* حملت مريم الطفل الصامت الذي فيه تختفي كل الألسن!
حمل يوسف من فيه تختفي الطبيعة وهي أقدم من الزمن!
صار العالي طفلًا، وفيه يختفي كنز الحكمة الذي يغني الكل!
مع أنه "العالي جدًا" إلا أنه رضع اللبن من مريم،
هذا الذي كل الخليقة ترضع من صلاحه!
عندما كان يرضع اللبن من أمه، كان يُرضع الكل بالحياة!
بينما كان يرتمي على صدر أمه، كانت الخليقة كلها ترتمي في أحضانه.
كرضيعٍ كان صامتًا، لكن كانت الخليقة كلها تنفذ أوامره!
في السنوات الثلاثين (ثلاثة وثلاثين) التي قضاها بالجسد على الأرض، كان يدبر كل الخليقة، فكان يتقبل كل تسابيح السمائيين والسفليين!
هو بكليته في الأعماق، وهو بكليته في الأعالي!
هو بكامله مع كل الأشياء، وهو بكامله مع كل منها على حدة!
بينما الحمل بالابن يتم في الأحشاء، كان يكَّون الأجناء في الرحم!
مع أن جسده كان ضعيفًا في الأحشاء، إلا أن قوته لم تكن ضعيفة!
وهكذا أيضًا كان جسده ضعيفًا على الصليب،
بينما لم تكن قوته ضعيفة على الصليب، إذ كان يحيي الموتى...
أنظر كيف يحرك الخليقة كلها بقدرته وهو على الصليب:
لأن به أظلمت الشمس، وتزلزلت الأرض، وتفتحت القبور، وخرج الأموات!
أنظر كيف وهو بكليته على الصليب كان بكليته في كل مكان!
هكذا وهو بكليته في الأحشاء، هو بكليته في كل مكان!
وهو يُصلب كان يفتح القبور، وهو في الأحشاء كان يكَّون الأجناء!
كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
تعالوا أيها الأخوة اسمعوا بخصوص ابن الواحد السري،
الذي ظهر في الجسد، بينما قوته كانت مخفاة!
لأن سلطان الابن مطلق. الرحم لا يحده، والجسد لا يقف قدامه...
أحضر له المجوس مرًا (ولبانًا) وذهبًا، بينما تختفي فيه كل كنوز الغنى.
المر واللبان (والذهب) الذي خلقه وأوجده، أحضره له المجوس،
فمما له أحضروه له!
بقوة منه استطاعت مريم أن تحمله في حضنها، هذا الذي يحمل كل الأشياء!
أرضعته لبنًا هو هيأه فيها، وطعامًا هو صنعه.
كإله أعطى مريم لبنًا، ثم عاد فرضعه منها كابن الإنسان!
يداها كانت تعريانه، إذ أخلى هو نفسه...
ذراعاها احتضنتاه، من حيث كونه قد صار صغيرًا!
قوته عظيمة، من يقدر أن يحدها؟ لكنه أخفى قياسها تحت "الثوب".
فقد كانت أمه تغزل له وتُلبسه، إذ أخلى نفسه من ثوب المجد...
البحر سكن وهدأ عندما حمله، فكيف استطاع حضن يوسف أن يحمله؟!
أحشاء الجحيم أدركته، فانفجرت أبوابه، فكيف احتوته أحشاء مريم؟!
الحجر الذي على القبر تدحرج بقوة، فكيف اشتملته ذراعا مريم؟!
لقد تنازلت لترفع الكل إلى الحياة...
من يقدر أن يتكلم عن ابن الواحد السري، الذي جاء لابسًا الجسد من الرحم؟
جاء ورضع اللبن كطفلٍ، وبين الأطفال ابن الله كان يزحف.
رأوه كطفلٍ صغيرٍ في الطريق، بينما يسكن فيه حب الجميع!
كان الأطفال المرئيون يحيطون به في الطريق،
وكان الملائكة غير المرئيين يحيطون به في خوف!
كان بشوشًا مع الصغار كطفلٍ، مخوفًا لدى الملائكة كآمرٍ!
كان مخوفًا لدى يوحنا أن ينحني ليحل سيور حذائه،
وكان (الرب) رقيقًا مع الخطاة الذين قبَّلوا قدميه!
الملائكة كملائكة رأوه، وكل إنسان حسب قياس معرفته أدركه...
لكن هو والآب لهما المقياس الكامل للمعرفة،
فالآب وحده هو الذي يعرفه كما هو!
لأن كل الخليقة علوية أو سفلية تنال قياسها في المعرفة (وإن أدركته كإله لكن لا تدركه كما هو...)
أما رب الكل فهو الذي يهب كل شئ لنا...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/nativity/baby.html
تقصير الرابط:
tak.la/s943jn2