ما هي الكنيسة إلا الحياة الجديدة الُمقامة في المسيح يسوع، والتمتع بخبرة عمل المسيح الخلاصي... هي استمرار لعمل السيد المسيح النبوي والكهنوتي والملوكي...
إذ نحتفل بالقداس الإلهي ندخل كما إلى بيت الفخاري (إر 18) لنرى مسيحنا الفخاري السماوي تمتد يده إلينا نحن الطين ليجعل منا آنية مكرمة تحمل في داخلها جسد الرب ودمه كنزًا سماويًا.
بالقداس الإلهي نلتقي مع المسيح الذبيح، فنصير كنيسة المسيح، جسده، التي تشاركه بذله وآلامه وصلبه، فتختبر حياته وقيامته!
يصير لنا الألم سمة رئيسية في حياتنا، لا كوصية نلتزم بطاعتها، وإنما كثمر طبيعي لتمتعنا بالثبوت في المصلوب وسكناه فينا.
في الإفخارستيا نصير جسد المسيح، لا بصورة رمزية، بل أعضاءً حقيقية بالنسبة للرأس (1 كو27:12)، وأغصانُا في الأصل وكما يقول القديس أغسطينوس: [أنتم فوق المائدة! أنتم داخل الكأس(7)!] وهو بهذا إنما يعني أننا كأعضاء جسد المسيح صار لنا شرف أن نقدم حياتنا ذبيحة حب للّه، وأن نُبذل من أجله.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
مرة أخرى يرى القديس أغسطينوس في القداس الإلهي كأن السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم يقدم للّه أبيه كنيسته ذبيحة جامعة، تشاركه حبه الباذل. ففي حديثه عن الكنيسة، مدينة اللّه، يقول: [هذا ما تقدسه الكنيسة خلال سر المذبح! إذ وهي ترفع القرابين للّه تقدم نفسها قربانًا له(8)].
في أول رسالة بعثها لي المتنيح القمص بيشوي كامل عند سفره إلى لوس أنجيلوس عام 1969 كتب لي: [إننا وإن كنا قد إفترقنا بالجسد لكننا نجتمع معًا حول المذبح والذبيحة المقدسة]. هذا هو مفهومنا للاحتفال بالقداس الإلهي... إنه تلاقٍ للكنيسة كلها حول المذبح الواحد والذبيحة الواحدة، وكما يقول الرسول بولس: "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد، جسد واحد، لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد" (1 كو17:10). ويقول القديس أغسطينوس: [ينشأ سر سلامنا ووحدتنا فوق مذبحه(9).]
أخيرًا في الاحتفال بالقداس الإلهي نتعرف على طبيعة الكنيسة السماوية، فإننا إذ نلتقي بالمسيح السماوي يحملنا إلى حجاله السماوي كنيسة سماوية. يقول القديس أمبروسيوس: [إنهم يسرعون تجاه الوليمة السماوية(10)]، ويقول الأب ثيودور: [في كل مرة نخدم ليتورجية هذه الذبيحة، يليق بنا أن نحسب أنفسنا كمن هم في السماء(11)!] ويقول القديس إيريناؤس: [يلزمنا أن نعرف بالخبرة أننا ننال الحياة الأبدية، لا من طبعنا، بل بقوة هذا الكائن الأسمَى "الإفخارستيا"!]
في احتفالنا نرتفع فوق الزمان والمكان، حيث ننال مسيحنا الذي لا يشيخ ولا يخضع للزمن، بل يدخل بنا إلى أبديته.
_____
(7). Serm.229 to the new-baptized.
(8). City of God 10:6:23; Serm. 227.
(9). Serm.272 to the new-baptized.
(10). Myster. 43.
(11). Catech. hom. 15:20.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/liturgy/church-life.html
تقصير الرابط:
tak.la/w4z25gx