St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1648- هل الله يبغض فاعلي الأثم: "رَجُلُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ" (مز 5 : 6) أم أنه لا يسر بموت الشرير: "حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ" (حز 33 : 11).. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 3 : 16)؟

 

س 1648 : هل الله يبغض فاعلي الأثم: " رَجُلُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ" (مز 5 : 6) أم أنه لا يسر بموت الشرير: "حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ" (حز 33 : 11).. " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 3 : 16)؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 ج : 1- اللاهوت منزَّه عن الانفعالات والعواطف البشرية، والله نور ليس فيه ظلمة البتة، فالخاطئ المتشبث بخطاياه، تصير خطاياه فاصلًا بينه وبين الله، فيسلك في الظلمة، وفي الظلمة يكون فريسة سهلة لعدو الخير، إذًا التغيير الحادث هو من طرف الإنسان وليس من طرف الله، وقال داود النبي: " أَبْغَضْتَ كُلَّ فَاعِلِي الإِثْمِ. تُهْلِكُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِالْكَذِبِ. رَجُلُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ يَكْرَهُهُ الرَّبُّ" (مز 5 : 5، 6)، وجاء في سفر الحكمة: " فَإِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْمُنَافِقَ وَنِفَاقَهُ عَلَى السَّوَاءِ" (حك 14: 9)، فالحقيقة أن الله يبغض الخطيَّة والأثم ويكره الغش، لأن الخطيَّة في حقيقتها تعدي على الله وعلى وصاياه: " كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أَيْضًا. وَالْخَطِيَّةُ هِيَ التَّعَدِّي" (1يو 3 : 4)، وعندما يتشبث الشرير بشره فأنه يطرح نفسه في دائرة الغضب الإلهي، ويعرّض نفسه للهلاك في بحيرة النار والكبريت التي أعدَّها الله ليس للإنسان، بل أعدَّها لإبليس وجنوده: " ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (مت 25 : 41).. لاحظ وصف الله لهؤلاء الأشرار بالملاعين، فإن من تقسى قلبه حتى أنه يسفك دم أخيه في الإنسانية كما فعل قايين، فأنه لا يستحق رضاء الله عنه، بل يستحق اللعنة كما لعن الله قايين: " فَالآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ" (تك 4 : 11).

 

 2ـ يقول "القديس أُغسطينوس": " إن الله يجد في الخاطئ سبب المحبة وسبب البغضة، فسبب المحبة ما يُنسب إليه من جسدنا وأرواحنا وأنفسنا، وسبب البغضة ما يُنسب إلينا من خطايا وشهــوات منحرفة ونقائص صادرة عن شقاوتنا" (100).

ويقول "الراهب القس أوغريس السرياني": " الخطاة الذين بإرادتهم يسلكون عن طريق الشر والخطيئة، ويرفضون حياة التوبة نجد أن الله ينظر إليهم بعين البغضة والغضب، ويتركهم مرذولين كما فعل بالجند السماوي الذي سقط في خطيَّة الكبرياء وتم طردهم من السماء إلى الهاوية إلى الهلاك الأبدي. وكما يفعل من لا يقبل التوبة على الرغم من طول أناته عليهم، فيسلمهم نتيجة لشرورهم إلى ذهن مرفوض وفي يوم الدينونة العظيم إلى النار الأبدية. على الرغم من أن الله يحب الخطاة والأشرار ويقبل توبتهم وعودتهم إلى حظيرته إلاَّ أنه يبغض الشر والخطيَّة. أما إذا أصرَّ فاعلي الأكاذيب وسافكي الدماء والمنافقين على أعمالهم، فهو يرذلهم ولا يقبل شفاعة عنهم وبحسب عدله يحكم عليهم بالهلاك الأبدي" (101).

 

 3ــ يحب الله كل البشر، ويشرق شمسه على الأبرار والأشرار، يحب الأبرار ويحذر الأشرار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: " حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ" (حز 33: 11)، ولكن ما رأيك في إنسان لا يلتفت إلى تحذيرات الله المتكررة ويطلق العنان لشروره فتزداد يومًا بعد يوم؟! لقد حدَّد الله لكل إنسان أجله، وبالرغم من أن فترة عمره على الأرض تعبر سريعًا كالبخار ولكنها في منتهى الخطورة، لأنها تحدد مستقبل الإنسان الأبدي، ومن يزداد شره تقصر أيامه: " لاَ تَكُنْ شِرِّيرًا كَثِيرًا وَلاَ تَكُنْ جَاهِلًا. لِمَاذَا تَمُوتُ فِي غَيْرِ وَقْتِكَ" (جا 7 : 17).. " مَخَافَةُ الـرَّبِّ تَزِيدُ الأَيَّامَ أَمَّا سِنُو الأَشْرَارِ فَتُقْصَرُ" (أم 10 : 27) فأيام الشرير تقصر، بمعنى أن يموت دون أن يُكمِل عمره، أو أن عمره يعبر سريعًا فلا يشعر بالبركة في أيامه، والإنسان الذي يزداد شره فهو يشبه كلب الحراسة الذي أصيب بمرض السعار، فعوضًا عن أن يحرس قطيع الغنم من الذئاب الخاطفة، يفتك بالغنم، فلا مناص للراعـي من الخلاص منه، وقال داود النبي: " وَأَنْتَ يَا اَللهُ تُحَدِّرُهُمْ إِلَى جُبِّ الْهَلاَكِ. رِجَالُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ لاَ يَنْصُفُونَ أَيَّامَهُمْ" (مز 55 : 23).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

 (100) إعداد راهب من دير المحرق - تفسير سفر المزامير جـ 1 ص 89.

(101) تأملات في سفر المزامير جـ 1 ص 37، 38.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1648.html

تقصير الرابط:
tak.la/5jcz56d