هذا النظام الاجتماعي يتحقق عند القديس أغسطينوس في ثلاثة أشكال، الأسرة والمدينة أو الدولة والمجتمع العام للبشرية.
فالإنسان ككائن اجتماعي يرتبط بأسرته، كما تتسع دائرة علاقته بارتباطه بمدينته أو الدولة التي ينتسب إليها، وأخيرًا فهو عضو في المجتمع البشري كله.
* وزع الله هذه الحقوق الإنسانية للبشرية خلال الأباطرة وملوك هذا العالم.[35]
هذه الأشكال الثلاثة للمجتمعات تقوم على وجود دستورٍ ينظمها، هذا الدستور لن يتحقق بدون وجود سلطة لحفظ القوانين والالتزام بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. هذا القانون الزمني والسلطة المؤقتة يلزم أن يتناغما مع القانون الأبدي، الذي يحكم كل شيءٍ ليسير على أعلى مستوى[36].
أما جوهر هذا القانون الأبدي وعصبه فهو الحب. لذلك يليق بالقانون الزمني كما بالسلطة ألا يكونا ذوي حكم استبدادي مطلق، بل تشكلهما محبة الجميع. فيقول في إحدى رسائله: [لا يوجد أحد في الجنس البشري من لا يستحق حبنا، فإن لم يكن من أجل محبته لنا، فليكن هذا بسبب طبيعتنا المشتركة[37].]
بجانب الحب يرى القديس أغسطينوس الالتزام بالعدالة كأساس للسلام. والسلام في نظره هو تحقيق "هدوء النظام[38]".
وإذ يرتبط الإنسان بثلاثة أشكال من المجتمعات: الأسرة والدولة والمجتمع البشري، وكل هذه الأشكال ترتبط بالمجتمع السماوي، لذا فالسلام أيضًا له ثلاثة أنواع: عائلي ومدني وسماوي. هذا السلام يتحقق في الجسد نفسه (بين أعضائه)، كما في النفس؛ وأيضًا بين الجسد والنفس، كما بين الإنسان والله، والإنسان وأخيه الإنسان[39].
إن كانت السلطة ضرورية لتنفيذ القوانين وحفظ النظام، إلا أن هذا لن يتحقق بدون الحب الذي يدفع الإنسان داخليًا للخضوع للسلطة وتنفيذ القوانين بمسرة. هذا ما يعنيه بقوله المأثور: "حِبْ وافعل ما تريد[40].
_____
[35] On the Gospel of St. John, tract. 6:25
[36] On Free Choice of the Will, 1:6.
[37] Letters, 130:13.
[38] City of God 19:13.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/need-for-law.html
تقصير الرابط:
tak.la/4k6rh2p