ج: 1- من المعروف أن الله غير محدود وغير متناه، لا يخلو منه مكان ولا زمان. أما معنى " خرج قايين من لدن الرب " أي أنه لم يحتمل مواجهة نور الرب بعد أن ارتكب هذه الخطية الشنيعة، والخطية ظلمة، فالظلمة غشته، فلم يقدر أن يتراءى أمام الله، لأنه من المستحيل أن تثبت الظلمة أمام النور، فخرج قايين من لدن الرب، أو قل أنه طُرح من أمام وجه الرب، وسكن في أرض " نود " أي أرض التيه، لأنه من المستحيل أن يسكن الخاطئ في حضرة الرب.
2- يقول القديس ديديموس الضرير " لا نفهم أن قايين خرج بعيدًا عن الرب مكانيًا، إنما نقول أن كل خاطئ هو خارج الرب بنفس المعنى الذي يحمله التعبير " أدخل نحو الرب " عندما يقول المزمور " أدخلوا إلى حضرته بترنم" (مز 100: 2) فعندما ندخل إلى حضرته نترك عنا كل ما هو خارجي أي الخطايا وكل الملموسات، حتى ننعم بأمور أخرى ليست من هذا العالم... لقد خرج قايين لأنه حسب نفسه غير مستحق لمعاينة وجه الرب، بمعنى أنه لم يعد له فكر الرب"(1).
3- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا "على الرغم من أن معرفتنا بأن الله موجود في كل مكان، لكننا نستخدم التعبير (في حضرة الرب) للتعبير عن قضائنا فترة صلاة نتكلم فيها مع الله. وهنا الكتاب المقدَّس يتكلم عن الحوار الذي دار بين الله وقايين، ويريد أن يوضح لنا نهاية الحوار، وماذا حدث بعده، فاستخدم هذا التعبير لكي يمكننا أن نفهم، وفي هذا التعبير إشارة إلى أننا بالخطية نكون في حالة ظلمة إذ نخرج من حضرة الله ونوره"(2).
4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر " القول أن قايين خرج " من لدن الرب " فهذا ربما يعني أنه كان يوجد مكان مُحدَّد يتكلم أو يتراءى فيه الرب له بطريقة ما، وربما يكون هذا المكان هو الذي قدم فيه كل من قايين وهابيل قربانهما (تك 4: 3، 4) وعلى هذا يكون القول أنه خرج من لدن الرب، أي أنه غادر هذا المكان... خرج قايين من أمام حضرة الرب، أي أن الحديث بينهما انتهى " وكان موسى عند دخوله أمام الرب ليتكلم معه ينزع البرقع حتى يخرج. ثم يخرج ويكلم بني إسرائيل بما يوصى" (خر 34: 34) الله موجود في كل مكان، و" نود " تعني التائه أو المنفي، وقول الكتاب أنه سكن في أرض لا يعني أن الله ليس موجودًا فيها، بل أنه خرج من حضن الرب ومن سلامه إلى التيه"(3).
5- تقول الدكتورة نبيلة توما " خرج قايين من لدن الرب، أي أنه طُرد من أمام وجه الرب ومن حضرته، فالخطية تصنع حاجز بين الإنسان الخاطئ والله، فيفقد الخاطئ مشاعر الحب والدالة بينه وبين الله، فالخروج هنا ليس خروجًا مكانيًا، إنما هو خروج عن الشركة مع الله والتمتع بالتواجد في حضرته"(4).
_____
(1) أورده القمص تادرس يعقوب - تفسير سفر التكوين ص 88.
(2) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/397.html
تقصير الرابط:
tak.la/qyf672h