ويقول " محمد قاسم " عن المسافة التي حمل فيها شمشون باب المدينة " تزيد المسافة على 50 كم، ولم تذكر التوراة لماذا فعل هذا؟ وهذا من المبالغات الواضحة"(2).
ج: 1- قال الكتاب " ثم ذهب شمشون إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها" (قض 16: 1) فقد انحط الشعب في هذه الفترة المظلمة، حتى أنهم سقطوا في خطايا الزنا والسحر والعرافة وعبادة الأوثان، ومن أجل كل هذه الأمور سلَّمهم الرب ليد الفلسطينيين، وإن كان داود النبي سقط في هذه الخطية فليس مستبعد عن شمشون أن يكون قد سقط في ذات الخطية، فحقًا كل قتلاها أقوياء، وقد انجرف شمشون وراء شهواته وأهواءه ثلاث مرات وهي: 1- زواجه من امرأة تمنة (قض 4)؛ 2- دخوله إلى زانية غزة (قض 16: 1)؛ 3- زواجه بدليلة (قض 16: 4).
والسقطة الثالثة وضعت نهاية مأسوية لحياة ذاك الجبار، وقال " القديس أمبروسيوس": "أن شمشون القادر الشجاع غلب الأسد ولكنه لم يستطع أن يغلب هواه، وقطع وُثق أعدائه لكنه عجز عن قطع حبال شهوته. وأحرق أكداس الظالمين الكثيرين ولكن أحرقه لهيب اللذة المحظورة التي أوقدتها فيه امرأة واحدة"(3).
2- هناك احتمال أن شمشون في افتخاره بجبروته أراد أن يتحدى العدو في عقر داره، فدخل إلى غزة لا في زيارة خاطفة، ولكنه دخل ليبيت في تلك المدينة، ولأنه لم يجد بيتًا يقضي فيه ليلته، دخل بيت هذه المرأة الزانية المفتوح لكل من يريد أو يولج إليه، كما دخل من قبل الجاسوسان اللذان أرسلهما يشوع إلى بيت راحاب الزانية في أريحا، وقيل أن أحد معاني "الزانية" أي صاحبة الفندق، فالفنادق كانت حينذاك -كما هو واضح من شريعة حمورابي- تمتلكها السيدات، وتعد مأوى للصوص والمجرمين، ولذلك لو دخلت الكاهنة للفندق فأنه يُحكم عليها بالموت حرقًا، وكانت صاحبة الفندق مسئولة عن كل ما يجري بداخله، فدخل شمشون ليقضي ليلته، وهذا لا يعني أنه سقط في خطية الزنا، ولعل هناك فرقًا بين تعبير الكاتـب "فدخل إليها" من التعبير الدارج "فدخل عليه" وقال القديس أغسطينوس أن الكتاب المقدَّس لم يذكر أن شمشون اتحد مع الزانية، إنما زارها لينام أو يضجع هناك فقط(4).
3- يقول الكتاب " وأخذ مصراعي باب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفه وصعد بهما إلى رأس الجبل الذي مقابل حرمون" (قض 16: 3) فقد كانت بوابات المدينة رمز الحماية والفخر للمدينة، وإذ أراد شمشون أن يسخر بهم، وقد أغلقوا باب المدينة ظانين أنه سقط في المصيدة، فخلع شمشون مصراعي الباب مع القائمتين والعارضة وحملهم على كتفه وصعد بهما إلى رأس الجبل الذي مقابل حبرون، والمسافة بين غزة وحبرون نحو 40 ميلًا، فغزة تقع على ساحل البحر الأبيض، بينما حبرون تقع في المنطقة اليهودية الجبلية، ولكن شمشون لم يسر حاملًا باب المدينة كل هذه المسافة، إنما سار إلى جبل منخفض قريب من غزة في اتجاه منطقة حبرون، وهناك وضع باب المدينة، ومن الجانب الآخر لا يمكن أن نغفل مدى ثقل باب المدينة الذي كان يُرصَّع بالمسامير الضخمة ويُغطى بألواح من الحديد أو النحاس حتى لا يتعرض للحرق من قِبل أي هجوم خارجي، ومع هذا فإن القصة حقيقية ومقبولة لأن شمشون حمل قوة خارقة، والدليل على ذلك أن أعداءه مهما كان عددهم وأسلحتهم فأنهم كانوا يخشونه. وقد سمعنا عن رجال كان لهم قوة جبارة، فحكى شكسبير عن رجل ألماني كان يحمل مدفعًا ثقيلًا جدًا بمفرده، وأن ميلون الكروتوني كان يستطيع أن يحمل ثورًا ويسير به مسافة ثم يلقيه على الأرض ويصرعه بيديه(5) وشاهدت برنامج في التليفزيون المصري نحو سنة 2000 م. استضاف المذيع رجلًا يُدعى "الأخضر" يسكن في منطقة العامرية بالإسكندرية متزوج من أربع سيدات، وله قوة جبارة، فبسهولة كان يرفع أتوبيسًا بركابه من الخلف، ويضغط على قطعة نقود معدنية بحاجبه فيثنيها.
_____
(1) البهريز جـ 4 س337، وأحمد ديدات - عتاد الجهاد ص 15، وجيمس فريزر - الفولكلور جـ 2 ص 275، 276.
(2) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 321.
(3) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 3 ص 364.
(4) القمص تادرس يعقوب - سفر القضاة ص 129.
(5) راجع الأسقف إيسيذورس - مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 134.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1035.html
تقصير الرابط:
tak.la/8hvv773