رأينا اعتراف الناس أمام مار بولس في سفر الأعمال (أعمال19: 18) بصفة متكررة؛ لذلك أعطى الرب سُلْطَانَ مغفرة الخطايا لرُسُلِه الأطهار على الأرض وفي السماء.
والنصوص الكتابية التالية تُوَضِّح ذلك تمامًا.
[4] في إنجيل القديس متى البشير بعد أن أعلن مار بطرس الرسول لاهوت المسيح له المجد قال له الرب «وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ». (متى16: 18، 19).
[5] في إنجيل القديس متى البشير يقول الرب للاثني عشر رسولا «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ» (متى18: 18)
[6] في إنجيل القديس يوحنا الحبيب وعند ظهور الرب للتلاميذ في أورشليم وتوما غائبٌ عنهم "فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ». (يوحنا20:21، 23)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هذه النصوص الكتابية الثلاثة تُثْبت أن:
1. السيد المسيح له المجد أعطى تلاميذه الرُّسُل سُلْطَان مغفرة الخطايا وإمساكها، أي الحِلِّ والرَّبْط. الأمر الذي كان قد أعطاه أيضًا لِمَارِ بطرس الرسول.
2. هذا السُّلْطَان الكهنوتي الذي أعطاه السيد له المجد للآباءِ الرُّسُل نوعان:
· سُلْطَان مغفرة الخطايا «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ»،وربطها «وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ». (يوحنا20: 23)
· سُلْطَان تشريعي: لِيَفْصلوا بسُلطةٍ إلَهية بين الحلالِ والحرام حسب ظروف وإمكانيات كل شخص. وهذا الفصل لا يكون معمولًا به في الأرض فحسب، بل في السماءِ أيضًا.
«فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ.
وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ» (متى16: 19)
«كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ،
وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ» (متى18: 18)
وهنا يَظْهَر الفارق الدقيق بين التعبيرين (مَنْ غَفَرْتُمْ، مَا تَحُلُّونَهُ)،وبين (مَنْ أَمْسَكْتُمْ، مَا تَرْبِطُونَهُ)
التعبير الأول سُلْطَان الغفران والحرمان لشخص؛ فَاستُخدِمت "مَنْ" للعاقل. أما الثاني فسُلْطَانٌ تشريعي للفصل بين ما هو حلال وما هو حرام، لشخصٍ واحد أو لجماعةٍ أو للمؤمنين جميعًا.
3. ينبغي أن نشير إلى أن هذا السُّلْطَان الذي أُعطى للتلاميذ الرُّسُل كان لهم بقوةِ الروح القدس؛ ولذلك فالمسيح له المجد «نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: "اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ." قبل أن يقول لهم «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ» (يوحنا0: 22-23).
4. نُلاحظ أن هذه الإرسالية «كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا» (يو20: 21)، وهذا السُّلْطَان «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ» (يو20: 22) الذي فاه بِهما الرب يسوع كانا موجَّهَيْن لعشرةٍ من تلاميذه فقط، فقد كان يهوذا قد انفصل تمامًا بل ومضَى وشنق نفسه، ولم يُخْتَر متياس بديلًا له بعد. «أَمَّا تُومَا... الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ» (يوحنا20: 24).
فهل صار السُّلْطَان للعشرة فقط دون غيرهم؟!. أم إن السُّلْطَان أُعطِيَ أيضًا لمن انضم إليهم بعد ومَن صيَّروه خَلَفًا لهم.
فنحن نسمع عن متياس الذي أخذ قرعة الخدمة والرسالة التي تعداها يهوذا وصار بدلًا منه وحُسِب مع الآباء الرسل. ونسمع عن مار بولس الذي صار رسُولًا بعد أن أَخذ يمين الشركة. هؤلاء صار لهم نفس الإرسالية وذات السُّلْطَان، ومارسوا نفس العمل الرسولي تمامًا مثل الأحد عشر.
[7] في إنجيل القديس متى الرسول يقول الرب:
«إنْ أَخْطَأَ إلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا.
إنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
وَإنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ،
وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ.» (متى18: 15– 18)
هذا النَّصُّ الإلهي الذي فاه به الرب يشتمل على شطرين مترابطين: الأول: يتحدث عن رجوع المتخاصمين إلى الكنيسة.
الثاني: يتحدث عن سُلْطَان الكنيسة في إعطاء الحل.
في الشطر الأول من النَّصِّ، نُريدُ أن نُوَضِّح معنى عبارة «فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ». فليست الكنيسة هنا تَعْنِي المَبْنى المُقَدس المُدَشَّن للصلاة والعبادة. وليست الكنيسة هنا تَعْنِي جماعة المؤمنين؛ لأن الكنيسة كجماعة مؤمنين هِيَ المرحلة السابقة على هذه العبارة حينما قال رب المجد «وَإنْ لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ»، هؤلاء هم المؤمنون الذين يمكن أن يتوسطوا في المصالحة ويُمَثِّلوا الكنيسة بمعنى جماعة المؤمنين. أما الكنيسةُ هنا في المرحلة الثالثة[13] والأخيرة، معناها الكاهن.
والمُهِم هُنا عبارة «وَإنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.»
ونحن نتساءل لماذا مَن لم يسمع من الكنيسة، أي من الكاهن، يُعتَبَر كالوثني؟ إن الإجابة قالها ربُّ المجد بنفسه في بقية حديثه, إذ بعدما قال «فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ»، أكمل قائلًا «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ».
فالرَّبْط على الأرض وفي السماء يجعل الإنسان كالوثني محرومًا من كنيسة المسيح.
_____
[13]المرحلة الأولى «عَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ»، والثانية «خُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ».
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/section-4-chapter-3.html
تقصير الرابط:
tak.la/y2qznf6