ارتبط عيد الفوريم بالحفلات التنكرية، حتى أن العرب دعوه عيد المساخر، ومنع بعض الملوك العرب والأجانب اليهود من الاحتفال بهذا العيد(2).
ج: 1- تصدى اليهود يوم 13 آذار للذين أرادوا إبادتهم ونشبت معارك دامية، فقتل اليهود من أعدائهم خمسة وسبعين ألفًا، بالإضافة إلى ثمان مئة رجل في مدينة شوشن على مدار يومين، ولم يمدوا أيديهم إلى النهب، واستراحوا في اليوم الرابع عشر باستثناء يهود شوشن الذين حصلوا على إذن ملكي باستمرار الانتقام من أعدائهم يومًا آخَر، ثم استراح جميع اليهود في اليوم الخامس عشر، ولذلك كتب مردخاي إلى جميع اليهود القريبين والبعيدين "لِيُوجِبَ علَيهِم أن يُعَيِّدُوا في اليَوم الرَّابعِ عشَرَ من شَهْرِ أذَارَ، واليَوم الخَامِسِ عَشَرَ منه في كُلِّ سنَةٍ، لِيَجعلُوها أَيَّام شُرب وفَرَحٍ وإِرسَالِ أنصِبَةٍ مِنْ كُلِّ واحد إلى صاحِبِهِ وعطَايَا لِلفُقَراء" (أس 9: 21، 22) ولأن هامان ألقى فورًا أي قرعة لتحديد اليوم الذي يبيد فيه اليهود، لذلك دعوا هذا العيد بعيد الفوريم: "لذلِكَ دَعُوا تلكَ الأَيَّامِ فُورِيم عَلَى اسم الفُورِ... وأن يُذكَرَ هذَانِ اليَومَانِ ويُحفَظَا في دورٍ فَدَوْرٍ وعَشِيرَةٍ فَعَشِيرَةٍ وبِلاَدٍ فبِلاَدٍ ومدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ. ويوما الفُورِ هذَانِ لا يَزُولاَنِ منْ وسَطِ اليَهُود، وذِكرُهُما لا يَفْنَى من نَسلهم" (أس 9: 26، 28)، فكان اليهود يصومون يوم 13 آذار من كل عام للمساء، ويدعون هذا الصوم بصوم أستير، وفي اليوم التالي يقرأون سفر أستير.
2- كلمة "الفور" تعني حجر الزهر المكعب، وكان يُستخدم في تحديد بعض الأمور التي يصعب على الإنسان اتخاذ قرارًا فيها، والفكرة ليست يهودية، إنما هي فكرة استخدمتها الشعوب الوثنية، وهى تدور حول نظرية القضاء والقدر والفال والحظ، فالتقط اليهود هذه الفكرة وحوَّلوها إلى عيد ديني وقومي يتذكرون فيه على مدى الأجيال مدى عمل الله وسط شعبه، كما يصير هذا العيد فرصة للاهتمام بالفقراء والمحتاجين، والتواصل الاجتماعي وتقديم هدايا لبعضهم البعض، وفي عصر المكابيين عُرف هذا اليوم بيوم مردخاي (2مك 15: 37).
3- يقول "القمص مكسيموس وصفي" عن طقس الاحتفال بعيد الفوريم: "يعيد اليهود في الرابع عشر والخامس عشر من شهر آذار (مارس) عيدًا سنويًا، ويسميه اليهود "عيد مردخاي" ويسبق ذلك، اليوم الثالث عشر الذي يُفرض فيه الصوم، حيث يبدأ الاستعداد للعيد بالصوم، ويُسمى "صوم أستير" وفي العشية مساء هذا اليوم، يبدأ الاحتفال بالعيد، ويبدأ الاحتفال بظهور أول النجوم في السماء، فتضاء الشموع ويجتمع اليهود في المجمع ليبدأ احتفالهم بالعيد. وإذا وقع 13 آذار في يوم سبت، يصوم اليهود يوم الخميس السابق له. أما في اليوم الرابع عشر (وهو اليوم الأول من العيد) فيجتمع اليهود في المجمع، وبعد خدمة صلاة المساء تقرأ فصول من سفر الخروج (خر 32: 11 - 14، 34: 1 - 11) وهى قراءات تذكرهم بنجاتهم من عبودية المصريين، ويُقرأ في سفر إشعياء، وفيه وعد الله بالبركة لشعبه، وحفظ اسم الرب علامة أبدية لا تنقطع (إش 55: 6 - 56: 8).
ثم يُقرأ سفر أستير، وعند وصولهم إلى اسم هامان يصرخ جمهور المصلين: "ليُمحَ اسمه"! وهنا يشخشخ الأولاد بالشخشيخات والأجراس spring rattles وحينما يصل القارئ إلى أسماء أبناء هامان، يقرأها القارئ بسرعة، ويرد عليه الجمهور: "ملعون هامان ومبارك مردخاي"! وبعد الانتهاء يعود اليهود إلى بيوتهم ويتناولون في ذلك اليوم اللبن والبيض، وفي صباح اليوم الثاني من العيد، يعودون إلى المجمع، ويحتفلون بالعيد إلى المساء فهو عيد فرح، وكان الأغنياء فيه يقدمون عطايا للفقراء، حتى يعم الفرح الجميع، ولم تُذكر أي تقدمة طقسية خاصة بالعيد، لذلك يعتبر عيدًا وطنيًا، ويحتفل اليهود بهذا العيد في ذلك الوقت، وذُكر أن اليهود عيدوا به في فترة حكم المكابيين ودُعيَ بعيد مردخاي (2مك 15: 36) وما زال اليهود يحتفلون بعيد الفوريم حتى أيامنا هذه، ولكنهم يضيفون في قراءات العيد قصصًا عن نجاتهم من الإبادة، مرت على مدار التاريخ، منذ اضطهاد السلوقيين حتى اضطهادهم بواسطة هتلر والنازية في العصر الحديث"(1).
4- إن كان بعض اليهود أساءوا الاحتفال بهذا العيد من خلال حفلات تنكرية خليعة، فإن هذا التصرُّف خاطئ بلا شك، وهو ينسحب على اليهود الذين انحرفوا عن هدف العيد، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهو تذكُّر عمل الله العجيب مع شعبه الذي تعرَّض للإبادة في يوم واحد والرب قد أنقذه بطريقة معجزية، وأن يصير هذا العيد فرصة لعمل الخير مع الفقراء، وأيضًا فرصة للتواصل الاجتماعي وإظهار روح المحبة والمودة بعضهم لبعض، وكما أساء بعض اليهود احتفالهم بعيدهم هذا، قد يسيء الآخرون من غير اليهود إلى أعيادهم، فهل العيب في العيد أم في الأشخاص الذين يمارسون الفرحة بالعيد بطريقة خاطئة فيجلبون على أنفسهم الغضب الإلهي؟!
_____
(1) دراسة في سفر أستير ص 59، 60.
(2) راجع موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية - تتمة سفر أستير لنيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام ص 11.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1495.html
تقصير الرابط:
tak.la/raq6c3c