St-Takla.org  >   books  >   fr-tadros-malaty  >   mary-1-orthodox-faith
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي - القمص تادرس يعقوب ملطي

41- القديسة مريم كنموذج للكنيسة

 

 التسبحة الرئيسية التي تُرنَّم يوميًا في الشهر المريمي، شهر كيهك، قبل عيد الميلاد، تتكوَّن من مختارات من سفر المزامير تمدح الكنيسة كمسكنٍ للإله المتجسد. لم يكن هذا بغير معنى أن تمدح الكنيسة كل الشهر المريمي، لأن ما قبلته القديسة مريم كان لحساب الكنيسة كلها.

فالقديس مار أفرآم السرياني ينسب للكنيسة ما هو خاص بالقديسة، إذ يقول:

[مباركة أنتِ أيتها الكنيسة،

تحدث إشعياء عنكِ في تسبحته النبوية المفرحة، قائلًا: "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا".

يا لسرّ الكنيسة المخفي[149].]

ويربط القديس كيرلس بابا الإسكندرية بين القديسة مريم والكنيسة قائلًا: [لنُمَجِّد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدسة. لنُسَبِّحها مع الابن العريس كلي الطهارة. المجد لله إلى الأبد[150].]

 

يؤكد القدّيس أمبروسيوس أن القديسة مريم هي "نموذج الكنيسة[151]"، كما يُقَرِّر القديس أغسطينوس أن [مريم هي جزء من الكنيسة، عضو مقدس، عضو ممتاز، العضو الاسمى، لكنها تبقى عضوًا في الجسد الكلي (أي غير منفصلة عن بقية الأعضاء)[152].] في الحقيقة يمكننا أن نرى كل مراحل حياة القديسة مريم كأيقونة جميلة للكنيسة، فعلى سبيل المثال نذكر الآتي:

1. يرى القديس إيرينيؤس[153] أن فرح مريم وتسبحتها أثناء البشارة، كانا عملين نبويِّين صُنِعَا بواسطة القديسة مريم باسم الكنيسة. ويُقَدِّم القديس يعقوب السروجي (446 م.) ذات الفكرة إذ يقول: [كانت العذراء الحكيمة فمًا للكنيسة، سمعت تفسير (التجسد الإلهي) من أجل خلقة العالم كله.]

St-Takla.org Image: A mosaic by Angelo Inganni made in 1840, with Madonna and Jesus as a child between Mark the Evangelist and Saint Peter, above the door of the church. Below, the symbols of the four Evangelists and God the Father (against the Coptic faith) between Saint Ambrose and a bishop (Saint Augustine?). - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء عمل الفنان أنجيلو إنجاني عام 1840، وفيها القديسة مريم العذراء مع الطفل يسوع، ما بين القديس مرقس الإنجيلي والقديس بطرس الرسول. وهي موجودة أعلى باب الكنيسة، وأسفل اللوحة يوجد رموز الإنجيليين الأربعة يتوسطهما صورة الله الآب (ضد العقيدة القبطية)، والقديس أمبروسيوس، وأحد الأساقفة (ربما القديس أغسطينوس) - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

St-Takla.org Image: A mosaic by Angelo Inganni made in 1840, with Madonna and Jesus as a child between Mark the Evangelist and Saint Peter, above the door of the church. Below, the symbols of the four Evangelists and God the Father (against the Coptic faith) between Saint Ambrose and a bishop (Saint Augustine?). - Chiesa San Marco: St. Mark Church, Milan (Milano) Italy. Its groundbreaking was on 1245, but completed on 19th century. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 4, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء عمل الفنان أنجيلو إنجاني عام 1840، وفيها القديسة مريم العذراء مع الطفل يسوع، ما بين القديس مرقس الإنجيلي والقديس بطرس الرسول. وهي موجودة أعلى باب الكنيسة، وأسفل اللوحة يوجد رموز الإنجيليين الأربعة يتوسطهما صورة الله الآب (ضد العقيدة القبطية)، والقديس أمبروسيوس، وأحد الأساقفة (ربما القديس أغسطينوس) - صور كنيسة القديس مرقس (مارمرقس)، ميلانو (ميلان)، إيطاليا. وقد بدأت عام 1245 ولكن انتهى البناء في القرن التاسع عشر. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 4 أكتوبر 2014.

2. زيارة القديسة لنسيبتها أليصابات تحمل رمزًا لإرساليات الكنيسة في العالم كله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن الكنيسة مثل القديسة مريم هي ابنة صهيون، عذراء فقيرة، أَمَة الرب، ممتلئة نعمة، تحمل كلمة الله روحيًا، يلزمها أن تلتهب بالرغبة في الالتقاء بقريبتها - أي الالتقاء بالجنس البشري، لتُعلِن لهم خلاص الله. "ما أجمل على الجبال قدميّ المبشر المُخبِر بالسلام.. القائل لصهيون قد ملك إلهكِ" (إش 52: 7). يشير القدّيس أمبروسيوس إلى هذه الإرسالية قائلًا عن القديسة مريم إنها ترنَّمت التسبحة الخاصة بـ"تُعَظِّم نفسي الرب.." وهي مُسرِعة عَبْر تلال يهوذا كرمز الكنيسة المسرعة على تلال القرون[154].

3. عند الصليب يَكمل تمثيل القديسة مريم للكنيسة، كقول القدّيس أمبروسيوس: "ستَكون ابنًا للرعد إن كنتَ ابنًا للكنيسة (لمريم). ليقل لك السيد المسيح أيضًا من على خشبة الصليب: "هوذا أُمك" ويقول للكنيسة "هوذا ابنكِ". عندئذ تبدأ أن تكون ابنًا للكنيسة، إذ ترى المسيح منتصرًا على الصليب".

* وقفت أمه لا تبالي بالخطر الذي يحدق بها، وذلك من أجل غيرتها للتقوى. استهان هو بمخاطره، وقَدَّم لأمه صفوًا تقويًا. تعلمنا القراءة هنا أنه يلزم اتباع الحنو المادي، وتوقير الأبناء (لأمهاتهم)..

أعلن أن هذه التي ولدت الله بقيت عذراء. ومع ذلك فسُلمت بطريقة سرائرية ليوحنا، الأصغر (بين التلاميذ). هنا سرّ الكنيسة التي ارتبطت قبلًا بالمظهر، وليس عمليًا بالشعب القديم، ولكنها إذا ولدت الكلمة مزروعة في أجساد الناس وعقولهم خلال الإيمان بالصليب ودفن جسد الرب بوصية الله، اختارت أن تتبع الجنس الأصغر[155].

 القدّيس أمبروسيوس

* لكي تتعلَّم بأكثر تدقيقٍ من الكتاب المقدس الإلهي أنه ليس فقط يُدعى "ابًا" من هو أب طبيعي بل وغيره أيضًا (الآباء الروحيين)، اسمع ماذا يقول الرسول؟ "لأنه وإن كان لكم ربوات من المُرشِدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرون، لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 15:4). كان بولس أبًا للكورنثيين، ليس لأنه ولدهم حسب الجسد بل خلال التعليم، وولدهم مرة أخرى حسب الروح.

اسمع أيضًا أيوب: "أب أنا للفقراء". لقد دعا نفسه أبًا، ليس لأنه ولدهم جميعًا، بل من أجل اهتمامه بهم.

وابن اللٌه الوحيد نفسه عندما سُمِّر على الشجرة وقت الصلب لما نظر مريم أمه حسب الجسد ويوحنا تلميذه المحبوب جدًا من تلاميذه، قال له: "هوذا أمك". وقال لها: "هوذا ابنكِ"، مُعَلِّمًا إياها أن تصب حبها "الوالدي"[156] فيه، شارحًا بطريقة غير مباشرة ما قيل في لوقا: "وكان أباه وأمه يتعجبان منه[157]"، هذه الكلمات التي يتصيدها الهراطقة قائلين أنه وُلِد من رجل وامرأة.

فكما دُعِيَت مريم أمًا ليوحنا من أجل حبها الوالدي وليس لأنها أنجبته، هكذا دُعِي يوسف أبًا للمسيح من أجل عنايته بتربيته وليس لأنه أنجبه. إذ يقول الإنجيل: "لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" (مت 25:1).[158]

القديس كيرلس الأورشليمي

* إنه الابن البتول الذي قبل الأم البتول ميراثًا من الرب[159].

القديس جيروم

* نال ذاك التلميذ مئة ضعف أكثر مما تركه عندما استلم أم ذاك الذي وهب كل شيءٍ[160].

القديس أغسطينوس

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[149] Hymns n Nativity 5:5.

[150] Sermon 4, addressed at the Council of Ephesus. PG 77:996.

[151] In Lucan 2:7. PL 15:1555.

[152] Sermon 25 De Verbis Evangelli Mat. PL 46:938.

[153] Ad Haer. 3:10: 2,3 PG 873f.

[154] De Instit. Virginis 14:87.

[155] Exposition 10: 129, 132, 134.

[156] الكلمة اليونانية تُسْتَخَدم عن الحب الذي للأم أو الأب تجاه الابن أو العكس حب الابن لوالديه.

[157] لو 33:2 "وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه".

[158] مقال 7: 9.

[159] Letter 127:6.

[160] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate, 119: 3.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/mary-1-orthodox-faith/church-symbol.html

تقصير الرابط:
tak.la/gap5gj2