يقول ليوتا كسل " وهكذا خدع لابان ابن أخته، الذي كان قد خدع أباه وأخاه قبل ذلك، والحقيقة إننا لا نستطيع أن نفهم، كيف لم يستطع يعقوب أن يكشف الخدعة مع أنه كان قد أمضى سبع سنوات في بيت خاله، ويجب أن يكون قد عرف ليئة وراحيل معرفة جيدة، فكيف إذًا قضى معها... ليلة كاملة دون أن يعرفها؟ ولكن مالنا ولهذا الشك، إنه الروح القدس على أي حال.."(1)، ويقول الدكتور أحمد حجازي السقا " أن يعقوب عليه السلام كان يقيم في بيت لابان. وكان يرى ابنتيه ويعرفهما معرفة جيدة باعتبار وجهيهما وصوتيهما، وكان في ليئة علامة بينة، وهي استرخاء العينين. فالعجب كل العجب أن تكون ليئة في فراشه جميع الليل ويراها ويضاجعها ويلمسها ولا يعرفها"(2).
ج: 1- لقد خدع يعقوب أبيه الضرير إسحق، وادَّعى أنه عيسو، واضعًا على يديه وملامسة عنقه جلد ماعز، وكذب على أبيه عندما سأله كيف عاد سريعًا " فقال أن الرب إلهك قد يسَّر لي" (تك 27: 20) وكأن يُشرك الله في خداعه، وحتى عندما شك إسحق فيه وقال له " تقدم لأجسَّك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا؟" (تك 27: 21) فلم يرجع إلى نفسه، ولم يستيقظ ضميره، بل أكمل طريق الخداع للنهاية، ومرت الأيام وسقط يعقوب في خداع خاله لابان، ولاسيما أنه لم يكن يتوقع قط أن خاله سيخدعه ويعطيه ليئة عوضًا عن راحيل. فكما دبر يعقوب وخطط مع أمه رفقه لخداع أبيه، لا بُد أن لابان خطط مع كل من ابنته راحيل لكيما تختفي وتصمت، وليئة لكيما تتقمص دور راحيل " فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة. وكان في المساء أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه فدخل عليها... وفي الصباح إذ هي ليئة" (تك 29: 23 - 25)..
ولا بد أن ليئة دخلت إلى خباء يعقوب في ليلة مظلمة لا قمر فيها، ولا مصباح ينير المكان، وكأن الظلمة التي عانى منها إسحق القديس بسبب فقده لبصره، انعكست على يعقوب، فجاز فيها، وحدث ما حدث، بعد أن أجادت ليئة القيام بدور أختها راحيل، محاولة تقليد صوتها وقد غطت بالبرقع وجهها كما فعلت من قبل رفقة عندما التقت بإسحق (تك 24: 65) وكما أن يعقوب لم يصارح أبيه بشخصيته، هكذا لم تصارح ليئة يعقوب بشخصيتها، وهذا الموقف سيتكرر فيما بعد بين يهوذا بن يعقوب وكنته ثامار، عندما يزني معها وهو لا يدري أنها ثامار.
2- يقول قداسة البابا شنودة الثالث " أما طريقة الخداع في الزواج، فربما كانت هكذا... كانت الزوجة تزف إلى زوجها منقبة، بحيث لا يرى من وجهها شيئًا. ثم يرفع نقابها عندما يدخل بها إلى خيمته. وقد أعطاه لابان ابنته ليئة بعد أن صنع وليمة "وكان في المساء، أنه أخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه" (تك 29: 23) ولعل النور لم يكن كافيًا في ذلك الزمان "وفي الصباح إذ هي ليئة"!!"(3)
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 131.
(2) نقد التوراة ص 241.
(3) تأملات في حياة القديسين يعقوب ويوسف ص 32.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/511.html
تقصير الرابط:
tak.la/7x7m2zy