وكيف يقول الفلسطينيون: "هؤلاء هم الآلهة الذين ضربوا مصر بجميع الضربات في البرية" (1صم 4: 8) بينما جاءت ضربات المصريين جميعها داخل أرض مصر، أما الذين تعرضوا للضربات في البرية فهم بنو إسرائيل؟
ج: 1- إذا ما ربطنا نهاية الإصحاح الثالث ببداية الإصحاح الرابع نجد النص كالآتي: "وعاد الرب يتراءى في شيلوه لأن الرب استُعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب. وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل" (1صم 3: 21، 4: 1) وبهذا يصبح المعنى واضح، فبماذا كلَّم صموئيل جميع إسرائيل؟ لقد كلمهم بكلمة الرب التي أُستعلنت له في شيلوه حيث خيمة الاجتماع بيت الرب وتابوت العهد، رمز الحضرة الإلهيَّة، أي أن عبارة " وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل " تتمة للعبارة السابقة " لأن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب " فصموئيل النبي أخذ يكلم الشعب بالكلام الذي يعلنه الرب له، وأيضًا بكلام الشريعة، ولاسيما أن جميع إسرائيل عرفوا أنه " قد أؤتمن صموئيل نبيًا للرب" (1صم 3: 20) ولذلك ألحقت بعض الترجمات مثل السريانية والكلدانية الآية (1صم 4: 1) بنهاية الإصحاح الثالث.
2- عندما كُتبت الأسفار المقدَّسة، كُتب كل سفر وحدة واحدة بدون أية تقسيمات لإصحاحات أو لآيات، وأول من قام بمحاولة التقسيم هو " عزرا " الكاهن والكاتب الماهر في شريعة الرب حيث قسم التوراة (أسفار موسى الخمسة) إلى 669 جزءًا، ثم قام معلموا الناموس بتقسيم الناموس إلى 54 قسمًا كانوا يقرأون كل سبت منها قسم بالإضافة إلى جزء من الأسفار النبوية، وفي سنة 220م قام "أمونيوس" الشماس السكندري الجنس بتقسيم الأناجيل الأربعة إلى 1164 جزءًا، ثم قام "البابا أثناسيوس الرسولي" بتقسيم أسفار العهد الجديد، وفي سنة 1248 م. قام الكاردينال " هوجو دي سانت كارو " بتقسيم الكتاب المقدَّس بعهديه إلى إصحاحات كما هو عليه الآن، وفي سنة 1527م قام الراهب "بنجينوس" بتقسيم العهد القديم إلى آيات، وفي سنة 1545م قام "روبرت أستفان" بتقسيم العهد الجديد إلى آيات.
3- جاء في الترجمة العربية البيروتية قول الفلسطينيين: "هؤلاء هم الآلهة الذين ضربوا مصر بجميع الضربات في البرية" (1صم 4: 8) بينما ضربات المصريين كانت في أرض مصر وهناك ثلاث احتمالات لفهم هذا النص:
أ - كان ختام الضربات التي أصابت المصريين بعد موت الأبكار، غرق فرعون وكل قواته في البحر الأحمر، فكانت هذه الضربة على أطراف برية سيناء، ويقول "الأرشيدياكون نجيب جرجس": "كانت أكبر ضربة في نظرهم إغراق جنوده رجال الحرب الذين خرجوا إلى البرية وراء بني إسرائيل ونزلوا إلى وراءهم في البحر حيث هلكوا في قاعه، وكان إلى غربهم البرية التي ساروا فيها وإلى شرقهم برية سيناء، ولعلهم ظنوا أيضًا أن الضربات الأخرى كانت في البرية أيضًا"(1).
ب- هذه العبارة تفوَّه بها الفلسطينيون، وحوت بعض التشويش، فقالوا "أن هؤلاء هم الآلهة" لأنهم يعبدون آلهة عديدة، ويظنون أن الإله الواحد الذي ضرب المصريين أحد هذه الآلهة، وهذا خطأ لاهوتي خطير، كما اختلط عليهم المكان الذي حدثت فيه الضربات، وهذا الخطأ يعتبر هين بجانب الخطأ السابق، وجاء في " كتاب السنن القويم": "في البرية... إشارة إلى طرح المصريين في البحر الذي شطه طرف البرية (خر 13: 20) أو جعلوا الضربات في البرية لأنهم لم يميزوا بين ما حدث في مصر وبين ما حدث في البرية"(2).
جـ- في الترجمة السبعينية جاءت: "الذين ضربوا مصر بجميع الضربات وفي البرية " وهذا ما أوضحته الترجمة البيروتية في الهامش الأسفل، وبذلك يكون المعنى المقصود الضربات في مصر وفي البرية، ومن المعلوم أن الضربات في داخل مصر كانت على المصريين، وفي البرية على بني إسرائيل.
_____
(1) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الأول ص 48.
(2) السنن القويم في تفسير العهد القديم جـ 4 (أ) ص 26.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1083.html
تقصير الرابط:
tak.la/a9fw48j