ج: 1- شهد الكتاب لأمصيا ملك يهوذا أنه: "عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِل" (2أي 25: 2) فقد كان له ضعفاته، وعندما أراد الانتقام من مملكة أدوم استأجر من مملكة إسرائيل مئة ألف جبار بأس دون أن يستشير الله، وعندما حذره رجل الله بأن هؤلاء الإسرائيليون سيكونوا سببًا لهزيمتهم لأن الله ليس معهم، صرفهم أمصيا وتحمل تبعات ذلك، فخسر ما دفعه من فضة مقابل استئجارهم، وتحمل حمو غضبهم ففي طريق عودتهم قتلوا آلاف من رجال يهوذا ونهبوا نهبًا كثيرًا، ودخل أمصيا المعركة "وضَرَبَ مِنْ بَنِي سِعِير عَشَرَةَ آلاَفٍ، وَعَشَرَةَ آلاَفٍ أَحْيَاءَ سَبَاهُمْ بَنُو يَهُوذَا وَأَتَوْا بِهِمْ إلى رَأْسِ سَالِعَ وطرحُوهُمْ عن رَأْسِ سَالِعَ فَتَكَسَّرُوا أَجْمَعُونَ" (2أي 25: 11، 12) فقد أراد أمصيا مع شعبه أن يعطي درسًا قاسيًا للشعوب المحيطة به، فإن من يتجرأ على قتاله سيكون مصيره كمصير هؤلاء الأشقياء الذين طرحهم من على رأس سالع، ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر مدى وحشية وهمجية هذا التصرف، ولكن هل الله أوصاهم بفعل هذا..؟. بالطبع لا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. إنما هو تصرف يُلام عليه صاحب التصرف، ولا يُلام عليه الله لأنه لم يأمر بهذا، ولا يُلام عليه الكتاب المقدَّس، لأن الكتاب ذكر هذه القصة المأسوية كما حدثت بالضبط، بحلوها ومرها، ربما يقول البعض أن مثل هذه التصرفات كانت سمة ذاك العصر، وربما يقول آخر أن هذا التصرف كان رد فعل على تصرفات الأدوميين الوحشية.
2- لم يكن في ذلك العصر أي حق للأسير، وبعد ذلك العصر بأكثر من ألف عام أمر الرسول بذبح أسرى اليهود في المدينة، وعندما قتل المسلمون عثمان بن عفان ظل ليلتين دون أن يجرؤ أحد على دفنه، ومنعوا الصلاة عليه، ودفنوه بعيدًا عن مقابر المسلمين(2). وفي عصر الدولة الأموية، ولم يكن قد مرَّ أكثر من نصف قرن على وفاة الرسول، هاجم جيش "يزيد بن معاوية" المدينة، وأصدر أوامره لقائد جيشه".
مسلم بن عقبه" باستباحة المدينة ثلاثة أيام، فقتلوا أربعة آلاف وخمسمائة، واغتصبوا ألف فتاة بكر(3). وفي عصر الدولة العباسية أمر "أبي العباس السفاح" بإخراج جثة هشام بن عبد الملك وأمر بصلبها ثم حرقها (المرجع السابق ص 96، 97) ودعا أبو العباس السفاح تسعين رجلًا من الأمويين للطعام، ويقول "دكتور فرج فودة": "فقد أمر السفاح بضرب رؤوسهم بأعمدة حديدية، بحيث تتلف بعض مراكز المخ، ويبقى الجسد حيًا، مصطرعًا بين الحياة والموت. وما أن يرى السفاح أمامه تسعين جسدًا متتفضًا، تقترب بسرعة من الموت، وترتفع أصواتها بالأنين، حتى يأمر بوضع مفارش على المائدة فوقهم، ثم يجلس فوق هذه المفارش، ويأمر بالطعام فيوضع أمامه فوق الأجساد، ويبدأ في تناول عشائه بينما البساط يهمد هنا ويهمد هناك، وبين همود وهمود، يزدرد هو لقمة من هذا الطبق، ولقمة من ذاك، حتى همد البساط كله، ففرغ من طعامه، وتوجه إلى الله بالحمد وإلى حراسه بالشكر، وإلى خاصته بالتهنئة. ولعله قال لنفسه، أو لخاصته، والله ما أكلتُ أهنأ ولا ألذ ولا أطيب من هذا الطعام قط"(1). فيجب أن نُفرّق بين الدين وتصرفات أتباع هذا الدين، ولا نخلط الأوراق، ولا نحمل الدين تبعات تصرفات أتباعه الخاطئة.
_____
(1) الحقيقة الغائبة ص 99.
(2) راجع د. فرج فودة - الحقيقة الغائبة ص 25، 26.
(3) المرجع السابق ص 80.
(4) البهريز جـ1 س449.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1420.html
تقصير الرابط:
tak.la/j2jfts8