استعمل القديس مار بولس الرسول سُلْطَانه الكهنوتي مع خاطئ كورنثوس، فأعطاه تأديبًا كنسيًا، فحَرَمَه وفَرَزَه من الكنيسة. ولما قَدَّمَ توبة أعطاه حِلًّا.
[8] في رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس قال لهم: «فَإنِّي أَنَا كَأَنِّي غَائِبٌ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ حَاضِرٌ بِالرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ كَأَنِّي حَاضِرٌ فِي الَّذِي فَعَلَ هذَا، هكَذَا: بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ إذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.» (1كورنثوس5: 3–5)
عُزِل خاطئ كورنثوس بسبب زناه كما قيل «فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ» (1كورنثوس5: 13). وأثمر هذا التأديب في حياته؛ ولذلكَ رفَعَ مار بولس عنه الحِرْمان والعَزْل وأعطاه حِلًّا.
وأرسل رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس يقول فيها: «مِثْلُ هذَا يَكْفِيهِ هذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، حَتَّى تَكُونُوا بِالْعَكْسِ تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. لِذلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ.» (2كورنثوس 2: 6-8).
وكما استخدم مار بولس هذه التأديبات الكنسية بسُلْطَانه الكهنوتي (2 كورنثوس10: 8)، أوصى تلميذه القديس الأسقف تيموثاوس قائلًا:
[9] «مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إبْلِيسَ إذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإرَادَتِهِ (2تي2: 25، 26).
[10] «الَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَالإسْكَنْدَرُ، اللَّذَانِ أَسْلَمْتُهُمَا لِلشَّيْطَانِ لِكَيْ يُؤَدَّبَا حَتَّى لاَ يُجَدِّفَا.» (1تيموثاوس1: 20)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
هكذا أصبح واضحًا من النصوص الكتابية السابقة:
· أن الاعتراف لله أمام الكاهن ليس سِمَة العهد القديم فقط، بل هو مُمْتَد في العهد الجديد أيضًا. مارسَهُ الآباءُ الرُّسُل في العصر الرسولي وما بعده. فرأينا كيف كان المؤمنون يعترفون لله أمام الرسل.
· رأينا الربَّ يسوع له المجد وقد منح الآباءَ الرُّسُل سُلْطَانًا لممارسة هذا السِّرِّ؛ فيغفروا على الأرض للتائبين فيُغفَر لهم في السماء، ويربطون غير التائبين على الأرض فيُربَطون في السماء. بل أعطاهم أيضًا أن يُشَرِّعوا في الأمورِ غير المعروفة للمؤمنين، فيفْصِلوا بين الحَلالِ والحرام بسُلْطَانٍ إلهى يجعل الدينونة في السماء على أساس هذا الفصْل الذي أعطوه هم.
· كما رأينا أيضًا إن للكنيسةِ سُلْطَانٌ في تأديب المؤمنين. فتَعزِل المُخطِئ حتى يتوب، وإذا تاب تقبله. فقد أشرنا إلى إن هذا السُّلْطَان ليس موهوبًا فقط للاثني عشر بل لخُلفائِهم، على غرار القديس مَتِّياس الذي أصبح كواحدٍ من الرُّسُل بواسطة السيامةِ المقدسة، وأخذَ نَفْس السُّلْطَان الموهوب لهم.
· الآن فلنُطِعْ كتابنا المقدس، ولْنقتربْ باتضاعٍ، ولْنجثُو في توبةٍ حقيقية لله أمام كاهن اعترافنا، مُعترفين بكل خطيئة. نعم بخجل، ولكن ليس بهروبٍ من الخجل. فالملح في الطعام، قليلُهُ يُعطِي مذاقًا له، وكثيرهُ يُفسِد طعمَه. هكذا الخجل قليلهُ أثناء الاعتراف يساعدنا على التوبة وعدم تكرار الخطية، أما كثيرهُ أي المبالغة في الخجل إلى الحد الذي يمنعنا من الاعتراف أمام الكاهن، يحرمُنا من بركةِ الغفران.
إذَن فلنعترفُ بتوبةٍ ونأخذ من الله حِلًّا بواسطةِ كهنته.
حسنًا أنشد قداسة البابا شنوده الثالث قائلًا:
"قرأ الكاهنُ حِلًا فوق رأسي، فاسترحتُ.
قال لي هيَّا اصطلِحْ بالربِ هيَّا، فاصطلحتُ."
«اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا. نَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ»[14] (امثال9: 1)
_____
[14] إشارة إلى سبعة أسرار الكنيسة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/section-4-chapter-4.html
تقصير الرابط:
tak.la/54td42h