St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1535- كيف يغضب أيوب على أصدقائه فيشبههم بغدير المياه الذي يهب الحياة (أي 6: 15)؟

 

ج: 1- قال أيوب البار: "أَمَّا إِخْوَانِي فَقَدْ غَدَرُوا مِثْلَ الْغَدِيرِ. مِثْلَ سَاقِيَةِ الْوُدْيَانِ يَعْبُرُونَ" (أي 6: 15).

     وفي "الترجمة اليسوعية": "قد غَدَرني إخْواني كسَيْلٍ كَمَجرْى الأَوديةِ العابِرَة".

     وفي "ترجمة كتاب الحياة": "قد غَدَرَ بي إخْواني كسَيْلٍ انقطع مَاؤُهُ وكَميَاهِ الأودِيَةِ".

     وفي "الترجمة العربية المشتركة": "إخْواني يَمرُوُّن كالسيلِ ويعبرُونَ كأنهار الأوديةِ".

     ومن الترجمات المختلفة السابقة يتضح المعنى تمامًا، فإن أيوب لا يشبه أصدقائه بغدير ماء جاري، إنما يشبههم بغدير ماء مخادع، مرَّ عليه قوم فوجدوا ماءه غزيرًا، وعندما عادوا إليه وقت الحاجة لم يجدوا فيه نقطة ماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهكذا خُدع أيوب في أصدقائه فكان يظن أنهم أتوا ليعزوه ويحملوا معه العبء والمشقة وإذ بهم معزُّون متعبون كلهم، فهو يشبههم بمجرى زائف امتلأ بمياه المطر ولكن سرعان ما تسربت المياه من خلال مسامه، ثم يصوّر أيوب القوافل وهي تسرع نحو هذا الغدير لترتوي بمائه وإذ به قد جفَّ فيخيب أملها، ويطاردها شبح الموت عبر صحراء كاحله، هكذا حدث مع أيوب فقد انتظر كلمة عزاء تروي عطشه وإذ به يواجه بسيل من التوبيخ والتعنيف والتأنيب، فقد غدروا به مثل ذاك الغدير الجاف، فهم أشبه بمن قال عنهم داود النبي: "أَحِبَّائِي وَأَصْحَابِي يَقِفُونَ تُجَاهَ ضَرْبَتِي، وَأَقَارِبِي وَقَفُوا بَعِيدًا" (مز 38: 11).

 

2- يقول " القس وليم مارش": الغدير: هو نهر شتوي ينزل من الجبال ويجري في أيام المطر ويجف من مكانه في أيام الصيف، وهو يغدر بالناس، لأنهم يأتونه صيفًا راجين أن يشربوا منه فلا يجدون ماء. وقوافل تيماء وسبأ في بلاد العرب حادوا عن طريقهم وقصدوه للارتواء لمعرفتهم بمكان كانوا وجدوا فيه ماء في أسفارهم السابقة، ولكنهم لم يجدوا الآن فيه ماء فلم تبقَ لهم ولجِمالهم قوة ليرجعوا إلى طريقهم العمومية فهلكوا من العطش، وهكذا أيوب التفت إلى أصحابه منتظرًا منهم تعزية كعادته فلم يجد"(1).

 

3- يقول " وليم كلي": "يريد أيوب أن يشبه أمر أصحابه معه بالصحراء التي كان يعرفها جيدًا وكانوا يعرفونها. هناك فرق عظيم بين مسيرك في الصحراء في الشتاء ومسيرك فيها في الصيف، في الشتاء حيث لا ضرورة قصوى للماء، وفي قيظ الصيف حيث تشتد الحاجة ولو إلى نقطة واحدة من الماء لتبريد اللسان. هناك ترى الوديان -كما يسمونها- التي كانت وقتًا ما تشير في التيه حاملة الماء، تراها وقد امتصتها الرمال أو بخَّرتها حرارة الشمس. تلك هي المقارنة التي يسوقها أيوب لموقف أصحابه معه... لقد كان هناك وقت كنت أظن إني أستطيع أن أنشد منكم بعض التعزية، ولكن الآن قد تغيرُّ كل شيء، فليس لديكم الآن سوى شك وسوء ظن لا أساس له على الإطلاق"(2).

 

4- يقول " متى هنري": "أمَّا الفشل الذي لقيه أيوب فأنه يشبهه بانقطاع السواقي في الصيف...

(1) فخطاهم وادعاءاتهم تشبه تمامًا مظهر الغدير عندما ينتفخ بمياه الفيضان، وذوبان الثلج والبرد، اللذين يجعلان المياه محملة بالطين (ع 16) " التي هي عكرة من البرد".

(2) وأماله فيهم، التي بعثها فيه مجيئهم إليه بوقار واتزان ليعروه أشبهها بآمال السائحين المتعبين العطشى الذين يرجون أن يجدوا في الصيف ماء طالما وجدوه في الشتاء بوفرة...

(3) لأن خيبة آمال أيوب شُبهت هنا بالارتباك الذي يتملك على المسافرين المساكين عندما يجدون أكداسًا من الرمال بدل المياه المتدفقة، في الشتاء، حيث لم يكونوا عطشى، كانت المياه متوفرة...

وهكذا نرى أن الذين يضعون آمالًا عالية في الخليقة يجدونها قد تلاشت في  الوقت الذي كان يرجون فيه أن تغيثهم. أمَّا الذين يضعون ثقتهم في الله فإنهم يجدون نعمة عونًا في حينه (عب 4: 16)"(3).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ5 ص 179، 180.

(2) إحدى عشر محاضرة في سفر أيوب ص 39، 40.

(3) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 105، 106.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1535.html

تقصير الرابط:
tak.la/q4h7h6k