ويقول د. محمد بيومي " وأن هذه الأعداد الهائلة التي تزيد على المليونين... لو أنها سارت صفوف عرضية متراصة يضم كل منها عشرين يهوديًا، ويشغل الصف بين سابقة ولاحقة مترًا واحدًا لاستطال القطار -أي الصف الطولي- إلى 100 كيلو مترًا، ولتعذر على قائدهم موسى أن يبلغهم أوامره، ومن هنا فإن المؤرخين وعلماء اللاهوت يعتبرونها محض خيال إسرائيلي"(2).
ويقول الخوري بولس الفغالي " قال النص: ست مئة ألف مقاتل. هذا رقم رمزي أكثر منه حقيقي، ومصر في كل عظمتها كانت تجند فقط خمسة وعشرين ألف مقاتل. قالوا: أراد الكاتب أن يبين عظمة الخلاص الذي لم يتم لبعض القبائل بل لشعب كبير جدًا. وقالوا كلمة ألف تعني عشيرة. وهكذا يكون عدد الخارجين خمسة آلاف وخمسمائة شخص"(3).
ويقول الأستاذ سليم حسن " ويقول السير "فلندرز بتري" في كتابه عن إسرائيل: والكلمة المترجمة هنا بلفظة ألف لها أحد المعنيين ألف أو أسرة، وعلى ذلك يخفض العدد إلى خمسين وخمسمائة وخمسة آلاف نسمة (555 ألفًا).. إذا فرضنا أن عددهم ستمائة ألف بغض النظر عن النساء والأطفال فإن عددهم في مجموعه لا بُد أنه كان يبلغ حوالي ثلاثة ملايين نسمة، ونحن نعلم من جانبنا أن متوسط عدد سكان القرية المصرية على وجه عام هو ألفا نسمة، فكيف يتسنى لقابلتين أن تقوما بخدمة مجتمع يبلغ ثلاثة ملايين نسمة، ولكن من المعقول أن هاتين القابلتين يمكنهما أن يرعيا شئون ستة آلاف أسرة، يضاف إلى ذلك أن عيون الماء لم تكن كافية لمثل هذا العدد، بل إنه لم يكن في الصحراء من خشب الوقود لطهي ما يقوم بحاجة هؤلاء القوم"(4)(5).
ج: 1- رغم ضخامة عدد بني إسرائيل إلاَّ أنهم لم يستطيعوا أن يدافعوا عن أنفسهم ضد فرعون. لماذا؟ لأنه ليس لديهم أسلحة مثل أسلحة الجيش المصري، فلو أراد الجيش أن يسحقهم لفعل ذلك في منتهى السهولة.
جاء في كتاب السنن القويم " أن الإسرائيليين كانوا مُذلين غير معتادين الحرب وأكثرهم أعزل أي بلا سلاح، وكان المصريون متسلحين، متدربين في الحرب، فلا عجب أن رهب عشرون منهم واحدًا من الجنود المصرية. ويحسن أن نذكر هنا أن سبعة وأربعين ألفًا من اليونان غلبوا في بعض الأزمنة أكثر من ألف ألف من جنود الفرس"(6).
2- لم يكن العبور طابور استعراض يسير كل عشرين رجلًا صفًا واحدًا، ويشغل الصف بين سابقه ولاحقه مترًا واحدًا. إنما أختلط في العبور الرجال مع الأطفال مع الشيوخ مع السيدات، كل عائلة تسرع في طريقها حتى انتهوا من العبور قبل ضوء الصباح.
3- رأينا من إجابة السؤال السابق (س620) بأن عدد الخارجين من بني إسرائيل عدد منطقي صرح به الكتاب المقدَّس في أكثر من موضع، وجاء على لسان المؤرخين اليهود والمسيحيين والمسلمين، وأنه يتوافق مع زعر شعب موآب منهم... إلخ ولذلك لا مجال للاجتهاد والقول بأن المقصود من الألف مجرد عشيرة أو عائلة وليس ألف نفس.
4- بالنسبة للقابلتين سبق مناقشة الموضوع قبل هذا (راجع إجابة س 576) وقلنا أن هاتين القابلتين قد تكونا هما اللتان كلمهما فرعون، نظرًا لمكانتهما بين جميع القابلات. أما الاثني عشر عينًا التي تنبع في إيليم فلا يستطيع أحد أن يقول أنها غير كافية، لأن هذا يتوقف على غزارة وسرعة تدفق المياه من كل عين، وإذا نظرنا بعين العقل لإمكانية أن يعيش نحو ثلاثة ملايين في صحراء جرداء فقد يكون من الصعب تصديق هذا الأمر، ولكن إذا نظرنا بعين الإيمان ونثق أن الله لن يعجز عن إعالة هؤلاء، فعندئذ يصبح الأمر مقبولًا، ولا سيما أن ملابس هؤلاء العابرين لم تبلى، ولا أحذيتهم تلفت، وهل الذي أرسل لهم طعامهم بطريقة معجزية من سلوى ومن يعجز عن توفير بعض الأعشاب التي يطهون بها طعامهم؟!
5- جاء في دائرة المعارف الكتابية " أن الاعتراض بصعوبة إعالة 5ر2 مليون شخص مع مواشيهم وقطعانهم في صحراء سيناء، يفترض أن صحراء سيناء كانت قفرًا يبابًا، كما هي الآن، وهو ما لا يمكن إثباته. فلا ننسى أن موسى ظل يرعى غنم يثرون مدة أربعين سنة في نفس هذه الصحراء، وأنه عند ارتحال بني إسرائيل، كانت تقيم فيها قبائل بدوية قوية مثل عماليق (خر 17: 8) كما أن قطعان بني إسرائيل ومواشيهم لم تكن تتجمع في بقعة واحدة، بل الأرجح أن الرعاة كانوا يذهبون بها إلى حيث يوجد الكلأ والماء. كما يجب أن نذكر أن بني إسرائيل لم يعتمدوا في طعامهم على إنتاج الصحراء، بل أعطاهم الله " المن من السماء " من منتصف " الشهر الثاني بعد خروجهم من أرض مصر" (خر 16: 1) إلى أن دخلوا إلى أرض كنعان وأكلوا من غلة الأرض (يش 5: 11، 12) كما أمدهم الله بالماء من الصخرة في حوريب (خر 17: 6)"(7)
_____
(1) راجع د. أحمد حجازي السقا - نقد التوراة ص 150، 151.
(2) تاريخ الشرق الأدنى القديم - تاريخ اليهود ص 280.
(3) البدايات أو مسيرة الإنسان لله ص 178.
(4) راجع أيضًا زينون كوسيدوفسكي - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 135، 136.
(5) مصر القديمة جـ 7 ص 132، 133.
(6) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 1 ص 373.
(7) دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص 210.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/620.html
تقصير الرابط:
tak.la/tbj6fpc