باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين
تقدَّم واحد من التلاميذ إلى الرب يسوع قائلًا: "علِّمنا يا رب أن نصلِّي، فقال لهم متى صلَّيتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات..." (لو 11: 1-4). ونحن نردِّد هذه الصلاة الربانيَّة التي علَّمها ربنا يسوع لتلاميذه في كل يوم وفي كل طلباتنا وصلواتنا، أحيانًا نردِّدها بسرعة وبلا فهم غير عالمين بالحقيقة أن كل كلام الرب كلام حيّ، أي من يردِّده تتجدَّد فيه الحياة والقوَّة، لذلك نحتاج إلى أن نصلِّي بهدوء، وأن نقرأ الكتاب المقدس بتروٍّ حتى يكشف الله عن أعيننا، فنرى شخص ربنا المسيح الحقيقي الذي هو أبرع جمالًا من كل بني البشر، ونحس أن الكلام الذي يكلِّمنا به -في الإنجيل- هو روح وحياة.
لقد دخل الآباء القدِّيسون إلى العمق لأنَّهم أدركوا أهميَّة الكلمة في حياتهم، فصلُّوا بانسحاق بالروح وبالذهن وفتحوا قلوبهم وأذهانهم لكلمة الإنجيل، فأعطتهم وأغنتهم وأفاضت عليهم حكمة تسمو على حكمة كل العالم.
لذلك يا عزيزي متى صلَّيت لا تسرع ولا تصلِّ بشفتيك فقط ولا تردِّد الكلام دون فهم ووعي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل اهدأ وتكلَّم بعقلك وروحك وإحساسك لأنَّك واقف أمام الله. إن "أبانا الذي..." التي نردِّدها كثيرًا تأمَّل فيها القدِّيس أغسطينوس هذه التأمُّلات الهادئة الجميلة التي نوردها لك في هذا الكتاب.
إن الله الذي أعطى القديس أغسطينوس كلمات النعمة، وهذا الفهم الروحي العميق لكلمة الله، إله عادل يعطيك حينما تصلِّي بهدوء وفهم ومن قلبك – يعطيك إحساس الحياة من خلال الكلمة فتحيا وتوجد وتتحرك بالرب يسوع. إن أبسط الناس المؤمنين قادر أن يتأمَّل في الصلاة، وفي كلام الإنجيل تأمُّلات قويَّة ونافعة بشرط أن يصلِّي ويقرأ بهدوء وسكون وانسحاق ودون عجلة في الفكر أو القلب.
جرِّب يا أخي العزيز أن تدخل مخدعك وتغلق بابك فعلًا، وتحجب عن نفسك كل التيَّارات والأفكار والهموم لتشعر أنَّك في حضرة الرب. حينئذ يشرق هو على عقلك وعلى قلبك وعلى مشاعرك، فترنِّم وتقول مع المرتل: "بشفتيَّ أظهرتَ كل أحكام فمك، وفرحتُ بطريق شهاداتك مثل كل غني، بوصاياك أتكلَّم وأتفهَّم في طرقك، بفرائضك ألهج ولا أنسى كلامك" (مز 119).
تعال الآن يا عزيزي لنتأمَّل عظه القديس أغسطينوس عن الصلاة الربانيَّة، لكي في كل مرَّة نصلِّيها يفتح الرب عقولنا لنُدرك القوَّة المخفيَّة وراء هذه الصلاة التي علَّمنا إيَّاها الرب يسوع في الإنجيل. الرب قادر أن ينفعنا بصلوات أبينا القديس أغسطينوس ويعوِّض أبانا القس تادرس يعقوب الذي قام بترجمة هذا الكتاب.
مكتبة كنيسة العذراء بمحرم بك
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/lords-prayer/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/3wgncqd