أمور يجب الالتفات إليها
قصة
أماكن العلاج
أولًا: المستشفيات الحكومية التي يوجد بها أقسام للإدمان
ثانيًا: جمعيات أهلية لمكافحة الإدمان بالقاهرة
ثالثًا: جمعية كاريتاس
رابعًا: أندية الدفاع الاجتماعي
خامسًا: الخط الساخن
1 - في بداية هذه الرحلة القصيرة يتفهم الطبيب ظروف المدمن، فيتعرف على المادة التي يدمنها، والمدة التي تعاطى فيها هذه المادة، والكمية التي يتعاطاها، والأوقات التي يتعاطى فيها، ومصدر المال الذي يشتري به هذه المادة، وما ترتب على التعاطي من مشاكل شخصية وأسرية ومشاكل في العمل وفي المجتمع، ومدى جديَّة المدمن ورغبته الصادقة في العلاج، ويعلم الطبيب المعالج تمامًا بأن المريض سيكذب وينكر ويلف ويدور ويراوغ لأنه لا يريد أن يكشف نفسه أمام الآخرين، وأيضًا يخاف جدًا من التوقف عن التعاطي، ولذلك ينسب كل فشله إلى نفسه ويبرئ المخدرات منها، وحقيقة إن مريض الإدمان هو إنسان ممزق بين طلب الشفاء والتمسك بالمخدر، فقد يبكى طالبًا المساعدة في العلاج في الوقت الذي يخفي فيه المخدر في أماكن لا تخطر على بال مثل سيفون دورة المياه، أو لصق المادة بشريط لاصق على جسده... إلخ.
2 - قبل أن يبدأ الطبيب المعالج في علاج المدمن يحدد نوع شخصيته فقد يكون المدمن:
أ - صاحب شخصية سوية يتمتع بنفسية سليمة، وناجح في حياته، وقد سقط في الإدمان كأمر عابر إثر تعرضه إلى صدمة عاطفية، أو اقتصادية، ولا سيما عندما يتناول الأقراص المهدئة لكيما يتخلص من القلق الذي يعيش فيه، والعلاج هنا يكون سهلًا.
ب - شخصية مصابة بالاكتئاب. أي إن الإنسان يكون قد سقط في مرض الاكتئاب النفسي أولًا فيشعر بالذنب ويحتقر ذاته ويشعر بالخوف ويفقد الشهية، وقد يصل به الاكتئاب إلى اليأس والرغبة في الانتحار، وكل هذه الأمور التي تقود للاكتئاب والناتجة عنه من السهل علاجها، ولكن الخطورة عندما يلجأ الإنسان المصاب بالاكتئاب إلى المخدرات للخلاص من متاعبه، وهو لا يدرك أنه بهذا يزيد متاعبه أضعافًا، وفي علاج مثل هذا الإنسان من الإدمان يعالج من الاكتئاب أولًا ثم الإدمان.
ج- شخصية سيكوباتية، وهى تمثل الشخص الذي يسعى للحصول على اللذة السريعة، وهو شخص غير اجتماعي، ولا يستطيع أن يعتمد على ذاته، والشخص السيكوباتي في طفولته كان يحاول التغيب عن المدرسة، وممارسة النصب والاحتيال على زملائه، ورغم فشله المتكرر فإنه لم يستفد شيئًا من هذه الخبرات السيئة، وعندما يسقط الشخص السيكوباتي في الإدمان فإن الإدمان يصبح سمة من سماته وجزء من شخصيته.
قصة: حكى لي قدس أبونا إبراهيم جوهر أنه في إحدى المرات استدعته أسرة ليصلي لإنسان مريض، فظن أنه رجل كبير يحتضر، وعندما دخل إليهم فوجئ بشاب يبلغ من العمر سبعة وعشرون عامًا راكعًا على ركبتيه، وعندما شعر بدخول الأب الكاهن صرخ بصوت جهوري " السلام لملك السلام... إن كنت جاي بعين السلام أدخل. إن كنت جاي بعين الشر انصرف".
وفي نفس اللحظة حضر قس بروتستانتي تحت أبطة الإنجيل، وقال "يللا نصلى يا إخوة" فقال له أبونا إبراهيم: هذا الأخ مريض. لو تحضر له طبيب ماشى، وإلا نتصرف نحن، وأرسل أبونا من يبحث عن طبيب فلم يجد، فأحضروا له حقنة مهدئة من الصيدلية، فلم تؤثر فيه، فاصطحبه أبونا ليذهب به إلى مستشفي الموظفين في إمبابة... بمجرد نزوله ركب السيارة وجلس مكان السائق وقال "حاسوق العربية" وهو شاب ضخم البنية طول وعرض، فجلس وأمسك بعجلة القيادة... ظل أبونا يتفاهم معه ويسايسهُ حتى جلس في الكرسي المجاور، وكانت نحو الساعة الثالثة صباحا...
بعد أن هبطوا من السيارة مروا في طريقهم على مقهى فأخذ يصرخ ويستغيث "المسيحيين ولاد... عاوزين ياخدوني" فتجمع الذين في المقهى حول أبونا والمجموعة، وإذ به يقول لهم " بطرس غالي متغاظين منه لأنه مسيحي... عاوزين يشيلوه " فأدركوا أنه إنسان غير طبيعي فانصرفوا عنه.
وصلوا للمستشفي وسأل هذا المريض أحد الممرضين وهو يشير على الرجل الذي أعطاه الحقنة المهدئة في البيت "الرجل ده إداني حقنه... هو ده دكتور " فقال له الممرض لا، فما كان منه إلا إنه صفعه صفعة قوية على وجهه... عُرض على الطبيب وأحضر له أبونا العلاج وأعاده إلى بيته.
وفي اليوم التالي اصطحب أبونا إبراهيم أحد الآباء، وذهب للسؤال عن هذا المريض، وكان المريض يسكن في الدور الأول العلوي والسلالم بدون جدار، وما أن طرق أبونا الباب حتى خرج هذا العملاق وحمل أبونا الثاني ليلقيه في الدور الأرضي، فانتهره أبونا إبراهيم بشدة " نزل أبونا يا فلان... اسمع الكلام ونزل أبونا وبالراحة " فما كان من هذا المريض إلا أنه أطاع وأنزل أبونا، وسريعًا جلس على الأرض ولف رجليه حول رجلي أبونا إبراهيم ولو قام بأي حركة سيسقط أبونا في بئر السلم، فأخذ أبونا يحكي معه ويفتح مواضيع ويقفل مواضيع إلى أن وافقه على الدخول إلى الشقة لاستضافتهما، وبمجرد دخولهم للشقة أخذ يعمل حركات غير عاقلة، فأمسك كوب من الماء ورش الشقة. ثم تناول ثمرة جوافة قطم نصفها ورسم على صدر أبونا وبطنه بالنصف الآخر، وبعد هذا أراد أن يقفز إلى الدور الأرضي، فظل أبونا يسايسه حتى استكان بعض الشيء ، وأعطوه حقنة مهدئة فلم تؤثر فيه بسبب إدمانه.
واصطحبه أبونا إلى مستشفي العباسية لعلاجه من الإدمان والأمراض النفسية التي يعاني منها، فظل بها شهرين وخرج منها وقد تحسنت حالته لمدة تسعة أشهر. ثم انتكس ثانية وعاد للمخدرات، فكان ينزل إلى الشارع ويقطع الطريق... يضرب الناس، ويوقف عربات الكارو ويفك الخيل منها، وبسبب ضخامته وقوة بنيته لم يجد من يتصدى له، وبواسطة مركز الحياة الأفضل أعادوه ثانية إلى مستشفي العباسية، وخرج منها بعد أن تحسنت حالته ثم عاد للانتكاسة مرة ثانية، وفي المرة الثالثة أدخل هو نفسه المستشفي وبعد أن خرج منها تعرض للانتكاسة الثالثة.
وفي أحد الأيام كان أبونا إبراهيم يصلي صلاة مسحة المرضى في السابعة صباحًا في منزل مجاور لمنزل هذا الشخص، وإذ بوالده ينتهره ويضربه، فهاج هذا الشاب وماج ورفع كرسي الحمام يريد أن يحطم رأس أبيه. ثم أمسك سكينًا ونزل إلى الشارع، وأخبروا أبونا إبراهيم فترك الصلاة ونزل إلى الشارع وانتهر هذا الشاب بشدة "سيب السكين يا فلان... هات السكين" وتقدم بثبات وأخذ منه السكين، فهجم الناس عليه ليمسكوه، وهو يصرخ " ودوني المستشفي... أدوني حقنة مادونيش برشام " وأخذوه إلي المستشفي وخرج، وما زالت حالته مذبذبة... إنه مثال لإنسان يعاني من بعض الأمراض النفسية بجوار الإدمان.
3 - دخول المدمن للمستشفي لعلاج أعراض الانسحاب غالبًا ما يتم بإرادته، ولكن إن كان المريض لا يرغب في العلاج، فهل يتركونه لرغبته؟ كلاَّ... إنما يحاولون إقناعه بضرورة دخول المستشفى حتى تتحسن حالته ، لأن لكل إنسان مدمن قاع عندما يصل إليه يصرخ ويستغيث طالبًا العون، ولكن الخوف أن تنتهي حياة المدمن بسبب جرعة زائدة أو غير هذا قبل الوصول إلى القاع، والأمر المريح أنه بمجرد أن يُسلم المريض نفسه للطبيب ويبدأ العلاج تتحسن حالته , فالمصاب بالغيبوبة يسترد وعيه، والمصاب بالهيجان يعود إلى هدوئه، والمصاب بالهلوسة السمعية والبصرية يعود إلى حالته الطبيعية، والذي حاول الانتحار من قبل تعود إليه الثقة بنفسه...
إذًا على الأسرة تقع مسئولية علاج المدمن، ويقول الأستاذ الدكتور فيكتور سامي أنه في ماليزيا وسنغافورة وتايلاند يحبسون المدمن لمدة أسبوع ويمنعون عنه المخدر ويعطونه كمية أكبر من السوائل، وفي خلال أسبوع يكون المخ قد عاد إلى إفراز الأفيون الطبيعي وهو ما يعرف باسم الأندورفينات Endorphins والإنكفالينات Encephalins ، فتبدأ الآلام الناتجة عن انسحاب المخدر في الجسم تختفي.
ويحكي الأستاذ وجيه أبو ذكري في كتابه شباب في دائرة الموت(2) قصة شاب ابن ضابط شرطة كبير أنهى دراسته الجامعية بتفوق وله من العمر عشرين عاما، وتم تعينه معيدًا، وبعد سنتين حصل على الماجستير بتقدير امتياز، وبدأ في إعداد رسالة الدكتوراه، وتزوج بمعيدة في كلية مجاورة... كان يعطي كورسات لبعض المجموعات، وفي مرة طلب منه أحد الطلبة أن يأخذ درسًا بمفرده ويدفع ضعف ما تدفعه المجموعة بالكامل، لأنه للسنة الثالثة في السنة النهائية، فوافقه المعيد وذهب إليه في بيته فإذ هو ابن لمليونير، وقدم له هذا الطالب البودرة ولكنه رفضها، ومع تكرار الإلحاح يومًا فيومًا بدأ هذا المعيد شم الهيروين وقت الدرس، وفي الأسبوع التالي ذهب المعيد إلى الطالب على غير موعد ليحصل على جرعة من الهيروين، وإذ بالطالب يقدم له الهيروين في السرنجة، وحقنه بها في الوريد فكانت أسرع وأقوى... شيئًا فشيئًا أخذ يدفع المعيد كل ما يصل إلى يديه ليحصل على حاجته من الهيروين... تسول مع زملائه... أخذ من أبيه... باع سيارته واشترى دراجة بخارية... صادق تجار المخدرات وحثالة المجتمع، وأخفق في الاستمرار في الدروس لهبوط مستواه العلمي.
وأخيرًا اقترح عليه أحد أصدقاء السوء أن يركب خلفه على الدراجة البخارية ويخطف السلاسل الذهبية من النساء، فذهب الاثنان على ظهر الدراجة إلى مصر الجديدة، ونزل الصديق الغير مدرب ليخطف سلسلة سيدة فصرخت واستغاثت ونجح المارة في الإمساك به. أما المعيد فقد هرب بدراجته غير أن أحد سائقي السيارات اندفع وراءه وصدمه فسقط، وسيق إلى قسم الشرطة، فيقول "دخلت القسم. ثم إلى حجز القسم... وجدت صديقي اللص في الداخل وقد سبقني... فكرت في الانتحار... فسوف يعلم والدي... وستعلم زوجتي... آه... لقد انتهت حياتي... وجاءت ساعة التحقيق... رفضت الإجابة على أي سؤال... وإذا بالجندي يضربني بقسوة على قفاي. يا حرامي يا ابن... رد على حضرة الضابط... وبكيت... بكيت بُكاءً مرًا... وتمنيت بصدق أن أموت فورًا، فما كان والدي "كلب " ولا يستحق هذه الإهانة... وبإشارة من الضابط أخرج الجندي بقسوة وعنف من جيبي تحقيق شخصيتي... ثم انهال ضربًا على قفاي... بطاقة مزورة يا حرامي... وقرأها الضابط... بطاقة مزورة... أليس كذلك..؟ نعم ولماذا اخترت معيدًا وظيفة لك..؟ مجرد اختيار... هل تعرف معنى معيدًا بكلية كذا..؟ ولم أنطق بحرف واحد... وطلب الضابط من الجندي أن يأخذني إلى الحجز وذهبت معه...
وبعد ساعة من بقائي في الحجز... جاء الجندي مرة أخرى... وأخذني بشفقة ورحمة إلى حضرة الضابط... يا للكارثة... دخلت غرفة الضابط، فوجدت والدي... حاولت التراجع ولكن الجندي دفعني إلى الداخل... ووقفت أمام والدي ورأسي مدلى على صدري... لا أقوى على النظر إلى والدي.
- هل حقًا ما فعلت؟ ولم أتمكن من إجابة سؤال والدي.
- منذ متى وأنت تتعاطى الهيروين؟ ولم أتمكن من إجابة هذا السؤال أيضًا.
وبكيت... بكيت كثيرًا، وأخذني والدي... وانصرفت معه... لو لم يكن والدي ضابط شرطة كبير... لكنت الآن في السجن "
وخرج هذا المعيد وعاد إلى منزله، وأخذ والده أجازة شهرًا كاملًا وظل معه في البيت، ورغم أنه كان يصرخ ويتلوى من الألم طالبًا الهيروين ولكن كان أبوه صارمًا، فيقول" لم أتمكن من تحمل هذا الألم... كنت أصرخ وحدي كأني في صحراء... قبَّلت حذاء والدي أكثر من مرة أن يأتي لي بالشمة الأخيرة ورفض. بل ضربني... وضربني ضربًا مبرحًا... أحاول أن أنام من الألم... فيوقظني الألم... أصرخ وأبكي... ربما حبًا في الصراخ والبكاء حتى يهدني فأتمكن من النوم... وأحيانًا أنام... وأحيانًا كثيرة أصرخ من الألم، وكان قلب والدي من الحجر الذي لا يلين لصراخي.
ومرة كنت نائمًا وأيقظني والدي، وطلب مني سرعة حضوري إلى الصالة لأشاهد التليفزيون... تصوَّرت في البداية أن والدي قد أصابه مس من الجنون " ولكن عرف هذا الابن أن هناك برنامجًا تليفزيونيًا عن الإدمان، وأخذ أحد المتحدثين يدعو لتطبيق التجربة الإيرانية التي أعدمت نحو عشرة آلاف تاجر وموزع ومهرب مخدرات وأنقذت الشعب بالكامل، وحتى المدمن إن لم يوافق على العلاج يُعدم، وبدأ المتحدث يتحدث عن نظريته في إعدام المدمنين، فاهتز هذا المعيد وتصوَّر حبل المشنقة حول رقبته، فوضع في قلبه أن يقلع تمامًا عن الإدمان، وأخذ يجاهد أكثر فأكثر إلى أن شفي من الإعدام أقصد الإدمان.
4 - الهدف من مرحلة الانسحاب هو تخليص الجسم من السموم بطريقة طبية بأسرع ما يمكن، فالجسم بطبيعته يتخلص من السموم، ولذلك تبدأ فترة علاج أعراض الانسحاب بالتوقف التام عن تعاطي المخدر، باستثناء الحالات المدمنة الصعبة فإن التوقف يكون تدريجيًا، وتتراوح فترة العلاج هذه بين عدة أيام وثلاثة أسابيع يتعرض فيها المريض لآلام جسدية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... لماذا؟ لأن مخ الإنسان غير المدمن يفرز نوعًا من الأفيونات الطبيعية (الإندورفينات والإنكفالينات) وعندما يتعاطى الإنسان المخدرات الصناعية يتوقف المخ عن إفراز مثل هذه الأفيونات الطبيعية، وتتعود خلايا الجسم ولا سيما خلايا المخ على وجود هذا المخدر الدخيل، فعندما يمتنع المريض عن تعاطي المخدر فإن وجوده يقل في خلايا الجسم مما يتسبب في آلام شديدة، ولا سيما أن المخ يأخذ فترة حتى يفرز ثانية الأفيونات الطبيعية. وتتمثل أعراض انسحاب المخدر من الجسم في الدوار والإسهال والقيء والرشح والدموع. وقد يشعر المدمن بأن هناك ثعابين تنهش في كل أجزاء جسمه، ولذلك يتناول الإنسان خلال هذه الفترة العقاقير الطبية حتى تختفي الآلام التي يشعر بها الإنسان، كما يتناول المدمن الأدوية التي تهدئ الجهاز العصبي، وتقاوم الاكتئاب إن وجد، وأيضًا قد يكون في حاجة إلى بعض العقاقير التي تحتوي على نسبة أقل من المخدر. كما يحتاج المدمن خلال هذه الفترة إلى بعض الفيتامينات لفتح الشهية.
ومن الأمور الطريفة في علاج إدمان الخمور الطريقة التي اخترعها الدكتور الفرنسي جورج برويل وهى حقن المدمن بمستخلص من الكحول في الوريد لمدة 36 ساعة حتى يتشبع الجسم بهذه المادة، وبعد هذه الفترة لا يطيق المدمن رائحة الخمر ولا يقبل مذاقه طوال أيام حياته(3).
وتختلف فترة انسحاب آثار المخدر من مدمن إلى آخر بحسب نوع المادة التي كان يدمنها، والمدة التي قضاها في الإدمان، وقوة إرادة المدمن ورغبته الجادة في الشفاء، ومقدرته على تحمل الآلام، وقد تمر هذه الفترة وتكون الآلام محتملة، وقد تصل إلى حد التشنجات العصبية التي تحتاج معها إلى قضاء هذه الفترة في إحدى المستشفيات مع الإشراف الطبي الكامل، ومن الأمور التي تساعد على مرور هذه الفترة بسلام توافر الطبيب النفسي، والأخصائي الاجتماعي، وهيئة التمريض، والخادم المحب.
5- الحرص كل الحرص لئلا يتسرب المخدر بطريقة أو بأخرى للمريض خلال هذه الفترة، ولذلك يجب منع الزيارة تمامًا عن المريض خلال الأسبوع الأول، وبعد ذلك يسمح بالزيارة بشرط التدقيق في نوعية الزوار لئلا يحمل أحدهم المخدر للمريض سرًا بحجة الحب أو الشفقة أو الجدعنة، وأحيانًا يجب مراقبة المدمن ليلًا ونهارًا مع قياس الضغط والحرارة بصفة دورية، ويقول أحد المدمنين في اعترافاته وهو ابن تاجر كبير " دخلت المستشفي وكل خلية في جسدي تطلب العلاج، وكنت أريد أن أقدم الشفاء هدية لوالدي المريض، والذي يرقد في مستشفي القلب، فهو لم يقصر معي، وبدلًا من أن أكون مصدر فخره، أصبحت مصدر عاره، وسببًا في مرضه... دخلت المستشفي وكلي أمل وتحملت الآلام في اليوم الأول، وكانت آلامًا مبرحة وأخذت العلاج من الطبيب، ورحت في نوم عميق، وفي الصباح أحسست بأن هناك نداء في داخلي يلح علىَّ في طلب الهيروين، ولكني تحملت، وجاء الممرض وأخذني إلى حديقة المستشفي، لأجلس في شمس الشتاء الدافئة، واختلط المرضى الذين شفوا وهم الآن في دور النقاهة، جلسنا خمسة ممن أهلكهم الإدمان وبدأنا التعارف.
- كنت طالبًا في كلية الطب... والدي طبيب كبير مشهور...
- أنا... محاسب... كان عندي مكتب للمحاسبة... بعته في سبيل جرعات من الهيروين.
- أنا... موظف في وزارة الخارجية... والدي كان سفيرًا وهو الآن على المعاش.
- أنا... من حثالة المجتمع... بائع هيروين ومدمن في نفس الوقت.
- وأنا ابن تاجر في وكالة البلح.
وأخرج الشاب الذي وصف نفسه من " حثالة المجتمع " عدة تذاكر هيروين وقدمها للحاضرين، وأخذ كل واحد ورقة، وترددت في البداية، ولكن ذلك الشيطان الذي في داخلي جعلني أنقض على الورقة... بل وأسرع في فتحها... ثم شمتها دفعة واحدة، وأحسست براحة عجيبة بعد طول عذاب... وأصبحت بعد ذلك أنتظر الصباح حتى أحصل على شمة... وعلمت أن هذا الشاب الذي جاء من قاع المجتمع ليس وحده الذي يبيع الهيروين بل إن الممرضين أيضًا يبيعون، ووجدت إن الهيروين ينتشر جدًا داخل المستشفي أكثر مما هو خارجه... واستمر الحال شهرًا كاملًا حتى عرفت أمي أنني أتناول الهيروين داخل المستشفي، وثارت ثورة عارمة على الممرضين والأطباء وإدارة المستشفي، والكل في حالة لا مبالاة تامة، فيبدو أنهم تعودوا على هذه الثورات... وخرجت من المستشفي وأبلغت أمي الشرطة بما حدث في هذه المستشفي" (1)
6- أماكن العلاج: هناك مستشفيات حكومية، وأخرى خاصة لعلاج أعراض الانسحاب، وتتفاوت مصاريف العلاج من عدة مئات إلى عدة آلا ف من الجنيهات في المستشفيات الخاصة.
أولًا: المستشفيات الحكومية التي يوجد بها أقسام للإدمان: بالقاهرة مستشفي العباسية ومصر الجديدة وقصر العيني ومستشفي حلوان للصحة العامة، وفي الإسكندرية مستشفي المعمورة العام، وفي المحافظات مستشفيات بنها، والخانكة، وطنطا، والعزازي بالشرقية، والإسماعيلية، وبور سعيد، والسويس، والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، وأسوان.
ثانيًا: جمعيات أهلية لمكافحة الإدمان بالقاهرة: منها:
1 - جمعية برايد مصر 3 ش المراغي بالعجوزة.
2 - الإتحاد العربي للوقاية من الإدمان - مدينة نصر شارع الطيران - مستشفي الدكتور جمال ماضي.
3 - الجمعية المركزية لمنع المسكرات ومكافحة المخدرات 157 شارع القلعة بالعتبة ت 3903215.
4 - الجمعية المصرية للصحة النفسية 31 ش عرابي - القاهرة ت 5820667، 5820668 .
ثالثًا: جمعية كاريتاس: بالقاهرة 13 شارع عبد الحميد سعيد معروف ت 762242 - 766723 والإسكندرية 10 شارع محمد طلعت نعمان - محطة الرمل ت 4840138
رابعًا: أندية الدفاع الاجتماعي: ويبلغ عددها أكثر من مائة وعشرين ناديًا منتشرًا في معظم محافظات الجمهورية وكثير من المدن.
خامسًا: الخط الساخن الذي يقوم بالإجابة على كافة التساؤلات والاستفسارات التي يوجهها المدمنون أو أقرباؤهم من خلال التليفون من العاشرة صباحًا إلى العاشرة مساءًا يوميًا، وأرقام هذه التليفونات بالقاهرة 3041948، 03051841.
وأخيرا نقول أنه بانتهاء مرحلة الانسحاب يشعر الإنسان بتحسن كبير، وبأنه قد تعافي تمامًا، ويظن أنه قد نال الشفاء الكامل، فلو خرج من المستشفي وعاد إلى حياته فإنه سريعًا سيعود إلى المخدر، وتصبح فترة علاج أعراض الانسحاب بلا فائدة. وقال د. فيكتور سامي في مؤتمر الفيوم 26، 27/11/2001 إن أحد الأشخاص المدمنين دخل للمستشفي للعلاج من الإدمان 25 مرة دون جدوى. ولكن لا بد من فترة التأهيل والعلاج النفسي والاجتماعي الذي يقود المدمن للمصالحة مع نفسه ومع أسرته ومع مجتمعه ويصبح قادرًا على العمل والإنتاج.
_____
(1) شباب في دائرة الموت ص 188 - 189
(2) ص 173 - 182
(3) راجع حرية المسيحي ضد الخمر والسجائر والمخدرات ص24
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/addiction/withdrawal.html
تقصير الرابط:
tak.la/tcavmh7