يقول " ليوتاكسل":
"وأخيرًا {اضطجع يربعام مع أبائه} (1مل 14: 20) بعد أن مَلَكَ
اثنين وعشرين عامًا. ولكن
يهوه
الإله الأب الذي أمات أحد ولدي
يربعام، نسى الآخر وهو ناداب الذي استولى على عرش أبيه"(1).
ج:
1- عندما يصدر الله أمرًا بعقوبة إنسان أو حتى بمكافئته فأنه قد
يتمهَّل عليه، فبالرغم من دعواه
لإبراهيم بأنه سينجب
ابنًا به
تتبارك كل الأمم إلاَّ أنه تمهَّل عليه، وعندما يعاقب الله إنسان
فأنه لا يتعجل التنفيذ، وأن نسله سيرث
أرض كنعان، بل يعطي الله هذا
الإنسان فرصة في الوقت الضائع لعله يصلح حاله، فهذه هي طبيعة الله
الطيب طويل الأناة، وقال الله: "إِذَا قُلْتُ
لِلشِّرِّيرِ: مَوْتًا تَمُوتُ. فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ
وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ... لاَ يَمُوتُ. كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ
بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً"
(حز 33: 14 - 16).. " فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ
جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي
وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ"
(حز 18: 21).. " وَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ
شَرِّهِ الَّذِي فَعَلَ، وَعَمِلَ حَقًّا وَعَدْلًا، فَهُوَ
يُحْيِي نَفْسَهُ. رَأَى فَرَجَعَ عَنْ كُلِّ مَعَاصِيهِ الَّتِي
عَمِلَهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ"
(حز 18: 27، 28).. " لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ
مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا
وَاحْيَوْا"
(حز 18: 32) وعندما حكم الله على عالي الكاهن بانقراض ذريته
(1صم 2: 31) لم يحدث ذلك على الفور بين يوم وليلة بل استغرق سنين
طويلة تاركًا فرصة للأجيال لكيما تتوب وتفلت من العقاب، وعندما
حكم الله على يربعام بالقضاء عليه وعلى كل بيته (1مل 14: 10)
فأنه ترك له الفرصة طول حياته، بل وسمح لابنه ناداب أن يملك لمدة
سنتين، وهكذا عندما حكم الله على أخآب وبيته بالإبادة (1مل 21:
21) لم ينفذ الحكم على الفور، وعندما قدم أخآب توبة (1مل 21:
27) أجل الله العقوبة إلى زمن ابنه أخزيا... وهلم جرا... أن الله
يصبر على الأشرار حتى أن البعض قد يتساءل: لماذا يسكت الله على
الشر؟ أين هو؟ والحقيقة أنه ليس معنى طول أناة الله أنه راضٍ عما
يحدث من شر، ولكن الله له حساباته التي تختلف عن حساباتنا، ولكل
شيء تحت السماء وقت.
2- تعرَّض أبيَّا بن يربعام للمرض، فأرسل يربعام امرأته متنكرة
إلى النبي أخيَّا الشيلوني ليعرف إذا كان ابنه سيبرأ أم لا، ورغم
أن أخيَّا كان بصره قد كلَّ إلاَّ أن الله أخبره بالأمر وحمَّله
برسالة قاسية ليربعام مع الحكم بموت ابنه في اللحظة التي تعود فيها
الأم إلى المدينة، فكان هذا يمثل بداية الحكم على يربعام إذ فقد
ابنه، هذا من جانب، ومن جانب آخر أن الله أحب هذا الابن لصلاحه
فأراد انتقاله، فالموت بالنسبة للأبرار في أزمنة الشر يعتبر عطية
إلهيَّة فأراد الله أن يأخذ أبيا ويحسبه من الأتقياء بدلًا من أن
ينشأ في هذه البيئة الشريرة ويهلك هلاكًا أبديًا، ومات الابن
ودفنوه بكرامة كبيرة إذ كان محبوبًا من الجميع، وهذا ما أوضحه
الله قائلًا لامرأة يربعام بفم أخيَّا النبي: وَعِنْدَ
دُخُولِ رِجْلَيْكِ الْمَدِينَةَ يَمُوتُ الْوَلَدُ، وَيَنْدُبُهُ
جَمِيعُ
إِسْرَائِيلَ وَيَدْفِنُونَهُ، لأَنَّ هذَا وَحْدَهُ مِنْ يَرُبْعَامَ يَدْخُلُ الْقَبْرَ، لأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمْرٌ
صَالِحٌ نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِ
إِسْرَائِيلَ"
(1مل 14: 12، 13).
وجاء في هامش " الكتاب المقدَّس الدراسي": "رغم أن موت أبيا كان سبب إحباط شديد ليربعام وزوجته، فقد كان عملًا من أعمال رحمة الله تجاه الأمير الصغير، إذ جنبه العار والمعاناة اللذين كان سيراهما في بيت أبيه... الولد: الأصل العبري
لتلك الكلمة لا يحدد العمر بدقة (نفس الكلمة استخدمت لوصف مشيري
رحبعام الصغار..) فينوح عليه الإسرائيليون ويدفنونه: هذه
إشارة إلى أن أبيا كان ولي العهد. وكان معروفًا ومحبوبًا من الشعب. يوارى في قبر:
هو الوحيد من نسل يربعام الذي يدفن بصورة مشرَّفة"(2).
إذًا موت أبيا كان يمثل عقوبة ليربعام من جانب، ورحمة لهذا الابن
الصالح من جانب آخر، ولم يشأ الله أن يميت الابن الثاني ناداب،
لأن مراحم الله سمحت بفرصة جديدة استغرقت من الزمن سنتان لهذا
الابن لعله يرجع عن خطايا أبيه، ولكن مع شديد الأسف فإن ناداب "
مَلَكَ عَلَى
إِسْرَائِيلَ سَنَتَيْنِ. وَعَمِلَ الشَّرَّ
فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ وَفِي خَطِيَّتِهِ الَّتِي جَعَلَ بِهَا
إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ"
(1مل 15: 25، 26) وهنا كان لسيف العدل لا بُد أن يأخذ مجراه،
فجاء بعشا ولم يكتفِ باغتيال ناداب بل " ضَرَبَ كُلَّ بَيْتِ
يَرُبْعَامَ. لَمْ يُبْقِ نَسَمَةً لِيَرُبْعَامَ حَتَّى
أَفْنَاهُمْ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ
عَنْ يَدِ عَبْدِهِ أَخِيَّا الشِّيلُونِيِّ"
(1مل 15: 29).
_____
(1)
التوراة كتاب
مقدس أم جمع من الأساطير ص 406.
(2)
الكتاب
المقدَّس الدراسي ص 820.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1285.html
تقصير الرابط:
tak.la/zvjv3k6