يقول الأستاذ محمد قاسم " ليس هناك وجه لأن يستحلف إبراهيم عبده. فالعبد لا يتخذ قرارًا بل ينفذ ما يؤمر به"(1).
ويقول " ليوتاكسل".. " ولما مثل اليعازر بين يدي إبراهيم قال هذا الأخير {ضع يدك تحت فخذي فاستحلفك بالرب إله السماء وإله الأرض..} (تك 24: 2 - 4) ولقد أصبح طقس القسم هذا موضوعًا للتسلية عند الشارحين من أتباع مذهب الشك... ويفسر الأتنوغرافيون هذا، بأن الأعضاء التناسلية الذكرية كانت تحظى باحترام كبير، ليس تبعًا لطقس الختان الذي يربطها بيهوه وحسب، بل لأنها، كمصدر لتكاثر الجنس البشري، وضمانة لبركة يهوه أُعدَّت رمزًا للقوة والجبروت. لكن مهما بدأ طقس القسم هذا غريبًا، علينا أن ننحني له احترامًا، لأننا يجب ألا نرتاب لحظة واحدة في أن الروح القدس هو صاحبه.
إذًا عندما نصادف كلمة " فخذ " في الترجمات الحديثة للتوراة، علينا أن نفهمها مجازًا، فإذا قرأنا على سبيل المثال، أن أحد الزعماء خرج من " فخذ " يهوذا فإننا نقر بهذا تحريفًا مقصودًا للنص، لأن كلاَّ منا يعرف أن الأطفال لا يولدون من " الأفخاذ".."(2).
ج: 1- تعلم عبيد إبراهيم من سيدهم حياة التقوى والشجاعة والشهامة، وعامل إبراهيم عبيده معاملة حسنة وارتقى بمستواهم، وقد توسم إبراهيم في أليعازر الدمشقي رئيس عبيده الصفات النبيلة، ولذلك عامله كصديق أكثر من أنه عبد، ولاسيما أنه كان هو المرشح ليرث إبراهيم في حالة عدم إنجابه، ولذلك طلب إبراهيم من عبده واستحلفه، ولم يأمره، لكيما يؤدي المهمة ليس بروح العبد الخائف من سيده، بل بالأكثر بروح الصديق الذي يضحي بكل غالٍ ورخيص من أجل صديقه الذي يحبه... ولا عجب في هذا فإن يوسف رغم أنه كان عبدًا لفوطيفار فإنه كان هو المتصرف في كل أمور بيت سيده.
2- إن كان النص لا يروق لأصحاب مبدأ الشك، فليس هذا هو النص الوحيد الذي لا يروق لهم، بل يضربون أقدس النصوص بعرض الحائط، لذلك لا نهتم بهذا الأمر، فكل إنسان سيحمل جريرة تصرفه إن كان صالحًا أو طالحًا.
3- لم يرد أبونا إبراهيم أن يزوج إسحق من بنات جيرانه الذين يعبدون الأوثان، ولم يشأ إبراهيم أن يعود إلى موطنه الذي تركه بأمر إلهي، ولذلك فكر في إرسال عبده المؤتمن على بيته ليقوم بهذه المهمة، وقد قام بها خير قيام، إذ استعان بإله سيده إبراهيم الذي أنجح طريقة.
4- " فوضع العبد يده تحت فخذ سيده إبراهيم وحلف له على ذلك" (تك 24: 9، 10) وكانت هذه العادة متبعة حينذاك لتوثيق العهد مثل الشد على اليد الآن. أما عن المعنى الرمزي لهذا، فيقول أبونا الحبيب القمص تادرس يعقوب " ماذا يعني وضع اليد تحت فخذ إبراهيم؟ يقول القديس أغسطينوس إنها تشير إلى القسم بالمتجسد من نسله، وكأن إبراهيم قد تحدث بروح النبوءة معلنًا أن الرب إله السماء وإله الأرض إنما يحمل جسدًا من صلبه"(3).. يقول القديس أغسطينوس " ما هي العلاقة بين إله السماء وفخذ إبراهيم (في هذا القسم)؟ ها أنتم الآن ستفهمون السر: فإنه بالفخذ يعني الذرية. وما المقصود بهذا القسم إلاَّ أنه من نسل إبراهيم سيأتي إله السماء في الجسد..؟ لأن إبراهيم كان نبيًا. وعمَّن كان يتنبأ؟ عن ذريته وعن ربه. فإنه لذريته كان يشير بقوله " ضع يدك تحت فخذي " ولربه كان يشير حينما أضاف قائلًا: فأستحلفك بالرب إله السماء"(4).
_____
(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 60.
(2) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 115، 116.
(3) تفسير سفر التكوين ص 231.
(4) المرجع السابق ص 297.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/491.html
تقصير الرابط:
tak.la/98nds6y