاه الله ببدنه ليكون آية للناس على قدرة الخالق. والتعبير {فاليوم ننجيك ببدنك} يعادل التعبير العامي [خلص بجلده}.."(3).
_____
(1) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 249.
(2) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 269.
(3) مصر القديمة جـ 7 ص 135.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/632.html
تقصير الرابط:
tak.la/38dqdsv