" وقال الرب أن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدًا. أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليَّ. وإلاَّ فأعلم" (تك 18: 20، 21) ويقول " ليوتاكسل " ساخرًا " وهكذا يظهر لنا يهوه إداريًا جيدًا، فهو لم يرغب في أن يأخذ المعلومات التي ترفعه الشرطة إليه، على أنها الحقيقة الوحيدة. وقد يقول قائل: إن الله الذي يرى كل شيء لا يمكن أن يخفى عليه شيء، ولذلك كان يعرف كل شيء دون اللجوء إلى تحقيقات كانت.."(1).
ج: سبق الرد على هذا الاعتراض في إجابة السؤال رقم (441) وهنا نؤكد على:
1- يُحدث الله الإنسان باللغة التي يدركها، ولذلك قال الكتاب " أنزل وأرى " وهو تعبير مجازي، لأن الله مالئ السموات والأرض وعالم بكل شيء " لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض" (2 أخ 16: 9).. " في كل مكان عينا الرب مراقبتين الطالحين والصالحين" (أم 15: 3).. " إذا اختبأ إنسان في أماكن مستترة أفما آراه أنا يقول الرب. أما أملأ أنا السموات والأرض يقول الرب" (أر 23: 24).
2- تعبير " أنزل وأرى " يكشف عن طبيعة الله وطول أناته فهو لا يعاقب سريعًا، إنما ينتظر ويطيل أناته ويمنح الخاطئ الفرصة الكافية لكيما يعود إلى رشده، ثم يجعل العقاب هو الحل الأخير... " أنزل وأرى " تعبير عن شدة الفحص والعدل المطلق في الحساب والعقاب.
3- يقول القمص تادرس يعقوب " أما تعبير " أنزل وأرى " فلا يُفهم بالمعنى الحرفي، فإن الله كائن في كل مكان، لكنه تعبير يناسب بشريتنا يكشف عن عدالة الله، لا يعاقب سريعًا إنما كمن ينتظر حتى ينزل ويرى بنفسه ما يفعله الإنسان... إنه مشغول بكل الحياة البشرية"(2).
4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار " أنزل وأرى... وهنا تبدو بوضوح طبيعة الله الرحومة واستعداده للصفح. إذا رأى بادرة لعودة الإنسان إليه ورجوعه عن طريق ضلاله {وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة} (2بط 3: 9) إذًا، فلم يكن نزول الرب وترائيه لإبراهيم في هذه المرة، من أجل أن ينبئه بميلاد إسحق فحسب، فقد أخبره عن ذلك من قبل، ولكنه كان نزولًا من أجل سدوم وعمورة لعلها تتدارك هلاكها"(3).
5- يقول الخوري بولس الفغالي " نزل الرب ليرى المدينة قبل أن يعاقبها، كملك يستوضح الأمور قبل أن يقرّر العقاب. لاشك في أنه كان يعرف خطيئة سدوم كما كان يعرف خطيئة بابل. نزل ليرى المدينة كما نزل ليرى برج بابل وكما جاء إلى قايين وسأله: أين أخوك؟ كل هذه طرق يعبّر بها الكاتب عن قرب الله من الكون"(4).
6- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس تعليقًا على ذات التعبير " أنزل وأرى".. " القصد من ذلك أن يعلن لإبراهيم ولجميع الأجيال عدالته في معاملة جميع الناس، وأنه لا يعاقب الأشرار إلاَّ لاستحقاقهم العقاب بالفعل. فانتقامه من سدوم لم يكن لمجرد أنه سمع صراخ إثمهم. ولكن لأنهم خطاة فعلًا. وقد تحققت خطاياهم وظهرت عندما أرسل الله الملاكين إلى سدوم وأظهر أهلها كل إثم وفجور. إن في هذا القول الإلهي " أنزل وأرى " تعليمًا لرجال القضاء ولغيرهم ألاَّ يصدروا أحكامًا على الناس إلاَّ بعد التأكد من صحة ما ينسب إليهم من أعمال وتصرفات"(5).
7- تقول الدكتورة نبيلة توما " أنزل وأرى... في طيات هاتين الكلمتين نلمح العناية الإلهية، فإن الله لا يتعجل في أعماله وصدور قراراته إلاَّ بعد طول أناته وبحث دقيق لعله يجد بعض الظروف المخففة، فالله لا يشاء أن يُهلك أحد، فهو بطئ الغضب، لا يلجأ إلى الدينونة إلاَّ بعد أن تعيا كل الحيل"(6).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 93.
(2) تفسير سفر التكوين ص 191.
(3) تفسير سفر التكوين - دير القديس أنبا مقار ص 251، 252.
(4) المجموعة الكتابية - سفر التكوين ص 250.
(5) تفسير سفر التكوين ص 174.
(6) تساؤلات حول الله في العهد القديم ص 65.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/467.html
تقصير الرابط:
tak.la/7cjn6h6