يري "ﭽيمس فريزر " أن وراثة الابن الأصغر يعد مبدأ في الكتاب المقدَّس بدليل أن إسحق الأصغر ورث أبيه إبراهيم دون إسماعيل، ويعقوب دون عيسو، ويوسف دون إخوته، وأفرايم دون منسي، وفارص دون زارح، وسليمان دون أدونيا، فيقول ﭽيمس فريزر أن عادة إرث الابن الأصغر انتشرت في بعض مناطق إنجلترا، فقد كان في توننجهام، إقطاعيتين أحداهما كانت تقر الميراث للابن الأكبر، والأخرى كانت تقر الميراث للابن الأصغر، وفي "ويلز" كان الابن الأصغر يرث العقار والأرض والبلطة والمرجل والمحراث، وكذلك انتشرت في فرنسا في القرن السابع عشر عادة توريث الابن الأصغر الأرض المملوكة للأب، كما سادت هذه العادة في بلاد نهر الراين، وتمسك بها المزارعون حتى أنه لم يتبقَ لهم نصيب ليرثوه، وحتى إن لم يترك الأب وصية مكتوبة بأن يؤول ميراثه للابن الأصغر. كما انتشرت هذه العادة في سويسرا، والدنمارك والنرويج والسويد، وكما كان الابن الأصغر له حق الميراث فإنه كان يتحمل عبء رعاية أبويه العاجزين وأخواته غير المتزوجات(1).
وهكذا أخذ فريزر يورد عشرات الأمثلة من مناطق مختلفة يدلل بها علي عادة وراثة الابن الأصغر للميراث، وعادة أخري في بعض المناطق وهي وراثة الابنة الصغرى الميراث من أمها(2).
ويعلل الرائد "تيكيل" وراثة الابن الأصغر للميراث قائلًا "إن الابن الأصغر هو الذي يرث ممتلكات أبيه، لأنه يكون عاجزًا عن أن يعول نفسه عند وفاة والديه، وعلي عكس أخوته الكبار الذين سبق لهم أن أعانهم أبوهم في أثناء حياته علي سبيل الاستقلال بحياتهم"(3).
ج: 1- ما حدث في الكتاب المقدَّس من تفضيل إسحق علي إسماعيل، ويعقوب علي عيسو، يرجع إلي تذكية الله لإسحق ويعقوب، والإنسان يتزكى أمام الله بناء علي نيته الصادقة وأعماله الحسنة، فالله أقر حق وبركة البكورية للابن البكر، ولكن إن كان الابن البكر أعماله لا تُرضي الله، فإن البكورية تنزع منه وتعطي للابن الأصغر... قال الله "أليس عيسو أخا يعقوب. يقول الرب وأحببتُ يعقوب وأبغضت عيسو" (ملا 1: 2، 3) نعم عيسو أخو يعقوب، بل هو توأمه، من أب واحد وأم واحدة وبطن واحدة، فالفرصة بينهما متساوية، بل أن عيسو يتميز بحقه في البكورية، ولكن عيسو صار مستبيحًا واحتقر البكورية، وفضل أكلة عدس عليها "فاحتقر عيسو البكورية" (تك 25:34) ولذلك اختار الله يعقوب ورفض عيسو بسابق علمه لما سيكون عليه كل منهما، وقد أعلن الله هذه الحقيقة لرفقة أمهما "قال لها الرب في بطنك اثنان ومن أحشائك يفترق شعبان. شعب يقوي علي شعب، وكبير يُستعبد لصغير" (تك 25:23) وقد حذرنا الإنجيل لئلا نسلك كما سلك عيسو "لئلا يكون أحد زانيًا أو مستبيحًا كعيسو الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته" (عب 12:16) ومع كلٍ فإن بغضة الله لعيسو لم تكن بغضة شخصية ولا عداوة، لأن الله محبة، إنما كرهَ الله شر عيسو، فأبغض عيسو المتمسك بالشر عدلًا، وأحب يعقوب فضلًا، والأمر الغريب أن الله الذي اختار يعقوب وأحبه، جاء أولاد يعقوب (اليهود) ورفضوه فرفضهم "إلي خاصته جاء وخاصته لم تقبله" (يو 1: 11) وقد ناقش معلمنا بولس الرسول هذا الاختيار في الإصحاح التاسع من رسالته لأهل رومية.
2- لم يأخذ الكتاب المقدَّس من عادات الشعوب، بل أن الأمثلة العديدة التي ساقها ﭽيمس فريزر يرجع تاريخها إلي عصور حديثة نسبيًا، ولا ترقي في القدم إلي الوقت الذي عاش فيه الآباء البطاركة.
_____
(1) راجع الفولكلور في العهد القديم ﺠ 2 ص 61 -69.
(2) راجع الفولكلور في العهد القديم ﺠ 2 ص 70- 120.
(3) الفولكلور في العهد القديم ﺠ 2 ص 111.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/298.html
تقصير الرابط:
tak.la/35w9pma