نتطلع إلى "التسبحة" و"رفع البخور"، وما يحويانهما من تسابيح صلوات وتشكرات وحمد وتضرعات وقراءات كتابية واسهار وتكريم للقديسين وشفاعات عن كل نفس بشرية بروح الانسحاق والتوبة، فنجد انهما المدخل الكنسي لخدمة الإفخارستيا، فنحسب هذه كلها جهادًا في الميدان بروح النعمة بينما نحسب خدمة الإفخارستيا أشبه بالمكافأة التي ننالها إن جاهدنا روحيًا كما يليق، حيث نقبل الملك السماوي المصلوب والقائم من الأموات ساكنًا فينا، يهبنا جسده ودمه لنحيا به وفيه، إلى أن نلتقي معه وجهًا لوجه!
يليق بنا أن ندرك الحقائق الروحية التالية:
1. التسبيح هو المدخل الكنسي لخدمة الإفخارستيا وهو أيضًا خاتمة الخدمة... نبدأ الخدمة بالتسبيح، ونمارسها بالتسبيح، ونختمها بالتسبيح. فالتسبيح ليس مدخلًا مؤقتًا، وإنما هو بداية الطريق ونهايته، لأن طريقنا هو السيد المسيح، البداية والنهاية، فهو عيدنا المستمر، وسر فرحنا وتسبيحنا بلا انقطاع.
التسبيح اليومي يهيئ النفس لإستقبال الملك، واتحادنا به، فيلهب النفس بروح الفرح والتهليل. كأن التسبيح يُهيئنا للتمتع بالإفخارستيا، والإفخارستيا تدفعنا إلى التسبيح اليومي بلا انقطاع.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
2. التسبيح بمعناه الواسع لا يعني مجرد الترنم بقطعٍ معينة من التسابيح الكتابية أو الكنسية بنغمات محددة، وإنما هو سمة غالبة في حياة الكنيسة، وفي الكيان الإنساني كله، حتى أن النفوس المتهللة بمسيحها تُعتبَر العرش الذي يجلس عليه القدوس كقول المرتل: "أنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل" (مز3:22).
الكنيسة كعروس سماوية تشارك السمائيين عملهم، أي التسبيح الدائم! ففي كل يوم تمارس صلوات السواعي النهارية والليلية، تقدمها بروح التسبيح، مترنمة قائلة: "تسبحة باكر أو الساعة الثالثة أو السادسة الخ." وهكذا تسلك بروح المرتل القائل: "سبع مرات في النهار سبحتك" (مز118).
كان إرميا النبي في وسط ضيقته يسبح الرب، بل ويدعو الكل للتسبيح: "رنموا للرب سبحوا الرب، لأنه قد أنقذ نفس المسكين من يد الأشرار" (إر13:20).
وكان دانيال النبي أيضًا في وسط أزمته يسبح: "جثا على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم وصلى وحمد قدام إلهه" (دا 10:6).
وكان بولس وسيلا الرسولان المسجونان "يصليان ويسبحان اللّه والمسجونون يسمعونهما" (أي 25:16).
بالتسبيح نشهد لعمل الإنجيل ونكرز به، إذ "نبشر بتسابيح الرب" (إش 6:60)، "أخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الكنيسة أسبحك" (عب 12:2).
حتى القراءات الكتابية تُقْرَأ بروح التسبيح، سواء المزامير أو رسائل القديس بولس (البولس) أو رسائل الجامعة (الكاثوليكون) أو الإنجيل المقدس.
ليس فقط في العبادة العامة وإنما حتى في جلسات الإنسان الهادئة الخاصة نسبح الرب، كقول البابا أثناسيوس: [الروح المستقرة تنسى آلامها، وبترتيل الكلمات المقدسة تتطلع بفرح إلى المسيح وحده(1).]
_____
(1). To Marcel on Ps.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/praise/eucharist.html
تقصير الرابط:
tak.la/qzh83h2