س 1664 : ما معنى قول داود: " يَحْلِفُ لِلضَّرَرِ وَلاَ يُغَيِّرُ " (مز 15 : 4)؟ وهل هذا يعني أن من يحلف على إيقاع الأذى والضرر بآخر ملتزم بأن ينفذ هذا؟.. وهل أوصى الله بالحلف (خر 20 : 7، لا 19 : 12، عد 30 : 2)، أم أنه نهى عنه (مت 5 : 33-35)؟
ج : 1ــ قال داود النبي عن الإنسان السالك في طريق الكمال أنه: " يَحْلِفُ لِلضَّرَرِ وَلاَ يُغَيِّرُ" (مز 156 : 4).
وفي "الترجمة القبطي": " الذي يحلف لقريبه ولا يغدر به".
وفي "الترجمة اليسوعية": " وإن أقسم مُضِرًّا بنفسه لم يُخلِف".
وفي " ترجمة كتاب الحياة": " لا ينقضُ حلفَهُ ولوْ فيه أذى له".
وفي "الترجمة العربية المشتركة": " يُحلِفُ ولا يَخلِفُ ولو تضرَّرَ".
فواضح أن المقصود هو التزام الإنسان بحلفه حتى لو كان هذا يعود بالضرر عليه شخصيًا، ويقول "الأب متى المسكين": " يحلف حسب قلبه ولا يحنث ويتمم حلفانه بدون تعديل، حتى ولو كان حلفانه لضرَّره هو لا يرجع عن حلفانه، يعترف ويعتذر ويقدّم ذبيحة... " أَوْ إِذَا حَلَفَ أَحَدٌ مُفْتَرِطًا بِشَفَتَيْهِ لِلإِسَاءَةِ أَوْ لِلإِحْسَانِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَفْتَرِطُ بِهِ الإِنْسَانُ فِي الْيَمِينِ وَأُخْفِيَ عَنْهُ ثُمَّ عُلِمَ فَهُوَ مُذْنِبٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ. فَإِنْ كَانَ يُذْنِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ هذِهِ، يُقِرُّ بِمَا قَدْ أَخْطَأَ بِهِ" (لا 5 : 4، 5) (165).
2ـ كان بنو إسرائيل يعيشون وسط شعوب وثنية يحلفون بأوثانهم، فحتى لا يسقطوا في هذه الخطيَّة سمح الله لهم بالحلف بإلههم بشرط أن يكونوا صادقين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فقال " لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا. لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا" (خر 20 : 7)، ولكن في العهد الجديد منع الرب الحلف قائلًا: " أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لاَ تَحْنَثْ بَـلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ" (مت 5 : 33، 34).
ويقول "القس بطرس جرجس": " إن الناموس الموسوي قد أباح لبني إسرائيل الحلف بالصدق، ذلك لأنهم بقربهم من الوثنيين كانوا يحلفون بالأصنام مثلهم، وكان نقلهم عن هذه العادة دفعة واحدة صعبًا، فتدرجت معهم الشريعة بالإعاضة عن تلك الأقسام بالحلف بِاسم الإله الحقيقي صدقًا لئلا يحلفوا بأسماء الأصنام كما تعودوا، أما الشريعة الإنجيلية فمنعت الإنسان من الحلف في كل أموره الشخصية والجمهورية كما قال السيد المسيح: " سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّة... إلخ." (مت 5 : 33 - 37).
وهذا المنع لا يمس واجباتنا للحكومة لأنها تضطر لكثرة الحنث بين الناس أن تطلب القسم لإظهار الحق، ولا يُنهي السيد المسيح عن مثل هذه الأقسام الشرعية، بل عن المستعملة في المحادثات العادية بغير مسوغ... فعلى المسيحي عندما يؤمر بالقسم شرعًا أن يقسم بكل وقار لا لكي يجبر نفسه على التكلم بالصدق، بل لكي يُقنع الآخرين بصدق قوله. وفي الحقيقة لولا انتشار الكذب في العالم لم تكن هناك حاجة إلى الأقسام الشرعية ولا يجـوز استعمالها إلاَّ وفقًا لشر جسيم أيضًا، والمسيحيون بالحق لا يحتاجون إلى الأقسام مطلقًا فلو زال من العالم الخداع والكذب لزالت الحاجة إلى الأقسام أيضًا" (166).
_____
(165) المزامير - دراسة وشرح وتفسير جـ 2 ص 139.
(166) الكوكب المنير في تفسير المزامير جـ 1 طبعة 1939م ص 148، 149.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1664.html
تقصير الرابط:
tak.la/wsy45ax