St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1532- هل اضطربت قوى أيوب العقلية فبدأ ينطق بعبارات لا معنى لها مثل قوله "لَغَا كَلاَمِي"، وصوَّر الله كصياد أنشب سهامه المسمومة في روحه (أي 6: 3، 4)؟ وهل لدى الله سهام مسمومة أم أنها سهام روحيَّة؟

 

ج: 1- عبَّر أيوب عما اعتراه من كرب عظيم ومصيبة ثقيلة مما أثر عليه فقال: " مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لَغَا كَلاَمِي. لأَنَّ سِهَامَ الْقَدِيرِ فِيَّ وَحُمَتَهَا شَارِبَةٌ رُوحِي. أَهْوَالُ اللهِ مُصْطَفَّةٌ ضِدِّي" (أي 6: 3، 4).

     وفي " الترجمة اليسوعية": "فلذلك ألْغُو في كلامي. لأنَّ سهام القدير فيَّ يمتصُّ روحي سُمَّها، وأهوال الله اصطفت ضدي".

     وفي " ترجمة كتاب الحياة": "لهذا ألْغُو بكلامي. لأن سهام القدير ناشبة فيَّ. ورُوحي تَشْرَبُ من سُمّها، وأهوال الله مصطفة حولي".

     وفي " الترجمة العربية المشتركة": "وكيف لا يكونُ كلامي لَغوًا. وأهوال الله تمحقني وسهامه تَنغَرزُ بي وسمُومُها تمتصّ روحي "

لَغَا كلامي: أي احتد وطاش كلامي، أو صارت كلماتي مضطربة، أو صار كلامي باطلًا، وفي "مختار الصحاح: "لَغَا " أي قال باطلًا، و"ألْغَى " الشيء أي أبطله(4) وجاء في " المصباح المنير" طبعة 1987م ص 213: "لَغَا: كلام فيه جلبة واختلاط و(لَغَا) الشيء يلغو لغوًا من باب قال بطل، ولَغَا الرجل: تكلم باللغو وهو اخلاط الكلام، ولَغَا به: تكلَّم به، والغيته: أبطلته، وألغيته من العدد: أسقطته...".

     فوسط أتون النيران التي يجوزها أيوب، لم يَعُدْ قادرًا على تزيين الكلام وتنميقه وضبط نطقه، إنما خرجت كلماته ممتزجة بمرارة الألم، ولذلك يعتذر أيوب عن التعبيرات غير اللائقة التي تفوَّه بها، ويقول " لويس صليب": "من أجل ذلك لَغَا كلامي: كانت أقواله مضطربة، وهو يعرف بأن لغته لم تكن كما يجب، وقد اضطر إليها اضطرارًا بحكم آلامه الداخلية وأوجاعه القاسية اليائسة حتى جاءت أقواله مضطربة إذ لم ينطق بها هادئًا بل تدفقت من فمه لغوًا في حدة تأثره"(1).

     ويقول " ى. س. ب. هيفينور": "لَغَا كلامي: صار طائشًا نزقًا. في الترجمة " ابتُلعت كلماتي " وكأنه يطلب ألا يحكم على صراخ المصاب قبل أن يعرف مصائبه"(2).

     وحُمتها: الحُمة هي إبرة العقرب التي يلدغ بها، وحُمتها أي سُمها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فأيوب يتصوَّر كأن سهام الله المسمومة نشبت به فتشرَّب جسده السُم حتى وصل إلى روحه، مع أن هذه السهام هي سهام عدو الخير المُلتهبة نارًا، ولكن لأن أيوب جهل مصدرها لذلك ظن أن مصدر هذه الآلام التي لا تُحتمل هو الله، فسأَّمت حياته طعم الحياة، وصارت كطعام غث بدون ملح.

 

2- يقول " متى هنري": "لَغَا كلامي: أي التمسوا لي المعذرة إن وجدتم كلامي مضعضعًا أو ممتزجًا بمرارة، لا تحسبوه أمرًا غريبًا إن وجدتم كلامي غير بليغ مثل كلام الخطباء المقتدرين، أو غير بليغ مثل كلام الفلاسفة النابهين:

(1) وهو بهذا شكا من أن أصدقائه عالجوا حالته قبل أن يدركوها إدراكًا كاملًا، ويعرفوا مرارتها...

(2) واعتذر عما تفوَّه به من التعبيرات الثائرة التي تفوَّه بها عندما سبَّ يومه...  فإن حالته في الواقع غير عادية، وتستحق أن يُنظر إليها نظرة ملطفة لأنها حالة شخص مُثقل بالحزن الشديد.

(3) والتمس عطف أصدقائه عليه، راجيًا أن يحسنوا موقفهم بإزائه إذا ما صوَّر لهم هول مصيبته"(3).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) تفسير سفر أيوب جـ1 ص 103.

(2) مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ3 ص 22.

(3) ترجمة القمص مرقس داود - تفسير سفر أيوب جـ1 ص 83.

(4) راجع مختار الصحاح طبعة 1926م ص 600.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1532.html

تقصير الرابط:
tak.la/dhf5vkw