يقول الدكتور محمد بيومي لو كان عدد بني إسرائيل بمثل الضخامة التي ذكرها سفر الخروج، فهم إذا بلغوا أكثر من 2 مليون نسمة، وهذا يعني 140 مولودًا كل يوم، وهو أمر بالغ الاستحالة بالنسبة لقابلتين فقط(1).
ج: 1- قال سفر الخروج " وكلم ملك مصر قابلتي العبرانيات... وقال" (خر 1: 15، 16) ولم يصرح السفر بأن هاتين القابلتين كانتا هما الوحيدتان، إذًا من الممكن أن يكون هناك عدد أكبر من القابلات، وهاتين القابلتين فقط هما اللتان كلمهما ملك مصر، "بل لعل هاتين القابلتين كانتا في مدينة " أون " فقط، أو أنهما كانتا تمثلان كل القابلات في بني إسرائيل... ولو كان عدد بني إسرائيل لم يتجاوز بضع عشرات من الآلاف، فكيف كان فرعون مصر بكل جبروته، يخشى تكاثرهم"(2) إن هاتين القابلتين اللتان لم ينفذا أمر فرعون، ولم يقتلا الأطفال الأبرياء ولذلك استحقتا أن يدوَّن أسميهما في الكتاب المقدَّس " اسم أحداهما شفرة واسم الأخرى فوُعة" (خر 1: 15) ومعنى اسم " شفرة " جمال ورقة، ومعنى اسم " فوُعة " إشراق وروعة.
2- لم يكافئ الرب القابلتين لأجل كذبهما، بل كافأهما لأجل رفضهما قتل الأطفال الأبرياء، فلو لم يكن ضميرهما حيًا لقتلا الأطفال، أما رفضهما تنفيذ أمر فرعون فيُظهر ضميرها الحي ومخافتها من إله السماء، وهذا ما أوضحه الكتاب " وكان إذ خافت القابلتان الله أنه صنع لهما بيوتًا" (خر 1: 21). أما قولهما " إن النساء العبرانيات لسن كالمصريات. فإنهن قويات يلدن قبل أن تأتيهن القابلة" (خر 1: 19) فما المانع أن يكون هذا القول صحيحًا، ولاسيما أن العبرانيات علموا بأمر فرعون بقتل الذكور من أطفالهن، ولذلك ترددن كثيرًا في استدعاء القابلات، وربما استعضن عنهن بقابلات جدد لم يأمرهن فرعون بقتل ذكور الأطفال.
3- حتى لو سلمنا بكذب القابلتين، فإن الكذب بلا شك أخف وطأة من القتل، فهما لم يكذبا بإرادتهما بل دُفعا إلى الكذب، وهذا لا يبرئ ساحتهما، ولكن يخفف من وطأة كذبهما، فلو اعترفنا بعصيان أوامر فرعون، فإن هذا معناه الإعدام.
4- يقول ج. س. كونيك J. C. Connell كان قصد فرعون أن " ينقرض النسل العبراني، إذ سوف تمتزج النساء العبرانيات في الأسر المصرية عن طريق الزواج {أن النساء العبرانيات لسن كالمصريات} (خر 1: 19) ربما كان هذا السبب صحيحًا، ولكنه لم يكن السبب الحقيقي الذي من أجله استحيت القابلتان الأطفال الذكور. إن الكتاب المقدَّس يُسجّل ولكنه لا يمتدح ما يعمله الناس الذي يخافون الله من أخطاء... {فأحسن الله} (خر 1: 20) لم يحسن الله إليهما لأنهما خدعتا الملك، ولكن لأنهما خافتا الله ورفضتا إطاعة أمر الملك، فإن إطاعة الله تأتي في المرتبة الأولى على إطاعة الملك التي أمرنا الله بها في رو 13، 1بط 2: 13، 17 {صنع لهما بيوتًا} (خر 1: 21).. أي أن الله أعطى أسرًا ونسلًا لهاتين اللتين استحيتا أُسر شعبه"(3).
5- يقول الخوري بولس الفغالي " لا، لم تسمع القابلتان للملك. قال النص {كانتا تخافان الله}. إذًا، لم تصنعا كما قال لهما ملك مصر (خر 1: 17) ذاك الذي كان في القديم من أقوى ملوك العالم. إن الطاعة لله تعارضت مع الطاعة للسلطة السياسية التي تأمر بالموت ساعة يريد الله الحياة. وعاد النص مرة ثانية وحدثنا عن مخافة الله لدى القابلتين، كما كلمنا عن بركة نالتاها، صنع الله لهما بيوتًا. صارت كل امرأة {رئيسة عشيرة}"(4).
_____
(1) راجع تاريخ الشرق الأدنى القديم - تاريخ اليهود ص 281.
(2) دائرة المعارف الكتابية جـ 5 ص 210.
(3) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس - جـ 1 ص 16، 17.
(4) البدايات أو مسيرة الإنسان لله ص 55، 56.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/576.html
تقصير الرابط:
tak.la/pvahn97