يقول " ليوتاكسل: "فينحاس بن اليعازر بن هرون رفع صلاة حارة إلى الرب الإله بصدد هذا الأمر. أَيعقل أن يكون فينحاس بعينه؟! ألم يزل صاحبنا على قيد الحياة؟ نعم سيدي... إنه هو!.. فقد ظهر هذا الرجل الشهير على مسرح الحدث عندما لم يكن أحد ينتظره، لأنه يجب أن يكون في لدن يهوه، ونحن كما قد اعتقدنا بأن دُفن منذ زمن بعيد إلى جانب جده هرون، أو إلى جانب والده اليعازر في أقل تقدير. هو نفسه فينحاس الذي قرأنا في مكان آخر أنه في حياة موسى قتل اليهودي زمري، وهو يضاجع الحسناء المديانية كزبى... ومن المفيد أن نتذكر أن المجزرة وقعت بعد وفاة شمشون، وهو خاتمة كتاب القضاة... الخلاصة أن الكاهن فينحاس كان قد بلغ الخمس مائة من العمر عندما طلب إلى يهوه الوقوف إلى جانب إسرائيل ضد بنيامين... ولكن لماذا تنسى التوراة الإشارة إلى سن الكاهن الأكبر فينحاس؟ فالدقة هنا ضرورية. يقول المرتابون أن " الروح القدس " خاصم الحساب ونسى التاريخ... وأي تاريخ؟ أنه التاريخ المقدَّس!"(1).
ج: 1- ما جاء في آخر سفر القضاة من قصتين هما عبادة ميخا وسبط دان للأصنام، وسرية الكاهن (قض 17 - 21) وُضعا في نهاية السفر لإلقاء الضوء على مدى الانحلال الخلقي الذي سقط فيه شعب الله، وعندما وُضعتا في نهاية السفر لم يكن هذا بحسب الترتيب الزمني، أي أنهما حدثتا بعد موت شمشون، إنم حدثتا القصتان بعد دخول أرض الموعد بعشرات السنين وليس بمئات السنين، والدليل على ذلك أن قصة استيلاء دان على لايش التي ذُكرت بالتفصيل في الإصحاح الثامن عشر من سفر القضاة، كانت قد وردت باختصار في سفر يشوع (يش 19: 47). إذًا هاتان القصتان إلحقتا بالسفر ليس بحسب الترتيب الزمني، ولكن بحسب الترتيب الأدبي.
وكان فينحاس شابًا طاهرًا غيورًا مملوءًا بالحماس، وقد نال بركة خاصة من الرب " فكلم الرب موسى قائلًا فينحاس بن العازار بن هرون الكاهن قد ردَّ سخطي عن بني إسرائيل... لذلك قل هآنذا أعطيه ميثاقي ميثاق السلام. فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت أبدي" (عد 25: 10 - 13) وعاش فينحاس بعد أن عاصر موسى، ثم يشوع، إلى عصر القضاة، وليس ببعيد أن الله الذي منح سمعان الشيخ عمرًا مديدًا يناهز الثلثمائة عامًا أن يمنح فينحاس العمر الطويل.
2- جاء في "كتاب القضاة وراعوث" - لجنة التأليف بكنيسة الملاك ميخائيل بالظاهر " قد يتبادر إلى الذهن أن الأحداث الواردة بهذا الإصحاح والإصحاحات التالية حتى نهاية سفر القضاة قد وقعت بعد موت شمشون لورودها بعده مباشرة، ولكن الواقع غير ذلك إذ أنها حدثت في الفترة التي بعد موت يشوع بدليل تكرار إحدى العبارات عدة مرات في هذه الإصحاحات وهذه العبارة هي {وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل كان كل واحد يعمل ما يحسن في عينيه}.
ويرجع إلحاق هذه الإصحاحات بآخر السفر إلى عدة أسباب:
1- حتى لا ينقطع تسلسل الحوادث التاريخية التي حدثت أيام حكم القضاة...
2- تجميع الأحداث الواردة بهذه الإصحاحات لإبراز صور عديدة من شرور بني إسرائيل مما أشعل غضب الله عليهم فدفعهم إلى أيدي ناهبين نهبوهم، وأخيرًا دبر الله لهم من ينقذهم وكان هذا هو المحور الذي دار عليه سفر القضاة.
3- لإظهار الفرق بين الأيام التي كان يعيش فيها بنو إسرائيل تحت رئاسة قاضي أو ملك والأيام التي لم يكن فيها أي نوع من الرئاسة أو القيادة"(2).
_____
(1) التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 250 - 273.
(2) القضاة وراعوث ص 237.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1048.html
تقصير الرابط:
tak.la/ddwg45k