قد تقول: "مكتوب: إن أخطأ إنسان إلى الرب، فمن يصلي من أجله؟!" (1 صم 2: 25). أية صعوبة يثيرها هذا التساؤل: "من يصلي من أجله؟" طالما لم يقل: "لا يصلي أحد من أجله"، بل قال: "من يصلي من أجله؟" بمعني أنه لم ينفِ الصلاة، لكنه يتساءل عمن عنده الاستعداد للصلاة من أجله.
هذا يشبه ما جاء في المزمور الخامس عشر: "يا رب من ينزل في مسكنك، من يسكن في جبل قدسك" (مز 15: 1)، فهو لا يقصد انعدام من ينزل في مسكن الرب أو السكنى في جبل قدسه، لكنه يتساءل عمن يستحق هذا... أو من يُختار لهذا...
بنفس الطريقة يجب أن نفهم العبارة "فمن يصلي من أجله؟!" أي أنه ينبغي أن يوجد أُناس في سموٍ روحيٍ يصلون لأجل المسيئين في حق الرب. وبمقدار جسامة الخطية بمقدار احتياجهم إلى الصلوات.
فعندما أخطأ الشعب عابدًا العجل... لم يصلِ عنهم أي شخص من أفراد الجماعة بل موسى نفسه، فهل كان موسى مخطئًا؟! بالتأكيد لم يخطئ بصلاته من أجلهم، إذ استحق أن يطلب ونال ما طلبه. فأي حب كهذا... حتى قدم نفسه لأجل الشعب قائلًا: "والآن إن غفرت خطيتهم، وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت" (خر 32: 32).
ها نحن نراه لا يفكر في ذاته، كإنسان ملأته الأوهام والشكوك، كمن يقدم على ارتكاب معصية... إنما بالأحرى كان يفكر في الكل ناسيًا نفسه، غير خائفٍ من أن يكون بذلك عاصيًا، إنما يطلب إنقاذ الشعب من خطر العصيان.
إذن بحق قيل: "فَمَنْ يصلي من أجله؟!" بمعنى أنه يلزم وجود من هو كموسى يقدم نفسه لأجل الخطاة، أو مثل إرميا النبي، الذي بالرغم من قول الرب له: "وأنت فلا تصلِّ لأجل هذا الشعب" (إر 7: 16). إلاَّ أنه صلى من أجلهم، ونال لأجلهم الغفران. ففي وساطة نبي كهذا وصلاته تحرك الرب وقال لأورشليم التي ندمت على خطاياها قائلة: "... قد صرخت إليك النفس في المضايق والروح في الكروب، فاسمع يا رب وارحم، فإنك إله رحيم. ارحم فإننا قد أخطأنا إليك" (باروخ 3: 21). فأمرهم الرب أن ينزعوا ثياب النوح والتنهدات قائلًا: "اخلعي يا أورشليم حلة النوح والمذلة، والبسي بهاء المجد من عند الله إلى الأبد" (با 5: 1).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/kindness-with-sinners/pray.html
تقصير الرابط:
tak.la/ah3xrht