ج: 1- لماذا أسرع حيرام ملك صور ليهنئ سليمان ويعرض عليه خدماته؟
لقد أوضح الكتاب هذا عندما قال: "وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ عَبِيدَهُ إِلَى سُلَيْمَانَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُمْ مَسَحُوهُ مَلِكًا مَكَانَ أَبِيهِ، لأَنَّ حِيرَامَ كَانَ مُحِبًّا لِدَاوُدَ كُلَّ الأَيَّامِ" (1مل 5: 1) ولكن الناقد لم يكلف نفسه قراءة الآية التي استخدم شاهدها في تساؤله، فقد كانت هناك محبة قوية وصادقة بين حيرام وداود، ولذلك فرح حيرام بتنصيب سليمان بن داود ملكًا على إسرائيل " فَلَمَّا سَمِعَ حِيرَامُ كَلاَمَ سُلَيْمَانَ، فَرِحَ جِدًّا وَقَالَ: مُبَارَكٌ الْيَوْمَ الرَّبُّ الَّذِي أَعْطَى دَاوُدَ ابْنًا حَكِيمًا عَلَى هذَا الشَّعْبِ الْكَثِيرِ" (1مل 5: 7) وامتدت الصداقة بين حيرام وسليمان، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "يخبرنا المؤرخ يوسيفوس أن الرسائل المتبادلة بين حيرام وسليمان كانت محفوظة في أرشيف بمدينة صور حتى أيامه (في القرن الأول الميلادي). كانت صور مدينة لها شهرتها التجارية، ملاصقة للبحر، على حدود إسرائيل. يبدو أن سكانها كتجار كانوا يميلون إلى السلم، فلم يدخلوا في عداوة مع إسرائيل. أما ملكها حيرام فكان معجبًا بشخصية داود النبي الملك، وكان مُحبًا له على الدوام. يرى البعض أنه قد تأثر به فعبد الله الحي ورذل الأوثان"(1).
ويقول " هنري ل. روسييه": "في حزقيال 27 نجد أن تجارة صور امتدت إلى كل الأرض، وموارد العالم كلها تصب فيها من كل ناحية من قديم الزمان. فالخشب الثمين الذي تفوق الصيدونيون في عمله، والعاج وخشب الأبنوس، والكتان والصوف وأعمال التطريز، والأسمانجوني والأرجوان، والفضة والحديد والقصدير والرصاص والنحاس والعقيق الأحمر والمرجان والياقوت وكل حجر ثمين، والذهب بكميات كبيرة، والتوابل والزيت والقمح والأغنام بلا عدد. وهذا بخلاف المعدات الحربية للدفاع عنها، والبحارة لقيادة أساطيلها، والحكماء لقيادتها واستخدام مصادرها، وبالإيجاز فهي ثروة صور. أن كل ما يتمناه القلب البشري على الأرض يجده هناك سهل المنال. وفي زمن سليمان لم تكن صور قد وصلت إلى حالة الكبرياء التي يدينها إشعياء، وبصفة خاصة حزقيال، والتي ذهبت إلى حد تأليه ذكاء الإنسان"(2).
2- لماذا منع الله داود من بناء بيتًا له؟
لقد منع الله داود من بناء بيتًا له لأنه سفك دماء كثيرة، فأخبر الله ناثان النبي أن الذي سيبني له بيتًا هو سليمان بن داود، وسيجعل عصره عصر سلام وهدوء وطمأنينة، لأن بيت الله الذي يشيع السلام لا بُد أن يُبنى بأيدي عاشت واختبرت حياة السلام، وقال داود لسليمان أن الله أخبره قائلًا: "قَدْ سَفَكْتَ دَمًا كَثِيرًا وَعَمِلْتَ حُرُوبًا عَظِيمَةً، فَلاَ تَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي لأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى الأَرْضِ أَمَامِي. هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ابْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ... فَأَجْعَلُ سَلاَمًا وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي، وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا، وَأَنَا لَهُ أَبًا وَأُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مُلْكِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَد" (1أي 22: 8 - 10) وقال سليمان لحيرام: "أنت تعلم داود أبي أنه لم يستطع أن يبني بيتًا لأسم الرب إلهه بسبب الحروب التي أحاطت به حتى جعلهم الرب تحت بطن قدميه" (1مل 5: 3).
أما ما جاء في الإصحاح السابع من سفر صموئيل الثاني أن داود أعلن رغبته في بناء بيت للرب أمام ناثان النبي الذي وافقه وشجعه على هذا، ولكن في تلك الليلة تكلَّم الرب مع ناثان وحمله رسالة مفادها أن داود لن يبني بيتًا له، إنما عندما يضطجع مع أبائه سيملك ابنه عوضًا عنه " هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ" (2صم 7: 13) ولم يأتي في سفر صموئيل السبب الذي جعل الرب يمنع داود من بناء بيتًا له، لكن بلا شك أن ناثان أخبر داود بالسبب، وهو أنه خاض حروبًا وسفك دماءً كثيرة، وهذا ما جاء ذكره بالتفصيل في سفر أخبار الأيام... فأين التناقض هنا..؟! أنه لا يوجد أي تعارض بين ما جاء في سفر صموئيل وما جاء في سفري الملوك وأخبار الأيام، أي لم يذكر الشيء ونقيضه في نفس الحادثة.
_____
(1) تفسير سفر الملوك الأول ص 130، 131.
(2) تأملات في سفر الملوك الأول ص 52.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1249.html
تقصير الرابط:
tak.la/4fbc75q