خرج الرب عن صمته في هذه الفترة مرات قليلة.
ولم يتكلم أثناء المحاكمات أو أثناء التعذيب والاستهزاء إلا قليلًا. أما على الصليب، فنطق بِسَبْع كلمات كلها من أجلنا، وكانت كلماته مملوءة عطاءًا:
[أعطى صالبيه المغفرة، وأرسل اللص اليمين إلى الفردوس، وأعطى للعذراء ابنا روحيًا ورعايةً واهتمامًا، وليوحنا الحبيب أعطى بركة العذراء في بيته، وقدم للآب ثمنًا لما يتطلَّبه العدل الإلهي، وأعطى للبشرية كَفَّارَةً وفداء، وأعطانا اطمئنانًا على تمام عمل الخلاص.][340]
أولها: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ» (لوقا23: 34)، وآخِرها: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» (لوقا46:23). وبين الأول والآخِر كلمتان موجهتان إلى الآب أيضًا هما:
الكلمة الرابعة: «إلهِي، إلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» (مت46:27). والسادسة: «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنا30:19). ومع أن هذه الجملة الأخيرة قد تكون إعلانًا عامًا، إلا أنها تحمل رسالة إلى الآب: «أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.» (يو5،4:17).
كانت الكلمة الأولى: قالها ككاهن يتشفَّع في صالبيه:
«يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوقا23: 34).
والكلمة الثانية: قالها كمَلك، يُنعِم على اللص اليمين بنصيب في ملكوته:
«الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ.» (لوقا43:23).
الكلمة الثالثة: قالها كراعٍ يهتم بكنيسته: «هُوَذَا ابْنُكِ... هُوَذَا أُمُّكَ.» (يوحنا26:19-27).
الكلمة الرابعة: قالها كمُعلِّم يُثبِت أنه المسيا الفادي الذي تنبأ عنه الأنبياء.«إلهِي، إلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» (مت46:27).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكلمة الخامسة: «أَنَا عَطْشَانُ» (يوحنا30:19).
الكلمة السادسة: «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنا30:19).
الكلمة السابعة والأخيرة: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» (لوقا46:23).
كانت الكلمات لها ترتيب خاص لا تُخفِي حِكمته[341]:
· بدأ أولًا يطلب المغفرة للناس، فعلى الصليب بدأت فاعلية دمه المقدس في الغفران. وإذ فُتِح باب المغفرة، جاءت الكلمة الثانية الخاصة بفَتح الفردوس؛ لأنه إذ دَفع الدم ثمنًا للمغفرة يُمكن فتْح الفردوس. وهذا ما رأيناه في: الكلمتين الأولى والثانية.
· ذكر السيد المسيح أعداءه أولًا ثم أحباءه. فكلامه الأول خاصٌ بصالبيه، واللِّص، ثُم بالعذراء ويوحنا. وهذا ما رأيناه في: الكلمات الأولى والثانية والثالثة.
· في حديثه مع الآب كلَّمه: أولًا كأب ثُم كإله، فهو الابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ (يوحنا18:1)، ثُم هو نائب البشرية أمام الآب. وهذا ما رأيناه في: الكلمتين الأولى والرابعة.
· وتأتي الكلمتان الرابعة والخامسة لتُعلنا أن الرب يدفع ثمن الفداء: فعبارة «إلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» تعني أن الآب تركه ليدفع ثمن الفداء، وتعني آلامه النفسية وهو يحمل غضب الله على خطايا البشر. وعبارة «أَنَا عَطْشَانُ» إعلانٌ لآلامه الجسدية من أجل البشر.
· أما الكلمتان السادسة والسابعة، فهما إعلان الفرح بإتمام الفداء. «قَدْ أُكْمِلَ»، و «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» بهاتين العبارتين أعلن الرب انتصاره وهزيمة إبليس.
_____
[340]البابا شنوده الثالث، مجموعة تأملات في أسبوع الآلام، طبعة ثانية 1991م، ص203.
[341]البابا شنوده الثالث، مجموعة تأملات في أسبوع الآلام، طبعة ثانية 1991م، ص204.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/section-3-chapter-3.html
تقصير الرابط:
tak.la/gtjk9gg