ج: 1- قال بلدد الشوحي أن الإنسان الخاطئ الفاجر لا يثبت أمام عدالة السماء، فأقرَّه أيوب على هذا: "فَأَجَابَ أَيُّوبُ وَقَالَ: صَحِيحٌ. قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ كَذَا، فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟ إِنْ شَاءَ أَنْ يُحَاجَّهُ، لاَ يُجِيبُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ. هُوَ حَكِيمُ الْقَلْبِ وَشَدِيدُ الْقُوَّةِ" (أي 9: 1-4). أي أن الإنسان لا يستطيع أن يتبرَّر، ويقف كبارٍ بلا خطية أمام عدالة الله وقداسته، وذلك ليس فقط بسبب شر الإنسان، ولكن أيضًا بسبب قداسة الله المُطلقة، فمهما بلغت حياة الإنسان من كمال فهي بجوار قداسة الله المُطلقة كلا شيء، والحقيقة: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ... الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (رو 3: 10، 12)، فأيوب عندما يقارن نفسه بالآخرين يشعر أنه في القمة بارٌّ وكاملٌ ومستقيمٌ، ولكن عندما يقف أمام الله العادل البار القدوس فيرى أنه لا يوجد إنسان بلا خطية سواء عن قصد أو بدون قصد، سواء عن معرفة أو بدون معرفة، ومَنْ يخلص مِن السهوات والأفكار التي لا تليق..؟!! إذًا مَنْ يقدر أن يتبرَّر أمامه..؟! لا أحد إلاَّ الذي لَبِس المسيح.
ولو أراد الله أن يُحاجج هذا الإنسان، وقدَّم له ألف سؤال فإن الإنسان يعجز عن إجابة سؤال واحد، وهذا ما حدث مع أيوب في نهاية السفر إذ صحبه الرب في رحلة عجائبية وسأله أسئلة عديدة فلم يجب أيوب على سؤال واحد، وليس أيوب بمفرده، بل وكل البشرية لا تستطيع أن تفتح فاها أمام الله. لاحظ أن الناقد قلَبّ الحقيقة في سؤاله، فادَّعى أن الإنسان هو الذي يسأل والله لا يجيب، وهذا عكس الحقيقة، وهذا واضح من " ترجمة كتاب الحياة": "إن شاءَ المرُ أن يحاجَّ معه. فإنه يعجزُ عن الإجابةِ على حُجَّةٍ من ألفٍ"، ولذلك قال داود النبي: "وَلاَ تَدْخُلْ فِي الْمُحَاكَمَةِ مَعَ عَبْدِكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَتَبَرَّرَ قُدَّامَكَ حَيٌّ" (مز 143: 2).
2- يقول " القمص تادرس يعقوب " تعليقًا على (أي 9: 3): "لا يستطيع إنسان ما أن يباري خالقه في المناقشة أو في النضال. لا يقدر الإنسان أن يجيب عن سؤال واحد من بين ألف سؤال يُقدِّمه الله له. لقد تكلَّم الله مع أيوب وعرض عليه عدة أسئلة، ووقف أيوب عاجزًا عن الإجابة عن أي سؤال منها (أي 38، 39). هكذا تقف حكمة الإنسان صامتة في عجز أمام حكمة الله الفائقة.
يوجه الله إلى الإنسان ألف اتهام، ولا يجد الإنسان إجابة ليُبرِّر ما يفعله ولو في أمر واحد من الألف، لأن الله لا يخطئ في حكمه، وهو يعرف أعماقنا أكثر من معرفتنا نحن لأنفسنا. ليس لنا إلَّا أن نضع أيادينا على أفواهنا كما فعل أيوب (أي 40: 4-5)"(1).
_____
(1) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 328.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1539.html
تقصير الرابط:
tak.la/h2tkrpv