ويقول " ليوتاكسل": "ويرى كثيرون أنه إذا كان الإله اليهودي المسيحي هو خالق الكون فعلًا، فأنهم يرغمونه على لعب دور شديد الغباء: يقبع داخل صندوق، وفي منتصف الليل ينادي غلامًا ما ثلاث مرات عبثًا ودون أن يفضي له بما أراد قوله. وقد عجب وولستون لعدم قدرة صموئيل على تمييز صوت العجوز الكلي القدرة... إن المؤلف يقدم لنا الإله المعنى يملك صوتًا بشريًا له طابع يميّزه عن أصوات البشر الآخرين، كما هو حال كل منَّا، وهذا برهان آخر على أن اليهود تصوُّروا إلههم كائنًا له جسد، ورأوا فيه إنسانًا خارقًا يعيش حياة عادية بين الغيوم، وينزل إلى الأرض عندما يرى ذلك ضروريًا، فيزور من يحب ويدافع عنهم عند الضرورة لكنه يتركهم يواجهون مصيرهم في بعض الأحيان. قصارى القول أنه كالآلهة اليونان وغيرها من الآلهة الوثنية الأخرى"(1).
ج: 1- من قال أن صوت الله جاء من الصندوق؟! ومن قال أن يهوه قابع داخل الصندوق..؟! الذي كتب هذا الحدث هو صموئيل نفسه الذي يعلم تمامًا أن الله غير محدود وغير متناه، كائن في كل مكان وكل زمان، لا يخلو منه مكان ولا زمان، حتى عندما تجسد الله في ملء الزمان فإن ناسوته (جسده البشري) لم يحد ولم يحيز لاهوته، بل ظل بلاهوته يملأ كل مكان، وبتجسده لم يتخلى عن صفة اللامحدودية... هذا ألف باء الإيمان القويم، أما ليوتاكسل لسان الشيطان فأنه يضع أمام القارئ تخيلات مريضة لعله يصيب أحد من ضعاف الإيمان المتشككين.
2- لقد تحدث الله لصموئيل بصوت بشري، وهذا أمر طبيعي أن يُحدث الله صموئيل باللغة التي يفهمها، أم أن الناقد يريد أن الله يخاطب صموئيل بلغة لا يفهمها..؟! أيضًا كان صوت الله للأنبياء له هدف هام، وهو تمهيد الذهن البشري لقبول فكرة التجسد الإلهي، وهذا ما أفصح عنه معلمنا بولس الرسول عندما قال: "الله بعدما كلَّم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة. كلَّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه" (عب 1: 1، 2) لقد كلَّمنا أخيرًا في أقنوم الكلمة المتجسد.
3- من قال أن اليهود تصوَّروا إلههم كائنًا له جسد، ورأوا فيه إنسانًا خارقًا يعيش حياة عادية بين الغيوم، مثله مثل آلهة اليونان وغيرها من الآلهة الوثنية الأخرى..؟ وهل ينسى اليهود يوم أن ظهر الله على الجبل حيث " صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدًا. فارتعد كل الشعب الذي في المحلة... وكان جبل سيناء كله يدخّن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار. وصعد دخانه كدخان الآتون وارتجف كل الجبل جدًا. فكان صوت البوق يزداد اشتدادًا جدًا وموسى يتكلَّم والرب يجيبه بصوت" (خر 19: 16-19).. وهل ينسى بنو إسرائيل ما صنعه الله معهم يوم أخرجهم من أرض مصر بيد قوية وذراع رفيعة، فضرب المصريين الضربات العشر، وشق أمامهم البحر الأحمر، وعالهم في البرية أربعين سنة بالمن والسلوى والماء المتفجر من الصخرة، وعبر بهم نهر الأردن، وأسقط أسوار أريحا بمجرد الطواف حولها... إلخ..؟ أين كل هذا من آلهة اليونان والآلهة الوثنية؟!!
4- شتان بين إيمان اليهود وإيمان الأمم، فالأمم يؤمنون بآلهة تولد وتأكل وتشرب وتنمو وتتصارع... إلخ أما الإيمان اليهودي فلا يعترف إلاَّ بالإله الواحد خالق كل شيء ما يُرى وما لا يُرى، الذي ليس له شبيه بين آلهة الأمم قط، فقال الله على لسان إشعياء: "فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به؟!0 الصنم يسبكه الصانع والصائغ يغشيه بذهب ويصوغ سلاسل فضة. الفقير عن التقدمة ينتخب خشبًا لا يسوّس يطلب له صانعًا ماهرًا لينصب صنمًا لا يتزعزع... فبمن تشبهونني فأساويه يقول القدوس" (أش 40: 18 - 25).. " بمن تشبهونني وتسوُّونني وتمثّلونني لنتشابه" (أش 46: 5).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 265، 266.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1080.html
تقصير الرابط:
tak.la/2s6pka3