1. الأفيون:
يستخرج الأفيون من نبات الخشخاش الذي ينمو في جنوب شرق أسيا، وإيران، وتركيا، وبعض بلدان الشرق الأوسط، وشجرة الخشخاش ذات أزهار بيضاء جميلة أو حمراء أو بنفسجية تسر الناظرين، ويبلغ طولها من 1-2,50 م. ذات أوراق خضراء تميل للزرقة، والأوراق بها لمعة فضية، والشجرة تعطي من 5-8 كبسولات خضراء وعند النضج تتحول إلى اللون الأصفر، وتشرط هذه الكبسولات بآلة حادة من منتصف النهار حتى الغروب فتخرج منها مادة لبنية بيضاء لزجة ذات رائحة نفاذه وطعم مر، وعندما تتعرض للهواء تتحول إلى اللون البني، فتجف في الهواء وتقل كمية المياه بها، وبعد جفاف المادة تُشبّع بالماء ثم يتم ترشيحها بإضافة الجير المطفأ وكلوريد النشادر، حتى تصل نسبة المورفين من 50-70% بعد إزالة الشوائب العضوية، والأفيون أنواع فمنه الهندي والتركي واليوغسلافي كلٍ بحسب مصدره، ولأن الأفيون مر الطعم جدًا، فلذلك يضيفون عليه بعض المواد السكرية، ويتعاطونه عن طريق الاستحلاب تحت اللسان، أو يضاف إلى القهوة، أو يبلع، أو يدخن في الأرجيلة، ومشتقات الأفيون تبلغ أكثر من 35 مركب أهمها المورفين، والكودايين، والثيبايين، والبابافرين، والهيروين، وقد عرف الخشخاش في مصر باسم أبي النوم.
ومن الأمور المعروفة في التاريخ "حرب الأفيون" التي حدثت بين إنجلترا والصين، فقد قامت إنجلترا بزراعة الأفيون في الهند، وتم تصديره إلى الصين بهدف الربح القبيح، وإذلال الشعب الصيني، فكتب صموئيل مارتن في كتابه "تخدير شعبي" {لم يكن الشعب الصيني مدمنًا على المخدرات ولم يُستعمل الأفيون في الصين إلاَّ للأغراض الطبية، وكانت هناك تجارة بين إنجلترا والصين، وكان الميزان التجاري لصالح الصين، مما جعل بريطانيا تدفع للصين الكثير من العملة الفضية، وفكرت بريطانيا في استرداد عملاتها الفضية من الصين، فقامت شركة الهند الشرقية بإدخال الأفيون شيئًا فشيئًا بلا ثمن تقريبًا، وزينوا للصين استعماله وعلموهم كيفية استعماله، وأقبل الشعب الصيني على الأفيون، واستردت بريطانيا بعد ذلك كل العملة الفضية الموجودة في الصين، وبعد الرخاء الذي كان يعم الصين انتشر الفقر وعمت المجاعات "(68) ففي سنة 1838م صدَّرت إنجلترا للصين 25 ألف صندوق أفيون، وعندما تصدى إمبراطور الصين لهذه التجارة، وحاكم تجار الأفيون، وأحرق كميات ضخمة من الأفيون اشتعلت نيران الحرب بين بريطانيا والصين (1839-1842م) واستولت إنجلترا على هونج كونج، ووقعت معاهدة نانكين مع الصين حيث أرغمتها على فتح خمس مواني في وجهه التجارة الأجنبية أو على الأصح تجارة الأفيون الهندي، وتقاضت بريطانيا من الصين 6 مليون دولار ثمنًا للأفيون الذي أحرقته الصين، وفي سنة 1913م ارتفع صوت بعض الشرفاء والأحرار في البرلمان البريطاني يطالب بمنع تصدير الأفيون الهندي للصين، وفعلًا تم وقف التصدير، وفي سنة 1920م كان عدد ربع الذكور في الصين يدمنون الأفيون، وفي سنة 1950م أعلنت وزارة الصحة في حكومة ماونسي تونج بدء برنامج فعال للقضاء على تعاطي الأفيون.
والأفيون له أثاره الضارة على الإنسان، فهو ينبه ويثبط الجهاز العصبي في آن واحد، والإنسان قد يشعر بالنشوة أو الاكتئاب وانحراف المزاج، ويؤدي تعاطي الأفيون إلى الاسترخاء والنعاس والنوم، وبطئ النبض وضعف التنفس، وانخفاض ضغط الدم، والغثيان والقيء والشعور بالدوار، وتشنجات وتقلصات في عضلات المعدة، وضيق حدقة العين، وفقدان الشهية والهزال، وجفاف الفم والحلق، واحتقان الوجه، وبطئ الكلام وقلة التركيز، وحكة الجلد وتقيحه، وقد يصاب مدمن الأفيون بهياج عصبي شديد، ويؤدي الإدمان إلى اضطراب الشخصية، ومجموعات الأفيونات "يمكنها أن تخفف الألم الجسمي نتيجة زيادة التأثير المانع لقشرة المخ على مراكز الإحساس... وتظهر علامات إدمان هذه المواد على المدمن سريعًا، ويحدث تدهور في الأخلاق والسلوك الاجتماعي سريعًا "(69)
ويقول أحد الأطباء المتخصصين في علاج الإدمان "في البداية فإن أول إحساس يشعر به متعاطي الأفيون ومشتقاته كما قال الدكتور عادل صادق، هو مرور نسمة مرح... سعادة... فتنعش قلبه وتوقظ نفسه، وتنشط ذهنه، وتعرفه بمعنى كلمة النعيم، وما المقصود بالسعادة... تنزاح الهموم وتتراجع المشاكل ويحل السلام فتهدأ كل خواطره، وتتبخر كل عداوته، وتدفن مشاعر الكراهية فيسكن تمامًا ولا يريد أن يتحرك، وسرعان ما تستولي عليه البلادة... ولا ينبعث من جسده أي إحساس بالألم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... وتضيق حدقة العين، ويضعف التنفس، ويختفي السعال وتستريح الأمعاء، فيحدث الإمساك الشديد... أن المدمن قليل التركيز... سريع النسيان... مضطرب التقدير... متلعثم اللسان... وزيادة الجرعة تحدث ما يُسمى بتسمم الأفيون ومشتقاته... فقد تحدث غيبوبة، وهبوط حاد في التنفس، ويلاحظ هنا الضيق الشديد في حدقة العين، وتعالج هذه الحالة فورًا بمضادات الأفيون عن طريق الحقن في الوريد لوقف تأثير الأفيون ومشتقاته، وإن لم يتم ذلك وبسرعة... فإنه يتوفى... مدمن الأفيون ومشتقاته يبدو ضعيفًا هزيلًا سلبيًا منسحبًا مستسلمًا وكأنه في حالة ذهول، لا شيء يشغله على الإطلاق إلاَّ الحصول على الأفيون أو أي من مشتقاته التي أدمنها، ويفقد اهتمامه بأي ملذات أخرى"(70)
وعندما يتوقف مدمن الأفيون عن تعاطيه يتعرض للكآبة والقلق، ولذلك يحتاج أن يتخطى هذه المرحلة بتناول مضادات الاكتئاب والقلق ومرحلة الانسحاب قد لا تستغرق إلاَّ أسبوعًا واحدًا، ثم يدخل الإنسان في مرحلة التأهيل التي تستغرق وقتًا طويلًا، وقد يحتاج الإنسان إلى بعض الأدوية التي توقف لهفة المريض على المادة المخدرة مع كميات كبيرة من الفيتامينات.
_____
(68) شباب في دائرة الموت - وجيه أبو ذكرى ص126، 127
(69) مذكرة كاريتاس الإسكندرية - دورة تدريب الأطباء خلال الفترة 7/12-9/12/1998م
(70) شباب في دائرة الموت - وجيه أبو ذكرى ص 295، 296
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/addiction/papaver-somniferum.html
تقصير الرابط:
tak.la/4aazdz8