لم تختلف اتجاهات العلامة ترتليان عن تلك التي للقديس إيرنياؤس في أمور جوهرية. ويمكننا أن نلخص اتجاهه في النقاط التالية:
1- أكد العلامة ترتليان عدم وجود أي تقليد خفي، إذ يقول "ليس من المعقول أن الرسل قد جهلوا كل مجال رسالتهم التي كان عليهم أن يعلنوها، أو فشلوا في تعريف الناس كل قانون إيمانهم[34]...
2- وجد العلامة ترتليان أن أضمن اختبار لأصالة التعليم هو أن الكنائس قد تأسست بواسطة الرسل واستمرت مرتبطة بهم بالتتابع[35]، وهو في هذا يتلاقى مع القديس إيرنياؤس.
يقول العلامة ترتليان: "لنا شركة مع الكنائس الرسولية، لأن تعليمنا لا يختلف في شيء عن تعاليمهم. وهذه هي شهادتنا للحق[36].
كما يقول أيضًا: "هذا هو موجز براهيننا حين نشمر عن أذرعتنا أمام الهراطقة، وذلك من أجل الإيمان الوارد في الإنجيل. إننا نعتمد على الزمن، فإن الأحكام التي جاءت مؤخرًا تحت علامة الزيف، وأن سلطان الكنائس يعتمد على استلام تقليد الرسل، فإن الحق جاء سابقًا للزيف، ونتج عنه استقامة نبعت عن أولئك الذين تسلمناه منهم[37]".
3- يقرر العلامة ترتليان أن التقليد الشفوي أو "قانون الإيمان Regula Fidei" هو مفتاح التفسير الصحيح للكتاب المقدس فقد كان الهراطقة قادرون الكتاب يظهر حسب أهوائهم، إذ يجهلون قانون الإيمان Rule of Faith[38].
4- أشار العلامة ترتليان إلى تقليد العبادة العملية، وهى الأمور التي صارت عادة في الكنيسة خلال أجيال طويلة.
إنه يقول: "متى لم يرد في الكتاب المقدس عبارة تشير إلى أمر ما "عادة قديمة متبعة"، فإن هذه العادة تستمد قوتها بالتأكيد خلال استقرار ممارستها، والتي بدورها تكون قد انحدرت عن التقليد دون شك. إذ كيف يمارس شيء بشكل منتظم ما لم يكن قد أستلم أولًا "خلال التقليد"؟
قد تقول: يلزمنا الرجوع إلى سلطان مكتوب "الكتب المقدسة" حتى إن التجأنا إلى التقليد.
نحن نسأل عما إذا كان لا يمكن استخدام التقليد ما لم يكن مدعمًا بالكتاب. من الواضح نستطيع القول بأنه ليس لنا أن نقبل تقليدًا شفهيًا لو إننا لا نمارس بالفعل أمورًا أخرى تستند على حكم العادة المستقرة دون أن تعتمد على نص كتابي بل على التقليد وحده. "يعطى العلامة أمثلة شفهية قائلًا:
"لكننا نوضح الأمر مبتدئين بالعماد، فإنه قبيل الدخول في المياه نعترف في جدية في حضرة الجماعة وتحت يد الرئيس الخادم أننا نجحد الشيطان وكبرياءه وملائكته. بعد ذلك نغطس ثلاث مرات، وبذا يصير تعهدنا أكثر مما نص عليه الرب في الإنجيل (مت19:24). وعندما نخرج من المياه نتذوق أولًا مزيجًا من اللبن والعسل ونمتنع عن الاستحمام اليومي الأسبوع كله "هذا التقليد كان متبعًا في الأزمنة السالفة".
كذا بخصوص سر الافخارستيا، فإننا نقبله في وسط الجماعة قبل الفجر من يد الرؤساء وحدهم مع أن الرب أمرنا أن نتناوله عند الغذاء...
ونوزع تقدمات عن الأموات في الاحتفالات السنوية لموتهم وكأنها احتفالات بميلادهم.
ونعتبر الصوم والسجود أثناء العبادة في يوم الرب غير قانوني على أن هذا الامتياز يسرى أيضًا من عيد الفصح إلى يوم الخمسين.
ونحن نتألم جدًا إذا سقط شيء من الخمر أو الخبز على الأرض "أثناء التناول" ...
وفي كل حركة أو تصرف، في دخولنا أو خروجنا، عندما نرتدي ملابسنا أو أحذيتنا، عندما نستحم، وعندما نجلس على المائدة، عندما نشعل المصابيح، وعندما نستلقي على الفراش أو عندما نجلس، وفي كل تصرفات حياتنا اليومية نرشم علامة الصليب على جباهنا.
فإن طلبت أوامر كتابية لهذه الممارسات وما شاكلها فلا تجد شيئًا. إنما التقليد هو مصدرها، والممارسة تثبتها، والإيمان يرعاها. أما كون التقليد والممارسة والإيمان يسندهما العقل، فهذا الأمر تستطيع أن تدركه بنفسك أو تتعلمه من آخر يعرفه...
هذه الأمثلة تحمل بوضوح وبكفاية أنه يمكن الدفاع حتى عن التقليد غير المكتوب على ممارسته، فإن استقرار ممارسته زمانًا مستمرًا تثبته...[39].
_____
[34] Tertullian: on prescription against heresies, 27 (see 22).
[35] J. Kelly, p 40.
[36] Tertullian: De praescriptione 21.
[37] Tertullian: Against Marcion 4:5.
[38] CF. De praescrip. 9, De Resurr.21, Adv. Prax. 26.
[39] Tertullian the Chaplet or De Corona 3,4. Ante – Nicene Frs. Vol 3,94,95.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/tradition/tertulianus.html
تقصير الرابط:
tak.la/dv5mnh8