ج: 1- جاء في بداية سفر أيوب: "وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، وَإِذَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ جَاءَتْ مِنْ عَبْرِ الْقَفْرِ وَصَدَمَتْ زَوَايَا الْبَيْتِ الأَرْبَعَ، فَسَقَطَ عَلَى الْغِلْمَانِ فَمَاتُوا، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ" (أي 1: 18، 19). إذًا واضح جدًا أن جميع أبناء أيوب قد فقدوا حياتهم، ويؤيد ذلك القول القاسي الذي تفوَّه به بلدد الشوحي عندما قال لأيوب: "إِذْ أَخْطَأَ إِلَيْهِ بَنُوكَ، دَفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مَعْصِيَتِهِمْ" (أي 8: 4)، وهنا يقول أيوب البار: "نَكْهَتِي مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ امْرَأَتِي، وَخَمَمْتُ عِنْدَ أَبْنَاءِ أَحْشَائِي. اَلأَوْلاَدُ أَيْضًا قَدْ رَذَلُونِي. إِذَا قُمْتُ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيَّ" (أي 19: 17، 18)، وليس بالضرورة أن تعبير " أَبْنَاءِ أَحْشَائِي " أو " أبناء بطني " يخص الأبناء فقط، بل ينطبق أيضًا على الإخوة والأحفاد، فالمقصود بالأحشاء هنا أحشاء أم أيوب، لأننا عندما ننسب الأبناء أو الأحفاد لأبيهم نقول أنهم من صلبه وليس من أحشائه، فالأحشاء خاصة بالأم التي تحمل بالجنين في أحشائها.
وعندما قال أيوب: "اَلأَوْلاَدُ أَيْضًا قَدْ رَذَلُونِي. إِذَا قُمْتُ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيَّ " فهو لم يقصد أولاده، لأن الكتاب لم يذكر قط أن أبناء أيوب قد رذلوا أبيهم، بل أنهم كانوا مُحبِّين لبعضهم البعض، يجتمعون كل يوم في بيت أحدهم اجتماع المحبة، وكان أبوهم يهتم بهم جدًا، ويُقدِّم من أجلهم الذبائح، فليس من المنطقي أن أولادًا بهذه الصفات يرذلون أبيهم، وأيضًا عندما قال أيوب: "اَلأَوْلاَدُ أَيْضًا قَدْ رَذَلُونِي " كان أولاده في زمة الله، فقد ماتوا جميعًا. إذًا أيوب كان يقصد بهؤلاء الأولاد غلمانه أو أولاد المنطقة الذين أهملوه واحتقروه، وفي " ترجمة كتاب الحياة": "عَافَتْ زوجَتي رائِحةَ أنفَاسِي الخبيثَةَ، وكَرَهنِي إخوتي فابتَعدُوا عنّيِ. حتى الصَبيانُ يزدرُنَني إذا قمتُ يسخروُن منّي". وفي وسط مجتمع يحفظ للشيخ وقاره تظهر بشاعة أولئك الغلمان أو صبيان المنطقة الذين فقدوا احترامهم لأيوب، بل أنهم ازدروا به.
2- يقول " لويس صليب": "يتحوَّل أيوب إلى إنسان يجد الظلم عينه، الذي هو (ضمنًا) من الله. فإن غزاته (تعالى) قد أحاطوا به، حاصروه، إخوته تخلّوا عنه وتركوه، أقاربه خذلوه ونسوه، عبيده كأجنبي حسبوه، ولعبده يتجه مُتوسّلًا من قِبل أن يستمع له. وأنكى من ذلك، أن امرأة حضنه تنفر من رائحته الكريهة، الأولاد سخروا به، والأصحاب تجنبوه. عِظَامه لصقت بجلده، وبالكاد نجا من الموت"(1).
_____
(1) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 205.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1564.html
تقصير الرابط:
tak.la/ytywpz2