يقول علاء أبو بكر أن الأنبياء هم قدوة البشر على الأرض، فكيف يتزوج نبي الله إبراهيم من أخته، وإن قال أحد أن هذا كان في قديم الزمان نقول له أن سفر اللاويين قال "عورة أُختك بنت أبيك أو بنت أُمك المولودة في البيت أو المولودة خارجًا لا تكشف عورتها" (لا 18: 9) ومن يفعل ذلك فهو عار (لا 20: 17) ويكون ملعونًا (تث 27: 22) فهل ارتكب نبي الله العار وصار ملعونًا، وكان من الواجب أن يُقتل، ولاسيما أنه لا يوجد في الكتاب المقدَّس ناسخ ومنسوخ(1).
ج: 1- تدرج الله بالبشرية خطوة خطوة، فقبل شريعة العهد القديم عاش الآباء في ظل الناموس الطبيعي، حيث وضع الله في الإنسان الضمير الذي يستريح لما هو صحيح ويدين ما هو خاطئ، وبهذا عرف يوسف الصديق أن الزنا شر عظيم قبل أن توجد شريعة مكتوبة تحرم الزنا، فقال لامرأة فوطيفار " كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك 39: 9) ثم جاءت الشريعة المكتوبة " لا تزن" (خر 20: 14) وفي العهد الجديد تقدم الله بالبشرية أكثر نحو طريق الكمال فقال " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن. وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت 7: 27 - 28) ومثال آخر على هذا التدرج، أن الإنسان عاش قبل عصر الشريعة يتزوج ويطلق بلا ضابط، وعندما جاءت شريعة العهد القديم اشترطت أن من يريد أن يطلق امرأته يكتب لها كتاب طلاق على أيدي شيوخ الشعب، فقد يراجع نفسه أثناء كتابة الكتاب، أو يرشده الشيوخ، فيعود إلى رشده ويغير رأيه. أما في العهد الجديد فقال السيد المسيح له المجد " قيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلاَّ لعلة الزنا يجعلها تزني ومن يتزوج بمطلقة فإنه يزني" (مت 5: 31، 32) وأقرَّ السيد المسيح شريعة الزوجة الواحدة (مت 19: 3 - 9) ومنع الطلاق إلاَّ لعلة الزنا. ومثال ثالث أن الإنسان في عصر الناموس الطبيعي كان ينتقم لنفسه بالطريقة التي يراها، فإن اعتدى عليه أحد وأصابه فربما يقتله، ثم جاءت شريعة العهد القديم وحجَّمت الشر " نفسًا بنفس وعينًا بعينٍ وسنًا بسنٍ ويدًا بيدٍ ورجلًا برجلٍ" (خر 21: 23، 24) أما في العهد الجديد فقد تقدم الله بالبشرية نحو مرحلة الكمال فقال " سمعتم إنه قيل لكم عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضًا" (مت 5: 38، 39) فهذا تدرج وليس ناسخ ومنسوخ. أما لو عاد الله وسمح بتعدد الزوجات والطلاق، ورجع إلى شريعة العين بالعين والسن بالسن فهذا هو الناسخ والمنسوخ.
2- بما أن أبونا إبراهيم عاش قبل شريعة موسى، فهو غير مقيد بما جاء في هذه الشريعة من أوامر ونواهي، وبهذا فهو لم يخطئ في زواجه بأخته غير شقيقته، لأنه لم تكن هناك ثمة وصية تمنع مثل هذا الزواج، وبذلك لم يرتكب إبراهيم عارًا، ولم تقع عليه اللعنة، ولا يستحق القتل، بل أن الله باركه وبارك مباركيه، وجعله رمزًا للراحة الأبدية، إذ يتكئ في أحضانه بنو الملكوت.
3- يقول الدكتور أحمد حجازي السقا " أنجب إبراهيم النبي عليه السلام بعد استقراره في أرض كنعان مهاجرًا من العراق، إسماعيل وإسحق عليهما السلام... إسماعيل من جارية مصرية تسمى هاجر... وإسحق من أخته لأبيه سارة، وكان زواج الأخت جائزًا من قبل أن تنزل التوراة"(2) كما يقول أيضًا الدكتور السقا " إن سارة أخت إبراهيم لأبيه. ومع أنها أخته هي زوجته. أما أنها أخته فليس من مانع يمنع من التصديق بأنها أخته، لأن التوراة ما حرمت الزواج بالأخت بعد، وزواج الأخت كان مباحًا للناس من أيام آدم ونوح إلى زمان موسى -عليهم السلام- ولم يرد في القرآن ما يُكذّب ذلك. لم يرد في التوراة أن زواج الأخت كان محرَّمًا في شريعة قبل شريعة موسى"(3).
_____
(1) راجع البهريز جـ 1 س21، س75، س234، وعلي الجوهري - مقدمة ترجمته لعتاد الجهاد ص 3.
(2) نقد التوراة ص 29.
(3) نقد التوراة ص 222.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/479.html
تقصير الرابط:
tak.la/ddn25sr