يقول " ليوتاكسل": "علينا ألاَّ ننسى لحظة واحدة أننا ندرس أكثر الكتب المقدَّسة قداسة، أنه نتاج الفكر الإلهي... ومع ذلك، فهل يمكن العثور على قصة أكثر بلاهة وغباء من هذه القصة؟ فطُرفة تلبيس الصنم هذه لا تنفع موضوعًا لسقط المتاع من المسرحيات. إنها تحت مستوى أكثر العروض ابتذالًا في معرض العروض الشعبية الهزلية. ولكن الخوف من نار جهنم الحارقة، يرغمنا على الإيمان بأن ميكال ساعدت زوجها، مسيح الرب داود، على الهرب من النافذة، ووضعت الصنم مكانه على السرير بعد أن وضعت عليه لبدة المعزى... المعنى الحرفي لكلمة "ترافيم" هو "صنم" إذًا كان لدى ميكال صنمها؟ فهل اعتقدت أن لبدة المعزى التي غطت رأس الصنم بها كبيرة الشبه برأس زوجها؟"(1).
ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "يبدو (أمرًا) مشكوكًا فيه أيضًا التأكيد على أن داود كان يهويًّا مخلصًا لربه يهوه، فإذا ما كان يعبد إلهًا واحدًا هو يهوه، فمن أين خلق في بيته التمثال الذي ألبسته ميكال لباسه ووضعته على الفراش مكان داود. إن ذلك التمثال صديقنا المعروف، أنه إله السماء، عنصر الطقس الوثني الممنوع والملاحق من قبَل يهوه"(2).
ج: 1- أرادت ميكال أن تنقذ زوجها من الموت فأنزلته من الكوة، وعندما وجدت نفسها في وضع المتهم أمام أبيها كذبت على الرسل، إذ وضعت الترافيم على فراش داود ولبدة المعزى تحت رأسه وغطته بثوب وادَّعت أن زوجها مريض وملازم الفراش (1صم 19: 13، 14) فأمر شاول بإحضاره وهو على فراشه، وعندما اكتشف خديعة ابنته ثار ضدها " فقال شاول لميكال لماذا خدعتني فأطلقت عدوي حتى نجا. فقالت ميكال لشاول هو قال لي أطلقيني لماذا أقتلك" (1صم 19: 17) وكذبت ميكال في هذا لأنها لمحت الشر في عيني أبيها، وهي تدرك مدى اضطرابه، وأنه مستعد أن يقتلها، ويقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس": "أبلغ الرسل شاول بأن داود قد هرب وأخبروه بحيلة الترافيم، فذهب بنفسه وعاتب ابنته على خداع أبيها وتركِها داود ليهرب، وبرَّرت ميكال عملها وكذبت على أبيها قائلة أنها فعلت هذا تحت التهديد، مدعية أن داود هدَّدها بالقتل إذ منعته من الهرب، لجأت ميكال إلى حيلتها بوضع الترافيم في الفراش وبكذبها على أبيها مستخدمة أفكارها وطرقها البشرية، وقد كانت مخلصة لداود بكل مشاعرها، ولقد كان الرب سينجي داود بدون كذبها وخداعها، ولكن الكتاب يروي الحوادث كما حدثت بصرف النظر عن الخطأ الذي وقع فيه بعض الناس بإرادتهم"(3).
2- الترافيم الذي وضعته ميكال على فراش داود ربما احتفظت به بعيدًا عن عين زوجها، ولم تحتفظ به على سبيل العبادة، لأنها لو كانت تعتبره إلهًا لإقامته في مكان ظاهر وقدمت له العبادة، وما كانت تستخدمه كدمية في هذه المسرحية الفاشلة التي قامت بها، أما إيمان داود بالوحدانية المُطلقة فلا مجال للتشكيك فيه بأي صورة كانت، وما أكثر المزامير التي تغنى بها داود وقد نبعت من أعماقه، وجميعها تشهد بوحدانية الله. أيضًا تسجيل هذه الأحداث يُعد دليلًا على صدق الكتاب المقدَّس، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "جاءت كلمة " ترافيم " كمفرد، هنا تعني تمثالًا كبيرًا في حجم إنسان، غالبًا كانت ميكال قد خبأته في بيتها لا لتتعبد له وإنما كفالٍ لكي تحبل وتنجب ولدًا. ولم يكن داود يعلم عنه شيئًا. ومن جهة أخرى كذبت ميكال فقالت عن داود أنه مريض، وعندما عاتبها والدها منتهرًا إياها: "لماذا خدعتِني فأطلقتِ عدوي حتى نجا ؟! " كذبت إذ قالت " هو قال لي: أطلقِيني لماذا أقتلك؟" (1صم 19: 7)"(4).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص313.
(2) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 287.
(3) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 193.
(4) تفسير سفر صموئيل الأول ص 139.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1138.html
تقصير الرابط:
tak.la/x4f9c9f